الوقت- خرجت واشنطن لتعتبر إيران راعية للإرهاب. وهو الأمر الذي يُثبت أن سياسة الجمهورية الإسلامية، لا تلقَ الرضا الأمريكي. في وقتٍ يعرف فيه العالم بأسره، أهمية الدور الإيراني في الحرب على الإرهاب، ومساعدة الشعوب على الإستمرار. وهو الأمر الذي طالما اعترفت به السياسة الأمريكية سابقاً. فماذا في اتهامات أمريكا الكاذبة؟ وما هي الأسباب الحقيقية خلف ذلك؟ ولماذا؟
تقرير وزارة الخارجية الأمريكية
صنَّف تقرير وزارة الخارجية الأميركية للإرهاب الدولي للعام 2015، إيران بأنها أكبر راعٍ للإرهاب في العالم وفقا لوكالة "أسوشيتدبرس". وأضافت الوزارة في تقريرها عن الإرهاب العالمي والذي يرصد الإتجاهات في العنف السياسي، أن عدد الهجمات الإرهابية في أنحاء العالم تراجع العام الماضي للمرة الأولى منذ 2012. وأشار إلى أن الهجمات الإرهابية تراجعت بنحو 13 في المئة، مقارنة بعام 2014 في حين انخفض عدد قتلى الأنشطة الإرهابية بنحو 14 في المئة. ومن الدول الأخرى المدرجة بتقرير رعاية الإرهاب، كل من سوريا والسودان، أما كوبا فتم إزالتها من القائمة، في حين تصدر تنظيم داعش الدولي، قائمة "أكبر مصدر للخطر دوليا".
كما جاء في التقرير الذي نُشر يوم الخميس المنصرم، أن من الأسباب الرئيسية لتصدر إيران قائمة الدول الراعية للإرهاب في العالم هو استخدامها لفيلق القدس التابع للحرس الثوري من أجل تحقيق أهداف السياسة الخارجية الإيرانية، مما أدى إلى زعزعة الإستقرار في كافة أنحاء الشرق الأوسط. وأوضح التقرير أن إيران لا تزال تقدم السلاح والدعم المالي لجماعات مثل حزب الله، وعدد من الميليشيات الشيعية في العراق بحسب تعبير التقرير، مثل كتائب حزب الله. وكلا الجماعتين مصنف بقائمة الإرهاب. ليلفت التقرير أيضاً إلى ما سماه قلق من "نشاطات إيرانية عديدة تسعى لزعزعة استقرار المنطقة".
في المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، "حسين جابري أنصاري"، أن تكون إيران داعمة للإرهاب، التهمة التي وردت في تقرير أصدرته الخارجية الأمريكية منذ أيام. ونقلت وكالة فارس عن "أنصاري" قوله، إن إيران من الدول الأكثر جدية وتأثيراً في مكافحة الإرهاب، مؤكدا في نفس الوقت أن واشنطن من أكبر داعمي الإرهاب، ولا يمكنها التملص من تلك المسؤولية بإلقاء الإتهامات على شعوب وحكومات أخرى. وفي هذا الصدد، أوضح أنصاري أن التقرير السنوي للخارجية الأمريكية، يوجه اتهامات كاذبة مرة أخرى لإيران بدعم الإرهاب، لافتاً إلى أن ازدواجية التعامل، والنفاق والدعاية الأمريكية في التعامل مع الإرهاب، يعتبر من عوامل انتشاره في المنطقة والعالم. وشدد "أنصاري" على أن استغلال الولايات المتحدة لظاهرة الإرهاب وغض الطرف إزاء جرائم الجماعات الإرهابية ضد المدنيين، أدى إلى انتشار الإرهاب، وعقد عملية التصدي له في جميع أنحاء العالم. مشيراً الى أنه لولا التدخل العسكري ودعم الولايات المتحدة للمجموعات الإرهابية في العراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان، لما كان المجتمع الدولي يدفع هذه الأثمان الباهظة في التصدي لهذه الجماعات الإرهابية.
تحليلٌ ودلالات:
ليس مُستغرباً قيام واشنطن بتوجيه تهمة الإرهاب الى إيران. فسياسة إزدواجية المعايير والنفاق السياسي، هما سمة السياسة الأمريكية، دون شك. فيما يجب الإلتفات للتالي، لفهم حقيقة المسائل:
- إن أصل المشكلة تنبع من حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت عاجزة أمام التعاظم الإيراني في المنطقة والعالم. وهو الأمر الذي يجعل واشنطن، وكما تستخدم الإرهاب كأداةٍ لتبرير تدخلاتها في المنطقة، تستخدمه كدليلٍ في مواجهة الدول وإدانتها.
- عدد من الأمور تجعل الطرف الأمريكي يُثبت مرةً أخرى تناقضه، تجاه دول المنطقة لا سيما إيران. فالسعي الدؤوب للجلوس مع طهران والتوصل الى اتفاقٍ نووي، كان سمة السياسة الأمريكية، حين رأت لنفسها مصلحةً في ذلك. وهي التي أكدت مراراً وتكراراً على ضرورة الإعتراف بالدور الإيراني في المنطقة، وخاصة في مجال الحرب على الإرهاب. لدرجة أن تصريحات المسؤولين الأمريكيين حينها، أزعجت كلاً من الرياض وتل أبيب.
- وهنا فإن الفشل الأمريكي في مواجهة التعاظم الإيراني لا سيما على الصعيدين الإقليمي والدولي، هو السبب الرئيسي الآخر في محاولة تشويه سمعة إيران. خصوصاً بعد أن باتت إيران ملجأ و ملهم الكثير من الدول، الساعية للخروج من العباءة الأمريكية.
- ومن بين الأمور التي تدعم ذلك، هو أن الدور الإستشاري لطهران في كل من سوريا والعراق، كان السبب في تأمين القدرة الوطنية للطرفين، في حربهم ضد الإرهاب. الأمر الذي يمكن ملاحظته بشدة من خلال تطورات الوضع العراقي الأخيرة. مما جعل الطرف الأمريكي يعجز عن إقصاء الدور الإيراني وبالتالي فلا مجال إلا للدعاية الكاذبة.
إذن إن كل ما تخرج به واشنطن، ليس إلا دعايةً تُعتبر استكمالاً لمسار الحرب على إنجازات إيران النوعية. وهو النهج الذي تلجأ إليه واشنطن، حين تفشل في فرض سياساتها على طرفٍ ما. وهو ما ينطبق على الحالة بين إيران وأمريكا.
ولعل الطرف الإيراني ليس منزعجاً بالقدر الذي يظنه البعض. فإيران لم تسأل يوماً عن رأي واشنطن، والتي تعتبرها عدواً، وسبباً لكل مشاكل الأمة. فيما يجب القول بأن الحقيقة تكمن، في أن إيران نجحت في التخفيف من أثر الإرهاب الذي صنعته أمريكا، وأفشلت مخططاتها. وهو عين الحقيقة التي دعت واشنطن لإتخاذ هذا المنحى.
إيران هي الدولة الوحيدة التي تدعم الجماعات التي تحارب الإستكبار العالمي، وتحديداً تلك التي تُنفِّذ الأجندة الآمریکیة في المنطقة. ایران هي الطرف الوحيد الذي يدعم الجماعات التي تحارب الخطاب السیاسي الآمریکي الهادف الى ادارة الازمة وتطويل أمدها في المنطقة. إيران هي الدولة الأولى والوحيدة التي تدعم المشروع الصهيوني و ترفع شعار الموت لأمريكا وإسرائيل. وهي التي جعلت جوهر سياستها الخارجية، تقوم على دعم المستضعفين في العالم.
كلها أسبابٌ، تُبرِّر للأمريكي وصف إيران بالإرهابية. فهي تمارس الإعمال التي تقضي على السياسة الأمريكية، وتساهم في ضرب نفوذها القائم على تفتيت الدول ودعم التكفيريين والأنظمة غيرالمرغوب بها من قبل شعوبها.
إذن تسعى واشنطن لتحجيم الدور الإيراني وهو ما ستعجز عنه كما عجزت في الماضي. وفيما يخص الإتهامات المُغرضة لإيران، فهو أمرٌ ليس في وارد النقاش، بل إن الشعوب أصبحت تعي حقائق الأمور. ولعل إتهام صُنَّاع الإرهاب لإيران برعاية الإرهاب، دليلٌ على سلامة وصحة السياسة الإيرانية بل هي دليلٌ على حجم العجز الأمريكي في مواجهتها. وهو ما بات يعرفه العالم بأسره.