الوقت- شهد العراق خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من الإنفجارت الإرهابية كان أبرزها الإنفجار الذي هزّ مؤخراً منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد وأدى إلى إستشهاد وجرح المئات من المدنيين العراقيين.
حول أسباب وخلفيات هذه الإنفجارات أجرى موقع "الوقت" التحليلي-الإخباري مقابلة خاصة مع السيد حامد الجزائري آمر اللواء الثامن عشر في الحشد الشعبي بالعراق إليكم نصّها:
الوقت: هل لكم أن توضحوا لنا أسباب ودواعي الإنفجار الذي حصل قبل يومين في منطقة الكرادة بالعاصمة بغداد والذي أدى إلى إستشهاد وجرح أكثر من مئتي مدني عراقي؟
السيد الجزائري: هناك عدّة عوامل تقف وراء هذا الإنفجار الإرهابي يمكن الإشارة إليها على النحو التالي:
- بعد الإنتصارات الباهرة التي حققتها قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي في عمليات تحرير مدينة الفلوجة من العناصر الإرهابية، والهزائم المرّة التي مُني بها تنظيم "داعش" الإرهابي في هذه المدينة، والأفراح التي عمّت جميع العراقيين بهذا النصر المؤزر، سعى الإرهابيون إلى الإنتقام من الشعب العراقي من خلال إرتكابهم لهذه الجريمة البشعة.
- يسعى الإرهابيون إلى إستهداف العاصمة بغداد والمدن العراقية الأخرى للإيحاء بأنهم ما زالوا يمتلكون القدرة على تنفيذ عمليات إجرامية وترويع المدنيين في هذه المناطق للتعويض عن هزائمهم المتكررة والمنكرة والتي كان آخرها في الفلوجة.
- بعض الإنفجارات التي تحصل في بغداد ومدن أخرى تتحمل مسؤوليتها بعض الأجهزة الأمنية التي لا تمتلك الخبرة الكافية في كشف وإحباط هذه العمليات الإرهابية قبل وقوعها، بالإضافة إلى ذلك - وهي حقيقة نقولها بمرارة - هناك بعض العناصر المندسّة في الأجهزة الأمنية تزود الجماعات الإرهابية والتكفيرية بالمعلومات التي تساعدهم في تنفيذ عملياتهم الإجرامية ضد المدنيين العزل والمؤسسات الخدمية والبنى التحتية للبلد، وللأسف الشديد لم يتم التعامل بحزم مع هذه العناصر المخربة حتى الآن.
الوقت: هل تمتلك قوات الحشد الشعبي القدرة والإستعداد للتعاون مع الأجهزة الحكومية لحفظ الأمن والإستقرار في البلاد، خصوصاً في العاصمة بغداد؟
السيد الجزائري: نعم يمتلك الحشد الشعبي القدرة الكافية على الإضطلاع بهذه المهمة، وهناك إستعداد تام للقيام بهذا الدور، وقد تم تقديم إقتراحات كثيرة للحكومة في هذا المجال لما يمتلكه الحشد من خبرة سابقة وجيدة جداً في حفظ الأمن والإستقرار في المدن المقدسة، ونأمل من الحكومة أن تستفيد من هذه التجارب الثمينة لحفظ الأمن في العاصمة.
الوقت: إستورد العراق في عام 2013 أجهزة لكشف المتفجرات من بريطانيا، ولكن تبين فيما بعد إن هذه الأجهزة مغشوشة وغير صالحة للإستخدام، و قد تم إحالة التاجر البريطاني الذي صدّر هذه الأجهزة إلى العراق إلى المحاكم البريطانية وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة عشر سنوات وهو الآن يقبع في السجن. السؤال المطروح: لماذا وافقت بريطانيا على تصدير هذه الأجهزة المغشوشة إلى العراق، ولماذا لم تبادر الحكومة العراقية إلى جمع هذه الأجهزة وإخراجها من الخدمة منذ ذلك الوقت وحتى الآن؟
السيد الجزائري: يمكن القول إن من أخطر الإجراءات التي إتخذتها أمريكا وبريطانيا القيام بتصدير هذه الأجهزة إلى العراق من أجل إضعاف مؤسساته الأمنية. فهذه الأجهزة ليست فاشلة وفاقدة لأي قدرة على إكتشاف المتفجرات فحسب؛ بل أدت كذلك إلى إلحاق أضرار أمنية جسيمة بالشعب العراقي وبناه التحتية ومؤسساته الخدمية. وتجدر الإشارة إلى أن بريطانيا قد قامت بتصدير كميات كبيرة من هذه الأجهزة الفاشلة إلى العراق ومع سبق الإصرار بهدف تنفيذ مخططها الرامي إلى زعزعة الأمن والإستقرار في البلد، ولو كانت هذه الأجهزة دقيقة وعملية لما تمكن الإرهابيون من عبور السيطرات الأمنية ولتعذر عليهم تنفيذ عملياتهم الإجرامية. ولولا ذلك لما حصلت الكثير من الإنفجارات سواء في بغداد أو المدن العراقية الأخرى.
الوقت: شهدنا تحركات واسعة للسفير السعودي في العراق "ثامر السبهان" إلى درجة إنه قام بعقد إجتماعات مع عدد من المعارضين للحكومة العراقية سواء في داخل السفارة أو خارجها. برأيكم ما هو وجه الإرتباط بين هذه التحركات المشبوهة وإنعدام الأمن في العراق؟
السيد الجزائري: نحن نمتلك أدلة دقيقة ودامغة تؤكد إنّ السفير السعودي في بغداد سعى ولا زال يسعى وبشكل منظم لإثارة الفوضى في العراق وبث الفرقة وزرع الخلاف بين أبنائه، وقد قام بتقديم رشاوى كبيرة لعدد من زعماء العشائر المعارضين للحكومة في إطار تحركاته الرامية إلى زعزعة الأمن والإستقرار في العراق خصوصاً في بغداد، ومع الأسف الشديد إرتضى بعض هؤلاء هذا الأمر وتقبلوا هذه الرشاوى وتعاونوا معه في تنفيذ مخططه الإجرامي. ونحن نعتقد بأنّ الهدف الرئيسي الذي يسعى السفير السعودي لتحقيقه هو إثارة النعرات الطائفية والقومية بين أبناء الشعب العراقي، وما يحصل الآن من صراعات ونزاعات عشائرية في جنوب العراق سببها التدخل السعودي الذي يغذّي ويكرّس هذه الصراعات بين العراقيين.
الوقت: وكيف كان ردّ الشعب العراقي على هذه التدخلات؟
السيد الجزائري: خرجت تظاهرات إحتجاجية واسعة ضد هذا التدخل من قبل كافة أطياف الشعب العراقي وقومياته وطوائفه وأحزابه وتياراته السياسية، والتي طالبت بطرد السفير السعودي من العراق وإغلاق السفارة السعودية في بغداد، أو على الأقل كخطوة أولى في هذا الطريق أن يتم إستبدال ثامر السبهان المعروف بتخصصه وتوجهاته الأمنية والإستخبارية بشخص آخر. ومن المؤكد إنّ الحكومة العراقية التي تسعى لإقامة أفضل العلاقات مع دول الجوار، ستعيد النظر إزاء تواجد هذا السفير وتحركاته المشبوهة في بغداد وخارجها إذا أصر على مواصلة تدخله السافر في الشأن العراقي.