الوقت- منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي، إمتازت العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي الناتو بالصعود والهبوط بين الفينة والأخرى، فعلى الرغم من أنه وفي كثير من الأحيان كانت هناك نقاط مشتركة بين الطرفين ووصلت إلى نجاح في العمل جنباُ إلى جنب بغية حل القضايا والمشاكل الدولية، إلا أنه و في أحيان أخرى تعارضت النقاط المشتركة لدرجة أنه لم يكن من الصعب جداً أن يصل النزاع بينهما إلى حرب باردة جديدة.
ومع ذلك، فإن العلاقات بين الناتو وروسيا تشير إلى أن علاقتهما المستقبلية ستكون على أساس الشراكة والصراعات في الجغرافيا السياسية الإستراتيجية، التي يراها نقاد بأنها تمتاز بالديمومة لذلك يرى النقاد بأن الطرفين يمكن أن يتعاونا في بعض الحالات، في الوقت الذي يمكن أن يكون هناك إختلافات جذرية عندما يتعلق الأمر بالنزاعات الجيوسياسية.
الشراكة الروسية في حلف شمال الأطلسي
يرى البعض بأن إمكانية شراكة روسيا في حلف شمال الأطلسي تعود إلى أوائل عام 1990 عندما قام الرئيس الروسي، بوريس يلتسين بالضغط الدولي من أجل شراكة بلاده في المؤسسات والمنظمات الغربية الأكثر أهمية، وسط شكوك بصحة هذا السيناريو الذي كان قد أنهى الحرب الباردة وسباق التسلح بين روسيا والغرب الذي يبلغ أشده الأن، وهنا يجب الإنتباه إلى نقطتين:
الأولى: حلف الناتو قد شكل بالأصل لمواجهة روسيا ففي السنوات الماضية قام الحلف بالإحتفاظ على مسافة من الصراع الدائر بينه وبين روسيا، لذلك ومع عضوية روسيا في منظمة حلف الناتو، لن يكون هناك أي سبب لوجود حلف شمال الاطلسي.
الثانية: إنه ومن خلال السنوات الماضية، وبسبب العديد من النزاعات والخلافات، إنخفضت رغبة روسيا في إقامة تحالف مع الدول الغربية إلى حد كبير، فحتى روسيا الأن ليست صاحبة رغبة كبيرة بالإنضمام إلى حلف شمال الاطلسي.
إقامة الشراكة دون العضوية
ووفقا لهذا السيناريو، فهناك حاجة إلى نظام عام لتعزيز التعاون بين الجانبين من دون الحاجة إلى عضوية روسيا في منظمة حلف شمال الأطلسي، وقد تم إختبار هذا السيناريو في السنوات الماضية، حيث قام الجانبان بالتعاون والتنسيق في مختلف القضايا، ومع ذلك، ومع إندلاع أزمات مختلفة في أوروبا وأماكن أخرى من العالم فقد إزدادت التوترات بين الطرفان وأسفرت عن تدمير الإتفاقيات والشراكات، فروسيا والناتو لديهما مواقف مختلفة تماماً عن الأزمات في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وجورجيا وأوكرانيا.
تصاعد الخلافات إلى حد حرب باردة أخرى
وطبقاً لهذا السيناريو، فإن الخلافات بين الجانبين ستستمر، وسوف تمضي في سياق حرب باردة جديدة، وذلك تزامناً مع زيادة الإنتشار العسكري على الحدود في أوروبا الشرقية، وتشكيل نظام الدفاع الصاروخي وإزدياد حدة الخلافات حول القضايا الدولية الملحة التي يمكن أن تكون جميع نتائجها تصب في سياق هذا السيناريو.
التعاون والمنافسة
أما حول هذا السيناريو، فإن العلاقات بين الناتو وروسيا على وشك أن تستند على التعاون الجيوسياسي والمنافسة في نفس الوقت، حيث يوجد هناك تعاون ملحوظ بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، مع وجود منافسة باتت واضحة في بعض المجالات الأخرى.
فعلى سبيل المثال، أظهرت كلاً من روسيا والناتو مصالح متبادلة للتعاون في القضايا الأمنية مثل مكافحة الإرهاب وإنتشار أسلحة الدمار الشامل، وحل النزاعات الإقليمية، وفي نفس الوقت يوجد بين روسيا والناتو خلافات حول موضوعات مثل تأثير الموضوعات الجيوسياسية، الأمر الذي يسبب لهما التنافس بشكل كبير.
وأخيراً ينبغي القول بأن كلاً من روسيا والغرب، لا يمتلكان وجهات نظر إيجابية تجاه بعضهما البعض، حيث يوجد في موسكو فكرة ثابتة بأن الغرب يحاول إضعاف روسيا بأي وسيلة ممكنة والهدف النهائي من سياسة الناتو هو تحويل روسيا إلى واحدة من الدول الثانوية والفرعية، حيث إن خطط أمريكا تقوم على أساس تطويق روسيا مع أنظمتها في الدفاع الصاروخي بغية إركاع الكرملين.
ومن ناحية أخرى، يعتقد الغرب بأن الكرملين يسعى لإستعادة الإمبراطورية المفقودة من خلال ضم أو تدمير الجمهوريات السوفياتية السابقة أو حتى الدول السابقة في حلف وارسو، وفي الوقت نفسه، فإن أزمة الأوكرانيا المندلعة الأن، وبناء درع للدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية، والمناورات العسكرية، والتعزيزات العسكرية من كلا الجانبين يمكن أن تؤثر على التفاعلات المستقبلية بين روسيا والناتو، وفي هذا الصدد يقوم كل جانب يرصد الإجراءات التي يقوم بها الأخر حتى يتمكن من التصرف والإستجابة بشكل مناسب وسط مخاوف مراقبين دوليين بإمكانية تحول الحرب الباردة إلى أي سياق أخر محتمل من خلال إستمرار إنصياع الناتو لأمريكا.