الوقت- في الوقت الذي تتجه الدولة الأردنية إلى تغيير النهج الذي تتبعه مع التيار السلفي من ضربه عسكرياً من خلال الهجمات التي تشنها القوات الأردنية على تنظيم داعش الارهابي في سوريا، الى محاولة تغيير الخطاب الديني المسيطر والمنتشر في عدة محافظات أردنية، تدور تساؤلات عدة حول الدور الأردني في مكافحة داعش الارهابي اليوم، وهي الدولة التي طالما دربت مقاتلي هذا التنظيم واحتضنتهم منذ البداية. وما يؤكد ذلك تصريحاتٌ من الداخل الأردني، تتحدث عن تقصير الدولة الأردنية في معالجة ملف التيار السلفي، إن على الصعيد الداخلي، أو من خلال إعطاء الأهمية لضرب التنظيم الارهابي عسكرياُ في سوريا، دون العمل على حلول جذريةٍ أخرى. فما هي حقيقة دورالدولة الأردنية المشبوه فيما يتعلق بالتعاطي مع ملف داعش الارهابي والتيار السلفي؟؟
أولا: حقيقة الدور الأردني الرسمي والغزل المتبادل مع التيار السلفي
يجمع المراقبون على أن الأردن دوماً كان خزاناً للسلفيين المتطرفين بل للأردن دور أساسيٌ في نشأتهم بالأساس وما حصل في الآونة الأخيرة حيث، قرر النائب العام لمحكمة أمن الدولة الأردنية فسخ قرار الظن الصادر عن محكمة أمن الدولة على المشتكى عليه عصام البرقاوي(منظر التيار السلفي) وهو الملقب بـ«أبي محمد المقدسي» بتهمة التحريض على مناهضة الحكم، وبالتالي تم منع محاكمته والإفراج عنه فوراً ما لم يكن مطلوباً لأمر آخر، بعدما كان مسجوناً في سجن الموقر لمدة 100 يوم بتهمة الترويج لأفكار إرهابية. أليس مريباً إطلاق سراحه وفي هذا الظرف بالتحديد؟
في الوقت ذاته لا يمكن تجاهل موقف جماعة "الإخوان المسلمون" الأردنية التي تمتلك مع التيار السلفي ناصية الكلام والخطابة في كل المناسبات، والتي تتلعثم عندما يتعلق الأمر بـ«داعش الارهابي»، وتتهرب من قول كلمة واضحة حول هذا التنظيم. فالأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية للأخوان المسلمين)، حمزة منصور، لم يجد في جريمة قتل الكساسبة أمراً مستنكراً غير طريقة اقترافها! وأضاف منصور أنه «يدين الأعمال الإرهابية، ولا يدين داعش»، لكنه رفض وصف أعضاء التنظيم بالإرهابيين، وهو ما قد يدلّ على وجود تعاطف رسمي من الجماعة مع مشروع داعش.
في سياق متصل، كشف نبيل الكوفحي المسؤول عن الملف السياسي في المبادرة الأردنية للبناء والتقدم «زمزم»، وهي الجماعة المنشقة عن الإخوان المسلمين، في حديثه لجريدة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر يوم الإثنين في 9 شباط، كشف أن قناعات «زمزم» تقول إن التدخل الأمني والعسكري للأردن غير كاف، ولم ينجم عنه "إلا فشل حقيقي في التعامل مع الملف السلفي"، واصفاً إياه بالتعامل القاصر. وأضاف أن "الدولة الأردنية تعتمد تبليغ المفهوم الأمني والعسكري للتعامل مع هذه الظاهرة، لكن ذلك لن يجدي نفعا، إذ يجب اتخاذ خطوات جادة في الإصلاحات السياسية والعدالة المجتمعية"
وفي نفس السياق أشار المتخصص بالجماعات الإسلامية مروان شحادة في حديثه إلى «السفير» الى أن تحركات الأردن الرسمي هي ردة فعل طبيعية في ظل عاطفة الأردنيين الراغبة بالانتقام للكساسبة، وأكد بأن "مشاعر الغضب هذه قد تكون لحظية، وأن المسؤول الأردني لن يقوم بأي ردات فعل في هذا الظرف استناداً إلى العواطف الجياشة، إلا إذا كانت محسوبة بدقة"
ثانياً: الضربات العسكرية الأردنية لداعش وموقف الدول منه لا سيما الموقف السوري
نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قوله خلا توقيع اتفاقٍ ثنائي مع بيلاروسيا، أن دمشق لن تسمح باختراق سيادة أراضيها بحجة محاربة تنظيم داعش الارهابي، مؤكدا أن الدولة السورية ليست بحاجة لقوات برية تدخل بغية محاربة التنظيم، مشيراً الى أن الجيش العربي السوري يقوم ببسالة بهذه المهمة، مضيفاً الى أن أي ضربة جوية ضد عناصر تنظيم "داعش الارهابي" أو "جبهة النصرة" دون التنسيق مع الحكومة السورية تعد عدوانا. ومن جانبه، قال وزير الخارجية البيلاروسي ماكيه " نؤكد دعمنا لسوريا وندعو المجتمع الدولي إلى العمل على مكافحة الإرهاب وحل الأزمة في سوريا بشكل سلمي" ، مضيفا أن بيلاروسيا على ثقة بأن سوريا تستطيع الخروج من أزمتها كدولة قوية أكثر مما كانت عليه ولديها آمال كبيرة بالإمكانيات المفتوحة للتعاون الثنائي.
وأشار إلى أن بيلاروسيا تعارض التدخل الخارجي بكل أشكاله في الشؤون الداخلية لأي دولة ، مشيرا إلى أنه من العبث أن نقسم بين إرهابي جيد وآخر سيئ. والحكومة السورية في طليعة من يكافح الإرهاب بكل أشكاله.
وكان سلاح الجو الأردني كثف غاراته على معاقل التظيم في سوريا والعراق لاسيما في مدينة الرقة السورية، منذ نشر "داعش الارهابي" شريط فيديو يظهر قتل الطيار معاذ الكساسبة الخميس 5 فبراير/شباط. وقد أوضح قائد سلاح الجو الملكي أن القوات الأردنية" شاركت بـ 946 طلعة من أصل 5000 مع قوات التحالف مشيرا إلى أن هذه الحرب هي حرب الأردن مع التنظيم الارهابي وتستهدف البغدادي شخصيا (زعيم التنظيم) وسنثأر للكساسبة ولوطننا".
في ظل هذه التصريحات وبالتحديد المتعلقة بالجانب السوري والأردني، وفي ظل الآراء الموجودة في الداخل الأردني والتي تعتبر دور الدولة الأردنية في محاربة داعش الارهابي دوراً مقصراً إن لم يكن مشبوهاً، لماذا لا تقوم الدولة الأردنية بالتنسيق مع الجانب السوري، في حال كان لديها الجدية في محاربة داعش؟ وماذا ستكشف لنا الأيام المقبلة عن حقيقة الدور الأردني في التعاطي مع ملف التيار السلفي والحرب مع داعش؟