الوقت- تكشف المعطيات الواردة من أكثر مصدر على مواقع التواصل الإجتماعي وبحسب تصريحات خبراء، بأن الوضع الإقتصادي في مملكة الرفاه متأزم.
تبيّن للرياض أن عام ونصف من القصف والغارات التي استهدفت الشعب اليمني، وراح ضحيتها آلاف الأطفال والمدنيين لم تحقق أي هدف سياسي، بل كان لها دور فاعل في بداية الإنهيار الإقتصادي في السعودية، الأمر الذي بات واضحا من خلال شكاوى المواطنين السعوديين بشأن ارتفاع الأسعار وكثرة الضرائب وعدم اتزانها مع مايناسب المعاش الشهري للمواطن.
وفي هذا التقرير سنورد للقارئ التصريحات التي أدلى بها مواطنين وخبراء سعوديين حول خطورة الوضع الإقتصادي في المملكة، وماله من تأثير على حياة المواطن المعيشية، والسبب الذي أدى الى هذا التدهور المعيشي للسكان.
تلجأ حكومات الخليجیة الى الضرائب لتحميل المواطن عبء سد العجز المتفاقم في ميزانياتها
تفاقمت شكاوى السعوديين من ارتفاع الاسعار، وتزايد خوفهم من استفحال ظاهرة الضرائب العلنية او المستترة، والسؤال عن أأسباب تبخر احتياطاتهم المالية، ومستقبلهم وأجيالهم القادمة.
وعلاوة على السعودية تواجه كل من قطر والبحرين والامارات، عجوزات كبيرة في ميزانيتها السنوية، وتطبق كل من هذه الدول إجراءات تقشفية بسبب تراجع أسعار النفط.
ارتفاع الاسعار يعود بالدرجة الاولى الى رفع الدعم عن السلع الاساسية، مثل الماء والكهرباء والوقود، الامر الذي يمتد الى سلع اخرى بشكل آلي، اما الضرائب وزيادة الرسوم، فباتت الوسيلة التي تلجأ اليها حكومات الخليج الفارسي لتحميل المواطن والمقيم عبء سد العجز المتفاقم في ميزانياتها.
ولابد من القول بأن السعودية في الوقت الراهن تعيش وضعا اقتصاديا وسياسيا حرجاً، بسبب تراجع احتياطاتها المالية من حوالي 800 مليار دولار قبل ثلاثة أعوام، الى حوالي 440 مليار دولار في ظل عجز في الميزانية يصل الى مئة مليار دولار في العامين الماضيين، وارتفاع نفقات عدوانها المباشر في اليمن، وغير المباشر في سورية.
والأمر الأكثر خطورة هو أن السلطات السعودية لم تكتف بإلغاء الدعم او تخفضيه على السلع الاساسية، وفرض ضرائب وغرامات، وزيادة الرسوم لتخفيض العجز وتقليص اعتماد ميزانية الدولة على النفط، بل لجأت ايضا الى الاقتراض بشقيه الداخلي والخارجي، من خلال إصدار سندات محلية والحصول على قروض خارجية، وبلغت المحصلة العامة حوالي 150 مليار دولار، حسب بعض التقديرات.
شكاوى السعوديين من غلاء الأسعار
وتداول نشاطون على مواقع التواصل الإجتماعي الإنتقادات على إعلان السعودية لميزانية العام 2016 حيث برزت عدة أوسمة من بينها "رفع أسعار البنزين والكهرباء"، ليعبروا عن امتعاضهم من هذه القرارات مستخدمين عبارة دوّنوها على تويتر إلى هاشتاغ: "#الراتب_مايكفي_الحاجه" تعبيرا عن غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في مقابل تدني الأجور وفرص الحصول على وظائف.
وترافق هذا الهاشتاغ ا مع آخر حول #تقليص_الراتب، وذلك في رد على إقرار مجلس الوزراء السعودي منذ مدة وجيزة "برنامج التحوّل الوطني 2020"، الذي يندرج في إطار "رؤية السعودية 2030" التي أعلنها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في نيسان/أبريل الماضي.
واعتبر مغردين أن الحكومة السعودية "تعتزم خفض رواتب المواطنين"، حيث كتب أحد المغردين على تويتر: "الرواتب بالسعودية غير عادلة للمواطن والغلاء مستمر والراتب يتقلص #الراتب_مايكفي_الحاجه".
ودوّن المواطن السعودي "ياسر الماضي" هاشتاغ انتقد فيه سياسة النظام السعودي حيال الرواتب وغلاء الأسعار، قائلا: "يعود من جديد #الراتب_مايكفي_الحاجه، هل ستكون هناك إستجابه؟"
وقال مغرّد آخر: "الأسعار ارتفعت وأجور العمالة ارتفعت والعالم يشكي ومازال سلم الرواتب نفسها من عام١٩٧٠، ياعالم خافوا الله #الراتب_مايكفي_الحاجه".
وكثرت مؤخرا شكاوى السعوديين من ازدياد معدل البطالة في المملكة، وارتفاع الأسعار بشكل عام، بالإضافة إلى أزمة الإسكان، ما دفع ناشطين على تويتر إلى تناول هذه الموضوعات في أكثر من مناسبة.
فأكد من جهة أخرى احد القادمين من السعودية، لـ"رأي اليوم" وجود حالة من التململ في اوساط المواطنين السعوديين، بسبب تصاعد حرب بلادهم في اليمن دون وجود اي افق بنهاية وشيكة، والخوف من استفحال ظاهرة الضرائب، وما يمكن ان يترتب عليها من أعباء معيشية باهظة.
وأضاف المصدر السعودي الخبير في الشؤون الإقتصادية، قائلا: إن خطورة ظاهرة الضرائب هذه من المفترض ان تأتي في إطار عقد اجتماعي وسياسي جديد بين الحاكم والمحكوم، اي ان تكون هناك مشاركة سياسية اوسع، ورقابة تشريعية، وحريات إعلامية، وخدمات عامة جيدة للمواطنين وهذا ما لا يحدث.
وقال المصدر الذي لم طالب بعدم ذكر اسمه: أنتم في بريطانيا تدفعون ضرائب عالية، ولكنكم تأخذون في المقابل تعليم جيد، ورعاية صحية ممتازة، ومواصلات كفوءة، وأمن، وتقاعد سخي، وبرلمان منتخب، وقضاء مستقل، وصحافة حرة، بينما لا يحصل المواطن السعودي إلا على خدمات رديئة جدا في كل المجالات، حتى ان قرارا صدر قبل ايام بعدم تقديم اي علاج لضحايا الحوادث الطوارئ المرورية في المستشفيات العامة إلا بعد دفع شركات التأمين النفقات مسبقا.
دولة قطر بدأت في فرض ضريبة مطار مقدارها عشرة دولارات على كل مسافر، ومن غير المستبعد ان تلجأ دول خليجية اخرى الى فرض الضريبة نفسها، فحجم العجز في الميزانية القطرية هذا العام يصل الى 13 مليار دولار، وهو مرشح للاستمرار طوال السنوات الثلاث المقبلة، إلا اذا طرأ ارتفاع كبير على اسعار الغاز والنفط، وهذا امر غير مرجح، حسب آراء معظم الخبراء، مضافا الى ذلك ارتفاع تكاليف مشاريع البنى التحتية لمنشآت كأس العالم التي ستقام في الدوحة عام 2020.
هذه الضرائب تخلق حالة من القلق في أوساط المواطنين السعوديين، لأنها تشكل خرقا للعقد الاجتماعي والسياسي بينهم وبين الحاكم، المتبع منذ ما يقرب نصف قرن على الأقل، مضافا الى ذلك ان هذه الضرائب التي تبدأ قليلة حاليا مرشحة للارتفاع بشكل كبير في المستقبل.
الحقيقة المؤكدة هي أن الواقع الذي يعيشه المواطن السعودي يلفت النظر الى أن تكاليف نظام المملكة الباهظ لمواصلة العدوان العسكري على اليمن، وما له من تداعيات هائلة على الإقتصاد، لاسيما بعد أن ارتفعت الأسعار الى حد غير مسبوق.
وفي النهاية، إن قرارات الحروب غير المدروسة، والمساعدات الخارجية ذات الطابع المزاجي، ودعم جماعات إرهابية هنا وهناك، بالإضافة الى ملفات الفساد والمحسوبية، سيحول من دولة الرفاه الى مملكة تتآكل، الأمر الذي ينبئ بتململ اجتماعي وسياسي، قد يتطور الى احتجاجات تفتح ملفات عديدة.