الوقت- يعتبر احكام الطوق على الارهابيين في حلب السورية ضربة قاصمة وجهها محور المقاومة للجماعات الارهابية المسلحة وحماتهم، وفي حال حفظ هذا الانجاز فإنه سيؤدي الى احداث تغييرات إستراتيجية في الأزمة السورية على المدى المنظور والبعيد.
ان عمليات حلب التي تعتبر إنجازا كبيرا في السنوات الأخيرة بالإضافة الى الانجازات العسكرية الأخرى مثل التقدم وتثبيت المواقع في مناطق أخرى وخاصة في شمال محافظة اللاذقية وريف دمشق ومحافظة دير الزور وجبهة الجنوب، كلها قد تأثرت بعوامل داخلية وخارجية ينبغي الإشارة اليها.
على الصعيد الداخلي يمكن القول ان سيطرة الجيش السوري على بعض المناطق وخاصة في ريف دمشق وكذلك إجراء الانتخابات البرلمانية ومن ثم تشكيل حكومة تكنوقراط تنفيذية بدلا من حكومة لوجستية، والتحسين النسبي للخدمات الحكومية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة قد أرسل اشارة الى الشعب السوري بأن النظام يثبت نفسه ولذلك شهدنا عودة بعض النازحين الى مناطقهم و توقع أكثر المحللين إستبعاد سقوط النظام.
ونظرا الى هذه المستجدات وقرب إنعقاد مفاوضات السلام السورية يسعى بعض الجماعات المسلحة وبدعم إعلامي ومالي وتسليحي من حماتهم العرب والغربيين الى ايجاد وحدة فيما بينهم لكي يكسروا الطوق المضروب عليهم ولايكونوا الطرف الأضعف في المفاوضات لكنهم لم ينجحوا في مسعاهم هذه بسبب مقاومة الجيش السوري.
اما خارجيا فقد أثرت التطورات الداخلية في تركيا على الجماعات المسلحة التي تدعمها أنقرة في سوريا حيث إنشغل المسؤولون الأتراك بشدة بالإنقلاب وتبعاته، كما أجبرت المشاكل الإقتصادية المسؤولين الأتراك على الإعتقاد بضرورة ايجاد تغيير في علاقاتهم مع جيرانهم مثل روسيا وايران والعراق وحتى سوريا لكي يحلّوا قسما من المشاكل الإقتصادية التركية عبر التعامل الإقتصادي وهذا تسبب بحدوث تغيير في سياسات تركيا الداعمة للمسلحين الإرهابيين في سوريا.
من جهة أخرى ومع إشتداد الهجمات الإرهابية للجماعات التكفيرية في اوروبا ومطالب الشعوب الأوروبية فإن الدعم المقدم للمعارضة السورية قد شهد تراجعا وأدرك الأوروبيون ان الجيش السوري وقوى المقاومة هم القوة الوحيدة القادرة على قمع الجماعات التكفيرية، لكن رغم ذلك يحجم الأوروبيون عن بيان هذه الحقيقة بسبب خلافاتهم الجدية مع محور المقاومة، وهذه الإزدواجية تطيل عمر الأزمة السورية.
أما السعودية التي تعتبر من الداعمين الرئيسيين للجماعات المسلحة في سوريا تعاني بدورها بشدة من الأزمة الإقتصادية التي أثرت ايضا على اوضاع المعارضين السوريين.
وهكذا يبدو أن التطورات التي تشهدها الأزمة السورية وإنتصارات المقاومة في حلب ستدفع الأمور بإتجاه حدوث تطورات إستراتيجية خارجية وداخلية وهذا بدوره له تبعات محتملة، وإن أهم هذه التبعات هي:
- تبديل الجماعات المسلحة المعارضة من قوة لتغيير النظام الى قوة ضغط لتحقيق الأهداف الإقليمية للدول التي تدعمها
- تراجع الدور التركي في التطورات السورية وتضعيف أكبر للجماعات المسلحة المرتبطة بتركيا
- تثبيت السيادة السورية على معظم المدن والعودة التدريجية للمهجرين الى أماكن سكنهم
- تدعيم مواقع الجيش السوري وحلفائه وإشتداد تحركات المسلحين في الجنوب والشرق وكذلك ريف دمشق بسبب وجود الحدود مع الأردن ولبنان حيث يستطيع حماة إلارهابيين مدهم بالمال والسلاح
- احتمال تزايد الهجمات والعمليات الإرهابية والإنتحارية في المدن وأماكن التجمعات الشعبية، فالمسلحين حينما يواجهون الهزيمة في الميدان يزيدون من عملياتهم الإرهابية
- احتمال تزايد المطالبات الدولية لوقف اطلاق النار، فهذا سلاح الدول الغربية والعربية للنفوذ في المنظمات الدولية تحت عناوين إنسانية لمنع تقدم الجيش السوري والمقاومة
إن الطوق المضروب على الإرهابيين الآن في حلب والذي يعتبر ضربة كبيرة للإرهابيين وحماتهم سيؤدي في حال استمراره الى هزيمة هؤلاء ولذلك ينبغي على محور المقاومة الآن ان يرصد الخطوات المحتملة للطرف الآخر ويتخذ الخطوات العسكرية والدبلوماسية المناسبة لمنع تحقيق خطط وبرامج هؤلاء.