الوقت- خرجت صحيفة الأخبار اللبنانية بقاعدة بياناتٍ نقلتها عن وزارة الصحة السعودية وتعود لضحايا موسم الحج منذ 14 عاماً. وهو الأمر الذي يكشف بالدليل زيف ادعاءات الرياض، ومحاولتها استخدام سياسة التعتيم من أجل رفع المسؤولية. في حين يتساءل الكثير من المسلمين عن مستوى الرضوخ لدى البعض، في القبول بإيلاء السعودية هذه المسؤولية الإسلامية الشريفة. فيما شكَّلت أرقام هذه البيانات فضيحة كبيرة تحتاج للوقوف عندها. وهو الأمر الذي سنقوم بتبيينه لأهميته كما أوردته صحيفة الأخبار، مُلخَّصاً بتصرف.
سردٌ قبل المعلومات بحسب الصحيفة
في ذكرى كارثة منى، نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية قاعدة بياناتٍ تفضح الدور السعودي في موسم الحج، منذ تسلُّم آل سعود إدارة هذه المناسك. وهي البيانات التي أشارت الصحيفة الى أنها تشتمل على معلوماتٍ حول الحجاج المتوفين منذ 14 عاماً حتى اليوم، وتعود لوزارة الصحة السعودية ويمكن العودة لهذه القاعدة بالضغط هنا ( قاعدة البيانات، المسرّبة).
هذا العام هو الموسم الـ 93 من الحج الذي تُديره السعودية. تُشير الصحيفة الى أنه يأتي في ظل أعمال توسعية يشهدها الحرم، مما انعكس تقليصاً لعدد الحجاج الوافدين من مختلف العالم الى جانب الأثر الذي شكلته فاجعة منى العام الماضي والتي لم يعرف أحد حتى الآن تفاصيلها. فيما أكدت الأخبار أن تحقيقها سيكشف وثيقة رسمية توضح سوء الإدارة والتضليل، ليس في موسم الحج الماضي فحسب، بل طيلة الـ 14 سنة الماضية.
بحسب الصحيفة فإنه وبعد عامٍ من الحادثة، قاطعت العديد من العواصم الإسلامية موسم الحج السنة الحالية. حيث أن علامات الشك لا تزال مُرتسمة حول تعاطي حكومات الدول المعنية مع الكارثة. فبعد عام مرّ على حادثة مِنى، لم تُجرِ الرياض ما وعدت به من تحقيقات، وبقيت مئات العائلات من مختلف دول العالم، تعيش حالة الإنتظار للتعرف على قبور أبنائها أو إلى جثثهم، أو حتى معرفة ما جرى لهم حقيقة. وهو الأمر الذي زاده سوءاً، مُسارعة السعودية إلى دفن الكثير من الحجّاج دون التعاطي مع الأمر بمسؤولية، مما ساهم في طمس هويات الكثيريين.
تعتبر الأخبار أن السعودية تحوَّلت من فاشلٍ في إدارة موسم الحج الى مجرمٍ حقيقي. وهو ما تستدلُّ عليه من خلال عدّة دلائل، يتصدّرها تمويه الرياض للأرقام الحقيقية لضحايا الكارثة الى جانب رفض السعودية إقالة أيّ من المسؤولين عن إدارة شؤون الحجّ لا سيما وزير الحجّ، بندر بن حجّار والذي لا يزال على رأس الوزارة حتّى اليوم. أمّا ثالث الدلائل بحسب الصحيفة فهو عدم تجاوب الرياض مع دعوات التعويض لأهالي الضحايا، أو إعطاء معلومات حول مواضع القبور. فيما تعتبر مماطلة السعودية في إصدار نتائج التحقيقات أو كشف خيوطها مراهنةً على الزمن لإنساء المسلمين، دليلاً يُضاف الى ما تقدم، ليُثبت أن السعودية حوَّلت نفسها الى مجرمٍ حقيقي.
ما كشفته بيانات الأخبار
تكشف البيانات التي فضحتها الأخبار وعلى امتداد 3121 صفحة، معلومات 90267 حاجاً لقوا حتفهم في مواسم الحج منذ عام 1423هـ الى العام 1437هـ، أي على امتداد 14 عاماً. فيما توضح البيانات أسماء الحجاج وأعدادهم وأجناسهم وجنسيّاتهم وأعمارهم وتواريخ وفاتهم دون إيضاح ما إذا كان ذلك يشمل المعتمرين أو أنّه اقتصر على الحجّاج فقط. ثم قامت الصحيفة بمقارنة حقيقة ما تفضحه البيانات وتحديداً أرقام المتوفين، مع الإعلانات الرسمية للرياض. فخلال حوادث الحج وبحسب إحصاءات السلطات السعودية، توفّي جرّاء ما تسمّيه الرياض "حوادث سببها التدافع" بين عامي 1990 و2015، قرابة 3200 حاجّ. وفي حال قمنا بإضافة ضحايا الحوادث المتفرقة مثل الحرائق والإشتباكات بين العامين 1975 و2015، يُصبح الرقم بحسب البيانات المُعلنة الرسمية للرياض 4500 حاج. في حين تُظهر البيانات المُخبَّأة أكثر من 90000 من الضحايا.
وهنا فإن الكارثة الكبرى بحسب الصحيفة، تعود الى حجم التساهل والتهاون في أرواح المسلمين، خصوصاً مع القيام بخفض عدد الضحايا بشكل كبير. حيث يبدو واضحاً أن سياسة التعتيم والإيهام مثَّلت استراتيجية السعودية الثابتة لها على مرّ السنوات، خصوصاً التي حصلت فيها الحوادث. كما أشارت الصحيفة الى أن الأرقام التي تداولتها بعض الجهات لم تكن بعيدة عن الواقع. حيث أن البيانات المسربة تُبرز أن عدد من قتلتهم حادثة منى لا يقل عن 7000 شخص. وهو ما يُناقض إعلان الرياض الرسمي والذي تضمن 769 قتيلاً. في حين تقول الصحيفة إن البيانات تكشف أعداد أكبر من المُعلن لدول إسلامية أخرى غير إيران، مثل مصر وباكستان وإندونيسيا. وفي دليلٍ على عدم أهلية الرياض لإدارة مناسك موسم الحج، فقد جرى الإشارة الى عدد كبير من الضحايا تحت مسميات "مجهول رقم كذا" أو "مجهول" أو "أشلاء" أو "تجميع أشلاء"!
أثبتت حقائق التاريخ ومنذ أن استولى آل سعود على الأرض الشريفة، وقاموا بإدارة مناسك الحج، أن الرياض لم تكن يوماً أهلاً للمسؤولية. في حين يطرح المسلمون أسئلة كثيرة، للأنظمة الإسلامية العربية والتي لم تتعاط بقدر المسؤولية مع مقدسات المسلمين وحرماتهم. وهو ما يُوفِّر للأسف غطاءاً لإدارة السعودية لهذه المناسك. في حين تُعتبر البيانات التي تم فضحها اليوم دليلاً لكل الذين اعتبروا أنه لا يوجد حجة تُدين السعودية.