الوقت- لم يكن قرارا عادياً ما اتخذته الحكومة البحرينية أخيراً بحق الشيخ عيسى قاسم، عندما سحبت الجنسية منه، فالشيخ قاسم هو أحد أبرز المراجع الدينية في البحرين، و يحظى بتأييد واسع بين البحرينيين، و كان من الطبيعي أن يجتاح الغضب أنصار الشيخ عقب القرار، فارتدوا أكفانهم بعدما صدحت المدائن بالتكبير و نزلوا الى الشارع فكانت الرسالة واضحة، أرادوا أن يقولوا أنهم مستعدون للإستشهاد دفاعاً عن الشيخ الرمز.
قرار سحب الجنسية سبقته أجواء و اجراءات عديدة اتخذتها السلطة البحرينية بحق المعارضة السلمية، حيث اعتقلت الناشط الحقوقي نبيل رجب، أنزلت العقوبة المشددة بالسجن 9 سنوات بحق الشيخ علي السلمان، علقت نشاط جمعية الوفاق التي يرأسها الشيخ المسجون، حلت جمعيتي الرسالة و التوعية الاسلاميتين، استدعت عدداً من رجال الدين للتحقيق و اعتقلت بعضهم، الى ان انتهى الأمر بقرار سحب الجنسية من الشيخ قاسم و ثمانية آخرين.
لم يمرّ القرار مروراً عابراً لدى بعض عواصم العالم، و كان في مقدمتها الجارة ايران، و التي حذرت عبر أكثر من مسؤول بارز فيها من تبعات القرار، و لعلى كلام سماحة آیة الله "علي الخامنئي" و الجنرال "سليماني" كان الأبرز، أيضا انزعاج واشنطن كان معلناً أيضاً عبر الخارجية الأمريكية، و كذلك الأمر بالنسبة للأمم المتحدة و باريس و منظمات حقوق الانسان، ما دفع الكثيرين الى التساؤل ما الهدف من الاجراءات الجديدة المتجددة في البحرين في هذا التوقيت؟ و ألا يخشى آل خليفة فعلاً أن يكون القرار الأخير بسحب الجنسية من الشيخ قاسم النقطة التي ستُفيض الكأس؟
من أعطى القرار بالتصعيد؟
حول هذا الأمر قالت مصادر قيادية في تيار الوفاء الاسلامي في البحرين ان "التصعيد الحالي في البحرين يتم بقرار سعودي وأميركي بالدرجة الأولى فالتصعيد في الملف البحراني جاء لتعويض الفشل وكأداة ضغط في ملفات إقليمية أخرى كالملف العراقي واليمني والسوري"، وسلطت الضوء الى ان "إجراءات النظام البحريني سبقها هزائم مدوية للمشروع السعودي على أعقاب معركتي الفلوجة وحلب وإدراج النظام السعودي على لائحة الأنظمة المنتهكة لحقوق الأطفال في اليمن".
وأوضحت المصادر الى ان "تصعيد الحكم الخليفي في جرائمه يتناغم مع الموقف الرسمي السعودي والإماراتي الداعم للتصعيد"، وشددت المصدر على ان "الموقف الأميركي والبريطاني هو موقف متواطئ ومخادع حيث عبر الطرفان عن قلقهما في هذه المرحلة بينما لم تصدر منهما إدانة واحدة للنظام البحريني عن كل ممارساته طوال السنوات الماضية"، وذكّرت ان "الإدارتين الأميركية والبريطانية كانتا تغطيان جرائم النظام البحريني وآل سعود عندما وصفتا دخول قوات ما يسمى درع الجزيرة بالشرعي والقانوني"، مبيناً ان "الحكم الخليفي يتمتع بعقود التدريب والتسليح والتعاون الأمني من هاتين الدولتين العدوتين لشعب البحرين".
وعن الأسباب و الاهداف الخفية جراء التصعيد الأخير و خصوصاً في هذه المرحلة، اعتبرت المصادر ان "من الأهداف الخفية والجوهرية لجرائم آل سعود وآل خليفة هو إشعال المنطقة"، و قالت ان "الأميركي والبريطاني يتحينان الفرصة لإيقاع الصدام بين ايران والدول في الإقليم وكل ما يجري هو بهدف افتعال شيء في هذا السياق خدمة لبقاء القواعد العسكرية الأجنبية واستمرارا لعقود السلاح الخيالية وإشغالا للمنطقة بالفتن والحروب بدل التّنمية والإصلاح".
البحرين الى أين؟
بناءاً على ما تقدمنا، ان كل الممارسات و الأزمات المفتعلة و القمعية للنظام في البحرين لن توصل الى إنهاء الازمة التي يعيشها هذا البلد بفعل أخطاء حكامه الذي لا يكادون يخرجون من ورطة حتى يرتكبون خطيئة أفظع من سابقاتها، وكل هذا المسار اللاعقلاني للنظام لن يوصله الى مكان مما يخطط له هو او من يدعمه، في ظل حكمة ووعي ومسؤولية الشعب البحريني وقياداته وفي طليعتهم ضميرهم الحي وصمام الامان آية الله "عيسى قاسم"، لذلك فالافضل للبحرين ان يستفيد النظام من هذا العقل الراجح للبحارنة والجلوس للتفكير بهدوء كيف يخرج من عنق الزجاجة التي أدخل نفسه بها والطلب من البحرينيين المساعدة لاراحة البلد وتجنيبه خضات هو بالغنى عنها.
اذا هذه الاجراءات التعسفية لن تمنع البحرينيين من الاستمرار بالاحتجاج السلمي و المطالبة بالحقوق المستحقة. و يجب على آل خليفة أن يأخذوا تهديد الجنرال "سليماني" بعين الاعتبار لأن الرجل يعد و یعمل، ولن ينفع نظام آل خليفة الندم حين لا ينفع الندم، خصوصاً بعد الإحتجاجات الواسعة التي شهدتها الكثير من الدول تاييداً للشعب البحريني الذي تظاهر بشكل سلمي وحضاري، وقدّم الكثير من الشهداء وتحمل الكثير من الأذى في سبيل نيل مطالبه المشروعة.