الوقت- أرسي الكيان الاسرائيلي لنفسه إستراتيجية مستقبلية للتعامل مع الدول الأفريقية وخاصة في غربي هذه القارة مبدأها إقرار التفاعل بينه و بين الدول الأفريقية عبر مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية على أن لا يقتصر هذا التفاعل على الجهات الرسمية فقط بل يذهب إلى أبعد من ذلك عبر إشراك المدنيين الأفارقة بنفس قدر إشراك الرسميين في هذا التفاعل كما سعى بكل جهده فى تسخير علاقاته مع الغرب وأمريكا وجالياته في كل أنحاء العالم لتوفير الموارد المادية لتهئية الأرض الأفريقية لحملة موحدة ومنسقة بمساعدة المنظمات غير الحكومية اليهودية والجمعيات اليهودية الأمريكية والأجسام الرسمية الأخرى للتأثير طويل المدى على القارة اللإفريقية.
ويتوغل اليهود في أفريقيا هذه الفترة بشكل سري مدهش في ظل تجاهل الشعوب الافريقية المنكبة على البحث عن الأكل والشرب؛ فالافريقي لا يهمه السياسة الخارجية لأفريقيا بقدر ما يهمه السّياسة الداخلية ويرحب بجميع المستثمرين الأجانب، ولا يهمّه انتماءتهم الفكريّة والدّينية ومِن هنا تكمل الخُطورة ، فإهمال السّياسة الخارجية الافريقية تخريب لافريقيا ومستقبلها الزاهر.
ويعمد الاسرائيلي الى تعكير صفوة الودّ بين مختلف الشّرائح المستثمرين في أفريقيا، ففي أفريقيا شرائح مختلفة تستثمر فيها، منهم عرب وغيرهم، وهذا التّوغل المسموم يعيق بعض المستثمرين العرب أمثال اللّبنانيين وبعض العرب .
ويجند الكيان الاسرائيلي الشّباب الأفارقة للمشاركة في حروبهم ضدّ الفلسطينيين، وهناك أفارقة كثيرون الآن من غرب أفريقيا ضمن القوات الاسرائيلية النّخبة، وشوهد في الحرب الصهيونية على غزة مؤخرا عبر الشّبكات العنكبوتية شاب من جمهورية غينيا كوناكيري في غرب أفريقيا المسلم يقاتل مع الاسرائيليين ضدّ الفلسطينين العزل وهناك نماذج كثيرة اخرى.
كما يجند الكيان الاسرائيلي الجواسيس والأمنيين في أفريقيا، لتصفية كل رأس أفريقي مسلم أو غير مسلم يعارض الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، ويحرض ضدّهم في كلامه أو في كتاباته، وهذه التّصفيات ستتم بأدوات ذكية من الصعب أن يكشف الانسان الأفريقي البسيط عنها.
ويحاول الكيان الاسرائيلي تحويل أفريقيا إلى معسكر اسرائيلي لتصفية الحسابات بين الصهاينة والمقاومة العربية وغير العربيّة، مثل حزب الله المموّل من كبار التجار اللبنانيين الشيعيين في أفريقيا، والشّركات الأمريكية اللاتينية كالأرجنتين، والبرازيل، وكوبا، وفنزويلا، فهذه بلدان مهمّة لأفريقيا، ومحبوبة لدى أحرارها وقد بينت مواقفها مرارا وتكراراً ضد اليهود ، ولديها استثمارات ضخمة في أفريقيا وسيعمل الاسرائيليون جاهدين لتقويض مصالح هذه البلدان، وغسل دماغ المسؤوليين الأفارقة، لتحويل هذه المصالح لدول أخرى صديقة للكيان الاسرائيلي انتقاما وردّة فعل، وتصفية حسابات مع هذه الدول.
ويدعم الكيان الاسرائيلي الفوضى الممنهجة الخلاّقة في أفريقيا، وفي كل المجالات، في الجانب الفكريّ والدّيني والثّقافي، فتوسعة رقعة الاسلام في أفريقيا يضرّ بالصهاينة لأنّ عدوهم الأوّل في العالم هو الاسلام والشّريعة الاسلامية.
كما تدعم تل ابيب القوى العلمانية والليبرالية في أفريقيا، وتوفر الأموال والمعدات والأفكار اللازمة لها، بغية محاربة القيم الأفريقية المناسبة أكثرها للرسالة الاسلامية المتمثلة في بعض العادات والتّقاليد، حتّى في الملابس، وفي الأكل والشّرب، وفي الحِشمة، وتربية الأطفال والنساء في المنزل، وملابس النساء وطريقة التعامل معهنَ ، فالصهاينة سيعملون في أفريقيا لتدمير القيم الأخلاقية النبيلة للأفارقة وتبديلها بالسّفور والدعارة وتخريب الفتيات والنساء وتدمير سلطة الأبّ في المنزل لتحويل أفريقيا إلى قارة فاشلة دينيا وثقافيا كما تعمل الآن في الدول العربية عبر الفضائيات وغيرها.
ان الكيان الاسرائيلي يجند الان ايضا الأفارقة للماسونية العالَمية الخَطيرة، تلك الحركة السّريّة التي يقودها الصهاينة من تل أبيب، وأمريكا ودول أوروبية كما تزرع الالحاد في عقول الأفارقة، ليكرهوا الاسلام وعقيدته السّمحة، ولهذا يدعم الصهاينة كل أفكار الفلاسفة المسمومة الشّاكّة للدين، لنرى أفريقيا قارة ملحدة.
ويعمد الاسرائيليون ايضا الى زرع الكره للفلسطينيين والعرب في نفوس الأفارقة، ليجدو مساندة أفريقية لقضيتهم وهم يروجون في أفريقيا أنّ فلسطين كانت تحتوى سوداً فيها، لكن قتلهم العرب الفلسطينيون كلهم أجمعين كرها للسود وتصفية عرقية في مرحلة من التاريخ، قبل مجيئ اليهود إلى أرضهم الميعاد، وهذه كلها أكاذيب واباطيل يجب بيانها للناس، ويدعمون التوراة المنحرفة والانجيل المنحرف للتأكيد أن فلسطين أرضهم وليس للعرب.
ان الكيان الاسرائيلي يضع هدفا امامه وهو تهويد الأفارقة في كل ربوع أفريقيا، ونقل العقول الذكية منهم إلى تل أبيب لمساعدتهم بالآراء القيمة وسبل التأثير على الافريقي وهناك معابد يهودية في أفريقيا يتكاثر فيها الأفارقة يذهبون إليها بغرض جمع الأموال فيقعون في الفخ.
كما يدعم الكيان الاسرائيلي المدارس الخاصّة والحكومية الفرنسية والانجليزية والبرتغالية على حساب العربية والاسلامية في أفريقيا، والهدف هو محاربة اللّغة العربية والدراسات الاسلامية واستئصالها من أفريقيا كلياً انتقاماً للعرب والاسلام معاً، وتحريض السّلطات الأفريقية على تهميش المتعمد للمسلمين والشباب المتعلمين المستعربين ولو كانوا يمتلكون الكفاءة اللّغويّة والعلمية في الدولة وهذه العقلية هي السائدة في أفريقيا وفي مفاصل الدولة، وبخاصة الدول التي تسكنها الأغلبية المسيحية.
وتعتمد علاقة الكيان الاسرائيلي بدول غرب إفريقيا على تحقيق المصالح، وبرغم انه اتجه للقارة منذ فترة إلا أن علاقته بها غير ثابتة وتحددها المصالح في المقام الأول، كما أن الكيان الاسرائيلي وضع الدول الإفريقية على قائمة استهدافاته منذ فترة بعيدة من أجل ضرب العمق الإفريقي والعربي وتفتيته إلى دويلات صغيرة يمكن السيطرة عليها، وفرض الهيمنة عليها.
واستهدف الكيان الاسرائيلي بذلك إعادة توزيع القوى في المنطقة على نحو يجعل منها مجموعة من الدول الهامشية المفتقدة وحدتها وسيادتها مما يسهل عليه الاختراقات، وبالتعاون مع دول الجوار غير العربية سيطرعلى الدول الإفريقية الواحدة تلو الأخرى.
وهكذا يبدو التوغل الاسرائيلي في غرب افريقيا خطيرا الى درجة تحتم على الدول العربية والاسلامية تشكيل مجموعة عمل مشتركة للتصدي لهذا التوغل والتواصل مع الدول الافريقية من اجل توعية شعوبها وحكامها ازاء هذا الخطر الجسيم.