الوقت- مرة اخرى تتورط أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ضد المقاومة الفلسطينية وقطاع غزة، فقد كشفت حركة المقاومة الإسلامية حماس اعترافات موثقة لأفراد أمدّو هذه الأجهزة بمعلومات أسهمت في تشكيل بنك أهداف ضد المقاومة الفلسطينية في العدوان الأخير ضد قطاع غزة.
الدكتور صلاح البردويل القيادي بالحركة كشف تفاصيل مخطط تورط فيه جهاز المخابرات العامة بتحديد بنك الأهداف تحديدًا في منطقتي خزاعة والوسطى، ما أدّى لارتقاء عدد من الشهداء والقيادات المحسوبين على عدة فصائل وفي مقدمتها حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وبيّن البردويل طبقًا لاعترافات المتورطين مع جهاز المخابرات، الكشف عن تورط جهاز المخابرات بمساعدة الاحتلال في تشكيل حوالي 29% من بنك أهدافه في الحرب الأخيرة، وأن هذه الأهداف كان مصدر الإبلاغ عنها ذات الجهاز.
وقال إن 82% من هذه الأهداف التي أرسلها الجهاز للاحتلال تم استهدافها فعلًا، مشيرًا إلى أن 70% منها كانت عبارة عن أهداف حقيقية و12 % منها كانت مجرد أهداف كيدية، الغرض منها الإيقاع بالمقاومة والشعب الفلسطيني.
وأوضح أن هذه الأهداف تمثلت باستهداف مواقع للمقاومة ومؤسسات فلسطينية بالإضافة لمساجد ومنازل قيادات ومقاومين وأفراد يشتبه بأنهم من المقاومة، منبهًا إلى أن معظم هذه الأهداف كانت للقسام وسرايا القدس وأذرع عسكرية أخرى، وقد أفضت إلى استشهاد عدد من الأطفال والنساء والشيوخ وارتكاب مجازر بحق عوائل كاملة، تحديدًا في خزاعة والوسطى.
وذكر أن هذه الأهداف شكلت فقط في العدوان الأخير على القطاع، ونجم عنها استشهاد المئات من أبناء الشعب الفلسطيني بالقطاع، بناء على الاعترافات التي حصلت عليها الأجهزة المعنية من المتورطين والمشبوهين.
وكشف البردويل النقاب عن أن التقنيات التي تم استخدامها من هؤلاء العملاء التابعين لجهاز المخابرات، والتي استخدمت في ارسال المعلومات للاحتلال هي متطورة جدًا وتشبه الى حد كبير تلك التقنيات الموجودة لدى الاحتلال، ما يعني وجود حالة من التنسيق عال المستوى بين الطرفين.
وأكدّ أن هذه المعلومات مبنية على اعترافات صريحة وموثقة ممن ألقي القبض عليهم بجهود الأجهزة الأمنية المختصة، رافضًا الإفصاح عن عدد المتهمين لهذه اللحظة نظرًا لمجريات التحقيق.
وإزاء ذلك، أكدّ محمد لافي رئيس جهاز الأمن الداخلي بغزة، أن العدد الأكبر من العملاء بحسب الاعترافات المتوفرة لدى الجهاز، تمثل في الذين يرسلون معلوماتهم للأجهزة الأمنية بالضفة المحتلة، والذين بدورهم يرسلونها للاحتلال كحلقة وصل بين العملاء والمحتل.
وقال لافي إن عدد العملاء الذين يتواصلون بشكل مباشر مع الاحتلال هم قلة وتكاد أن تنحسر، غير أن الدور الأخطر يتمثل بما تلعبه بعض أجهزة الامن بالضفة من خلال ارسال المعلومات التي تستمدها من بعض العناصر في غزة الى الاحتلال.
من جانب آخر، أكدّ مصدر أمني في غزة وجود معلومات خطيرة تورطت فيها أجهزة أمن السلطة في تتبع المقاومين خلال فترة الحرب تحديدًا في المناطق التي شهدت نزوحًا جماعيًا كالشجاعية وخزاعة وعدة مناطق في مدينة رفح.
وقال إن الامن في غزة وضع يده على عدد من التقنيات الالكترونية المتطورة والتي كانت تعنى بتتبع شخصيات المقاومة وسياراتهم وكذلك تتبع مواقع منازلهم، والحديث عن أماكن اطلاق الصواريخ.
هذه المعلومات ليست بالجديدة فهي تقدم على مدار سنوات عديدة وفي مراحل مختلفة، بحسب المصدر، غير أن الجديد هو تورط قيادات رفيعة المستوى في أجهزة امن السلطة السابقين، كما تم كشفه من تورط بعض الشخصيات في ترويج المخدرات والاسقاط كذلك.
وإن مثلت هذه الخطوة مفاجأة من الناحية السياسية خاصة أنها تأتي في ظل اجماع وطني فلسطيني على دور وأهمية المقاومة، وفي ظل أجواء إيجابية إلى حد ما من الناحية السياسية بين حركتي حماس وفتح، الا انها أعادت الذاكرة لأدوار مثيلة قامت بها ذات الأجهزة في الحربين الأولى والثانية على القطاع، حينما مدت الاحتلال بمعلومات حساسة عن مواقع المقاومة الفلسطينية.
وقد كشفت الأجهزة الأمنية في غزة بعيد انتهاء عدوان 2008م، عن تورط عناصر من أجهزة السلطة السابقين وحركة فتح بتقديم معلومات للاحتلال عن منازل قيادات من المقاومة وتتبع حركات مقاومين وناشطين في الميدان، ما أسفر عن استشهاد عدد منهم.
وإن كانت حركة فتح قد بررت مثل هكذا خطوات سابقًا بدعوى الخلاف بينها وبين حماس، فإن العدوان الأخير جاء في الوقت الذي توحدت فيه الحركتين ضمن وفد موحد في مفاوضات وقف إطلاق النار في القاهرة، ما يعني اثارة العديد من التساؤلات حول حقيقة الدور الذي تلعبه أجهزة امن السلطة.
من جهته، قال الدكتور اسلام شهوان المختص بالشأن الأمني، إنّ جهازي المخابرات والوقائي لعبا دورًا خطيرًا في إيذاء الغزيين عبر عمليات المراقبة والتجسس التي طالتهم سواء كان داخل القطاع أو من عاش خارج القطاع من أهل غزة.
وأشار إلى وجود معلومات خطيرة بحوزة الأجهزة الأمنية بغزة، تتعلق بخطورة دور الجهازين، بما تتضمنه من معلومات حول جمع المعلومات ضد المقاومة وصبّت لدى المخابرات تحديدًا، وقال إن كشف هذه المعلومات بحاجة لجرأة وطنية لما يترتب عليها من خطورة وطنية كبيرة.
وأوضح أن عددًا من رجال الأمن بجهاز المخابرات المستنكفين عن العمل في غزة، ساهموا في امداد الاحتلال بمعلومات حول الأماكن السكانية وابراج ومنازل ومساجد معتقين انها مخازن أسلحة، بالإضافة لإمداده بإحداثيات ونقاط عن أراض زراعية ومخازن صواريخ.
في غضون ذلك عاد الدكتور البردويل وأكد أن عمليات جمع المعلومات تتم بغطاء سياسي من قيادة السلطة في مدينة رام الله، وذلك لأن جهاز المخابرات الذي يقوده ماجد فرج هو جزء من المطبخ السياسي للسلطة، وأحد أذرعها التنفيذية لما تقرره سياسيًا.
وقال البردويل إنّ حركة حماس ستصارح كل الفصائل بما لديها من وثائق حول هذا الأمر، لا سيما بما الحقه جهاز المخابرات من ضرر كبير نجمت عنه معاناة شملت مئات المجازر وأسفرت عن استشهاد المئات من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها.
وعدّ هذه الإجراءات بالخيانية التي "لا تنم عن أي تقدير أو انتماء لشعبنا الفلسطيني، خاصة في ظل ما لعبه هذا الجهاز من أدوار مشبوهة ضد المقاومة الفلسطينية على مدار السنوات الماضية، برغم تصاعد الدعوات الفلسطينية للسلطة بضرورة أن تتوقف عن سياسة تنسيقها الأمني مع الاحتلال".
وما زالت الكثير من التهم تلاحق أجهزة أمن السلطة حول تورط أجهزتها في اغتيال قادة المقاومة، بحسب ما كشف عنها رئيس السلطة محمود عباس ذاته وغريمه السياسي محمد دحلان، حينما ألقى كل منهما التهمة على الآخر بالمشاركة في تصفية قادة المقاومة.
وقد اتهم عباس دحلان بالوقوف خلف اغتيال الشيخ صلاح شحادة، وغيره من قيادات المقاومة.
وقد أكدّ شهوان وقوف شخصيات قيادية بأجهزة امن السلطة في غزة، وراء تصفية قيادات المقاومة.
أمّا عن طبيعة تعامل القانون مع هؤلاء المتهمين، فأوضح شهوان أن القانون لم ينص صراحة على عقوبة من يتجسس لصالح المخابرات، غير أن مثل هكذا قضايا تم الحكم عليها من سنة لـ3 سنوات، كونها تقع في خانة الخيانة.
ورأى أن القضاء العسكري قد يقع في حرج أمام توجيه تهمة الخيانة المطلقة، لكنه قال إن هذه الجريمة مخالفة للقانون وهي عبارة عن عقوبة تستحق السجن لفترات متفاوتة.
ومن المتوقع ان تتسبب المعلومات التي كشف عنها صلاح البردويل بتعمي الخلافات بين حركتي فتح وحماس وربما تقضي على استمرار بقاء الحكومة الفلسطينية موحدة.