الوقت- مواجهة عالمية مفتوحة هي ما تتعرض لها حركة أنصار الله في هذه الفترة و بعد الانتصارات المتتالية التي حققتها على أكثر من صعيد، و كونها حركة مناهضة للهيمنة و الفساد فهي حكما حركة ساقطة بنظر أمريكا و حلفائها فأجندتها وطنية اصلاحية و هذا ما تخشاه أمريكا.
توالت التداعيات على الصعيد اليمني بين حصار ديبلوماسي عبر اغلاق بعض السفارات الى مشاريع قرارات لفرض عقوبات اقتصادية و سياسية على حركة أنصار الله التي باتت تمسك بزمام المبادرة في المشهد اليمني و التي دخلت محور المقاومة من أوسع أبوابه رغم بعد اليمن الجغرافي نسبيا عن المناطق الساخنة باستثناء ما يعاني منه الداخل من أعمال عنف بتوقيع القاعدة التي تحظى بدعم علني سعودي سافر تحت مسمى دعم رجال القبائل الموالية لها.
أما على المقلب الاخر فقد حظي الحراك اليمني بدعم روسي صيني ايراني، دعم من شأنه أن يثبت هذه الحركة و يساندها لاستكمال مشروعها الذي لا زال ينتظره الكثير من المحطات التي تطلب ثبات رغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه اليمن منذ ما قبل الربيع العربي حتى و الذي تفاقم خلال السنوات الأربع الماضية.
حصار اليمن من قبل المحور الغربي العربي خصوصا الأمريكي السعودي بدأ باغلاق سفارات أكثر من دولة في العاصمة اليمنية فبعد اغلاق السفارة الأمريكية في اليمن و اجلاء الرعايا الدبلوماسيين و العسكريين، أغلقت كل من السعودية وإيطاليا وألمانيا الجمعة سفاراتها في صنعاء، وأجلت عامليها بدعوى الوضع الأمني الصعب.
و كان قد سبق السعودية ألمانيا وإيطاليا اللتين أعلنتا اغلاق سفارتيهما في اليمن يوم الجمعة الفائت، و قد لحقتهم الامارات العربية التي أغلقت سفارتها في العاصمة صنعاء و أجلت رعاياها في ظل تدهور الوضع الأمني على ما أعلنت وزارة خارجية دولة الامارات.
و بالتوازي مع اغلاق السفارات أحبطت روسيا مشروع قرار خليجي يرمي الى فرض عقوبات اقتصادية على حركة أنصار الله و يدين ما سمته "انقلاب حركة أنصار الله على الدستور" الا أن الفيتو الروسي كان حاضرا لمنع تمرير المشروع.
و في الوقت الذي تعمل فيه بريطانيا والأردن على صياغة مشروع قرار جديد، مبني على المشروع الخليجي الذي فشل مجلس الأمن في إقراره، أصبح جليا أن المحور المقابل لأمريكا و حلفائها يقف بوجه سياسة تحجيم أنصار الله فبعد المواقف الروسية الداعمة للحركة من خلال استخدام الفيتو في مجلس الأمن برز الموقف الصيني بوضوح من الأحداث اليمنية فقد أكد السفير الصيني في اليمن، تيان تشي، أن أعضاء بعثة بلاده يمارسون أعمالهم في صنعاء «من دون أي قلق».
وفي حديث صحافي، قال إن أعضاء البعثة الدبلوماسية الصينية سيبقون في مراكزهم وسيواصلون عملهم بالسفارة، مشيرا إلى أنه وكل أعضاء السفارة سيحتفلون خلال الأسبوع المقبل بعيد "الربيع الصيني"، في صنعاء التي وصفها بـ"العاصمة الجميلة"، مضيفا: (اليمن بلدنا الثاني لما يتمتع به البلدين من علاقات متميزة منذ عشرات السنين).
و أكد السفير الصيني أن حكومة بلاده ستعمل على زيادة الدعم المقدم لليمن بالإضافة إلى رفع الجهود في زيادة الاستثمارات الصينية في اليمن، لافتا إلى أن المرحلة المقبلة، ستشهد مزيدا من التعاون الوثيق بين البلدين الصديقين، وأنه سيبذل كل ما في وسعه في سبيل الارتقاء بمستوى تلك العلاقات.
و بعد فشلها في تمرير مشروع القرار في مجلس الأمن، تجتمع دول مجلس التعاون اليوم في الرياض لبحث التطورات اليمنية و الوقوف على الوضع الذي خرج عن دائرة تحكمهم.
السعودية التي تعتبر الخاسر الأكبر من تبدل الأوضاع في خاصرتها الجنوبية، لم تكتف بالمواجهة السياسية و الدبلوماسية، بل ذهبت الى تسليح عناصر القاعدة و القبائل الموالية لها في اليمن عبر حدودها الجنوبية، لدعمهم ضد أنصار الله، خصوصا في محافظة مأرب الشمالية و التي تعتبر مركزا غنيا للموارد الطبيعية و التي تستحوذ على اهتمام سعودي كبير كونها تحد السعودية من الجنوب.
مصريا، نقلت وكالة الأسوشيتد برس عن مسؤولين أمنيين مصريين، طلبوا عدم ذكر هويتهم، قولهم إن مصر جهزت قوة تدخل سريع يمكنها التدخل، إذا هدد الحوثيون الممرات الملاحية في البحر الأحمر الاستراتيجي.. لافتين إلى أن هذه القوة، تأتي من الجيش الثالث (الميداني)، الذي يدير العمليات الأمنية والاستخباراتية في البحر الأحمر من مقره في (محافظة) السويس، شرقي القاهرة.
ووفقا للوكالة "يقع اليمن على أحد جوانب مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي الضيق للبحر الأحمر. ويصل الممر السواحل المصرية والسعودية بقناة السويس في مصر، وهو الطريق البحري الرئيسي لحركة النفط من منطقة الخليج الفارسي وأضاف المسؤولون" ان المصريين والسعوديين ينسقون للقيام بتدخل عسكري مشترك ضد الحوثيين بذريعة حرية الملاحة في باب المندب".
الأمم المتحدة أيضا كان لها نصيب من التهويل على الوضع اليمني فقد أعلن المبعوث الدولي لليمن جمال بن عمر أمام مجلس الأمن أول من أمس أن الوضع في اليمن على حافة الهاوية متخوفا من سيطرة القاعدة على الجنوب، مشيرا الى أن الدولة لن تستطيع دفع رواتب الموظفين في الأشهر المقبلة و هذا ما نفاه محافظ البنك المركزي اليمني، محمد عوض بن همام، مؤكداً أن الوضع النقدي والمالي لا يزال في الحدود الآمنة. مشيرا أن رواتب الموظفين مؤمنة للأشهر المقبلة داعيا لتوخي الدقة في نقل المعلومات.
و تبقى الأيام القادمة كفيلة لاظهار أي المشروعين سيطبق في اليمن هل هو مشروع السيطرة على حلم الشعب اليمني في التحرر من قيود التبعية لدول المنطقة أم أن لمحور المقاومة الذي أصبح اليمن في صلبه كلمة أخرى و مفاجئات!!