الوقت - رغم مرور عدّة أيام على تحرير مدينة الفلوجة على يد الجيش العراقي والحشد الشعبي من العناصر الإرهابية لاسيّما تنظيم "داعش" لا زالت أجزاء من هذه المدينة تتعرض لقصف من قبل هذه العناصر، ولا زال هناك جيوب وخلايا نائمة للإرهابيين تشكل خطراً على المقاتلين الذين حرروا الفلوجة وهم الآن يجوبون شوارعها وأزقتها لتطهيرها بالكامل.
ولغرض التعرف أكثر على أوضاع هذه المدينة إصطحبنا السید حامد الجزائري نائب الأمين العام لـ "سرايا الخراساني" المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي في العراق ليطلعنا على هذه الأوضاع بصورة أشمل وأدق.
في بداية هذه الجولة أطلعنا السيد الجزائري على منظومة الصواريخ التي تمكنت الفرق الفنية التابعة لسرايا الخراساني من صناعتها دون الإستعانة بأيّ طرف خارجي، وقد أطلق على هذه الصواريخ إسم (الخراساني 1) و (الشهيد حميد تقوي 1) وهي صواريخ قصيرة المدى وتتمتع بدقة عالية في إصابة الهدف.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن الشهيد "حميد تقوي" هو مؤسس سرايا الخراساني وقد أستشهد قبل نحو عامين في عمليات تحرير "قضاء بلد" التابع لمدينة سامراء شمال العاصمة العراقية بغداد.
وخلال جولتنا هذه تعرفنا على الكثير من مناطق شمال الفلوجة ومن بينها منطقتا "المقبرة" و"زغاريت" اللتان تم تحريرهما قبل نحو 10 أيام بعد إشتباكات عنيفة مع الإرهابيين.
ثم توجهنا إلى المقر الذي يستخدمه قادة (كتائب حزب الله) وقادة (سرايا الخراساني) في إدارة العمليات في أجزاء من الفلوجة قبل أن نتوجه إلى منطقة الكرمة شمال شرق المدينة، وكانت أصوات تبادل إطلاق النار تسمع بوضوح في هذه المنطقة.
وكانت سرايا الخراساني تستعد في ذلك الوقت لتنفيذ عمليات بالتعاون مع كتائب حزب الله لتطهير المناطق القريبة من محطة قطار الفلوجة والمجمع السكني الواقع بين قرية "المختار" وطريق الفلوجة - الرمادي.
وأثناء تقدمها في تلك المناطق تعرضت قوات "سرايا الخراساني" لإطلاق نار من قبل بعض القناصين الذين لازالوا يتمترسون في عدد من الأماكن، وأضطر المقاتلون للإحتماء بعدد من العجلات المصفحة الموجودة في تلك المناطق قبل أن يواصلوا تحركهم نحو الأهداف المرسومة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن حرارة الجو مرتفعة جداً في تلك المناطق وهناك شحّة في مياه الشرب، في حين كان الكثير من المقاتلين وقادة العمليات يؤدون فريضة صيام شهر مضان المبارك بينهم السيد حامد الجزائري والسيد علي الياسري الأمين العام لسرايا الخراساني.
وبسبب الطبيعة الصحراوية لتلك المناطق زادت الرياح العاصفة والساخنة من حرارة الجو في وقت كان فيه الكثير من المقاتلين يحملون على أكتافهم صواريخ "خراساني 1" و "الشهيد حميد تقوي 1" للإستفادة منها في قصف المواقع التي لازالت بيد الإرهابيين. وكانت فرحة المقاتلين غامرة وهم يشاهدون صواريخ الخراساني تنطلق بإتجاه أهدافها وتصيبها بدقة.
ومن الصعوبات التي كانت تواجهها قوات "سرايا الخراساني" و "كتائب حزب الله" أثناء تقدمها نحو أهدافها وجود الكثير من المدنيين المحاصرين الذين يستخدمهم عناصر "داعش" كدروع بشرية في تلك المناطق.
وما يلفت الإنتباه هنا هو الهدوء وضبط النفس العالي الذي يتحلى به قادة سرايا الخراساني وكتائب حزب الله في مواجهة المواقف الصعبة التي تتطلب الكثير من الخبرة والدراية والتخطيط السليم لمعالجتها بالصبر والحكمة، مع ضرورة الأخذ بنظر الإعتبار الحفاظ على حياة المدنيين المحاصرين في تلك المناطق.
وعقب تناول وجبة الإفطار تحركنا بإتجاه منطقة "جسر الفلوجة" مستفيدين من ضوء القمر الذي كان يشع في المنطقة التي تعرضنا فيها أيضاً إلى إطلاق نار من قبل قناصين متمترسين في أماكن لا زالت تحت سيطرتهم. ورغم ذلك تمكنت قوات سرايا الخراساني وكتائب حزب الله من الوصول إلى التقاطع الواقع بين منطقة "المجمع السكني" و "كلية الإدارة والإقتصاد" التابعة لجامعة الفلوجة، وواجهت القوات في هذا التقاطع إطلاق نار كثيف من قبل العناصر الإرهابية، وردّ المقاتلون بشجاعة منقطعة النظير على مصادر هذه النيران إلى أن تم إسكاتها بفضل حنكة القادة الميدانيين وفي مقدمتهم السيد علي الياسري والسيد حامد الجزائري.
وفي الصباح الباكر واصلت قوات سرايا الخراساني وكتائب حزب الله تحركها نحو منطقة "حي الجولان" شمال غرب الفلوجة ودارت هناك معارك عنيفة مع إرهابيي "داعش". والجدير بالذكر إن هذه المنطقة تحظى بأهمية إستراتيجية، حيث أن تحريرها يمهد الأرضية لتحرير الفلوحة بالكامل من دنس الإرهابيين. ونتيجة قصف عناصر " داعش" أصيب عدد من جنود الجيش العراقي بجروح بليغة، وتم نقلهم إلى مركز طبي مؤقت أقامته سرايا الخراساني بالقرب من هذه المنطقة، قبل أن يتم نقلهم إلى المستشفى الصحراوي العام بالقرب من مقر عمليات الفلوجة. وقد أستشهد أحد هؤلاء الجنود في الطريق قبل الوصول إلى المستشفى متأثراً بجروحه البليغة.