الوقت- وصل بنا المطاف بأن نشهد تحول فريضة الحج مادة للتجاذبات السياسية و تصفية للحسابات و عرضة للإستغلال في العديد من الأمور، لا بل أكثر من ذلك إذ أصحبت فريضة حصرية بالأغنياء و أصحاب الأموال، و بات الفقير يتحسر اشتياقاً من أجل زيارة بيت الله الحرام و الطواف حول الكعبة المشرفة.
اذ اشتكى عدد من الحجاج من غلاء أسعار حملات الحج في بلدانهم هذا العام، وعبّروا عن تذمرهم مما اعتبروه "استغلالا وجشعا" من بعض القائمين على تنظيم أمور الحجاج و تأمينهم.
و في هذا السياق ننقل لكم عينة من هذه المعاناة إذ قال الجزائري سعيد بوعباد، 55 عاما، إنه دفع 670 ألف دينار جزائري، (6 آلاف دولار أميركي)، لإحدى حملات الحج، لكنه وجد الخدمات المقدمة من قبل الحملة دون المأمول رغمانه انفق كل ما ادخره آملاً حصوله على ظروف مناسبة تراعي تقدمه في السن.
واتهم بوعباد، القادم للحج من مدينة عنابة شمال شرقي الجزائر، القائمين على بعض حملات الحج بـ”استغلال الموسم”، ورفع التكاليف والأسعار بـ”صورة جنونية”.
واضطر المزارع والي محمد، 50 عاما، القادم للحج من ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، إلى ركوب البحر و المخاطرة بصحته من جرّاء إرهاق الرحلة، بسبب غلاء أسعار الرحلات الجوية و ما يرتبط بها من فيز و ما شاكلها من سمسرات.
وأوضح أن الرحلة على متن الباخرة كلفته 18 ألف جنيه سوداني (3 آلاف دولار أميركي)، كما مكث يوما ونصف اليوم في البحر، واصفا خدمات الباخرة بالـ “بائسة”.
ويؤكد محمود عبد الودود (42 عاما) من الشرقية في مصر، أن “أصحاب الحملات لا يرحمون أحدا، “دفعت 40 ألف جنيه، وكانت الرحلة متعبة جدا وغير منظمة”.
لكن عبد الودود يستدرك “التعب والتكاليف لا يمكن مقارنتهما بزيارة هذا المكان المقدس، ولو سنحت لي الفرصة أن آتي إلى هنا كل عام لما وفرت جهدا ولا مالا”
هذه العينة من آراء بعض الحجاج تعكس معاناة مئات الآلاف ممن حضروا الحج لهذا العام و الملايين ممن لم يستطيعوا ان يأمّنوا هذه المبالغ للقدوم وبقيوا رهناء الحسرة و الإشتياق.
و الجدير بالذكر أن العوائق أمام الحجاج لم تقتصر على غلاء الأسعار فقط مؤخراً إنما على السماسرة و المستغلين الذين يحتكرون الفيز في السوق السوداء و لا تعطي إلا لصاحب المال أو السلطة، فضلاً عن بعض العوائق و المخاوف من حوادث الحج التي لا تنفك تحصل في كل موسم و يروح ضحيتها العشرات من الحجيج، كما أن معاناة البعض ترتبط بمشاكل سياسية فيما بين الدول العربية و الإسلامية، الأمر الذي يحرمهم الحج بسبب منع رعايا هذه الدول من القدوم إلى الحج بحجج عديدة خلفيتها سياسية.