الوقت - كان رد حزب الله يوم الأربعا مدويا", في المكان والزمان, وكان مزيجا" من الابداع والذكاء, صفعة تلقاها الكيان الاسرائيلي من حيث لا يتحسب, فكل الإجراءات الاحترازية الاسرائيلية على طول خطوط المواجهة من شبعا حتى القنيطرة, باءت بالفشل ليرسم حزب الله قواعد الاشتباك بالطريقة التي يراها مناسبا" بعد ان اختار مسرح الرد في مزارع شبعا المحتلة الغير خاضعة للقرار 1701, ليتخطى بذلك وبطريقة ذكية جدا" كل محاولات الصيد في الماء العكر, صانعا" نصرا" جديدا" بكل المعايير العسكرية والقانونية.
فالعمل في منطقة مزارع شبعا المحتلة الغير المنضوية تحت القرار 1701 اعطى حزب الله هامشا" كبيرا" في التحرك, (مع انه ليس بحاجة لذلك) ليفوت الفرصة على الكيان الإسرائيلي او من يحذو حذوه بالاستفادة حتى في مجلس الامن الذي عقد اجتماعا" طارئاً مغلقاً مساء الأربعاء 28 كانون الثاني لبحث التطورات المستجدة على الحدود اللبنانية الجنوبية بدعوة من السفير الفرنسي في الامم المتحدة.
بعد العملية النوعية لم يستطع الكيان الاسرائيلي الرد الا ضمن القواعد التي حددها له حزب الله, التي جاءت اقل من المتوقع, عندها ذهب الى مجلس الامن كخطوة يائسة لعله يحصل ولو تنديدا" بالعملية على الاقل, فناقش مجلس الامن تداعيات مقتل جنود "إسرائيليين" وجرح آخرين إلى جانب مقتل جندي إسباني تابع لقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان (يونيفيل) بسبب الرد المدفعي "الإسرائيلي" على العملية.
وقبيل بدء الاجتماع أعلن سفير فرنسا (صاحبة المبادرة في عقد الجلسة) لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر أن الهدف هو التوجه نحو التخفيف من حدة التوتر في المنطقة ومنع أي تصعيد وتقدمت فرنسا بمشروع إعلان دعا اطراف النزاع إلى ضبط النفس و ناقشته بقية الدول الـ 14 الأعضاء في مجلس الأمن.
«حزب الله» نفّذ عمليّة مشروعة دولياً ولم يخرق الـ1701 ّ
اختار«حزب الله» مكان الردّ بعناية ودهاء؛ ضربة قويّة، ولكنّها ضمن قواعد الاشتباك المعتمدة بين «الحزب» والكيان الصهيوني.
وبالرغم من ذلك، الجميع يسأل هل خرق «حزب الله» بعمليّته العسكريّة هذه، القرار 1701؟ البعض يشدّد على أنّ لاخرق على اعتبار أنّ المزارع لا تندرج في إطار القرار الدولي، فيما البعض الآخر لا يحسم الأمر بانتظار تحقيق «اليونيفيل».
أصحاب الرأي الأوّل، ومنهم نائب رئيس الأركان للعمليات سابقاً في الجيش اللبناني اللواء الركن (المتقاعد) عبد الرّحمن شحيتلي، يستندون إلى الفقرة التنفيذيّة العاشرة من القرار 1701 التي تتضمّن: «يطالب الأمين العام بتطوير - بالتنسيق مع فاعلين دوليين أساسيين والأطراف المعنية - اقتراحات لتطبيق بنود اتفاق الطائف ذات الصلة، والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)، تتضمن نزع السلاح، وترسيم حدود لبنان الدولية، خصوصا في تلك المناطق؛ حيث هناك نزاع أو التباس، بما في ذلك معالجة مسألة مزارع شبعا، وتقديم تلك الاقتراحات إلى مجلس الأمن في غضون 30 يوما.
واكّد شحيتلي أن «الدولة اللبنانيّة قدّمت آنذاك اقتراحاتها، من دون أن تفعل الحكومة الإسرائيليّة ذلك، ما يعني أنّ الإسرائيليين هم من خرقوا الـ1701 بعد شهر على إقراره وبالتالي عاد الوضع إلى ما كان عليه قبل آب الـ2006 لتكون المزارع محتلّة من قبل الإسرائيليين»، مشدداً على أنّ «الأرض هي محتلّة بالقانون الدوليّ والقيام بعمليات ضدّ أي محتلّ داخلها هي مشروعة بالقانون الدولي.
ويعتبر أنّه بغض النظر عن مسألة التنازع على سيادتها بين لبنان وسوريا، «فهي أرض محتلة، وهي لا تندرج في إطار الـ1701 ولا حتى ضمن عمل قوات «الإندوف» (قوة دولية لمراقبة الهدنة العسكرية بين سوريا والكيان الصهيوني بعد حرب تشرين العام 1973.
لبنان يؤكّد أنّها لبنانيّة ومن ضمن الـ13 نقطة المتنازع عليها مع إسرائيل، فيما الأمم المتحدّة لا تقرّ برأي لبنان، لتميل إلى أنّها سوريّة بالرغم من أن الأخيرة أعلنت أكثر من مرة على لسان مسؤوليها (مثلاً: السفير السوري في واشنطن بشار الجعفري) أنّها لبنانيّة.
رغم تلك الوقائع دان قائد اليونيفيل العقيد بورتولانو بشدة العملية الذي اعتبرها انتهاك جدي لقرار مجلس الأمن 1701 وحث الطرفين على ممارسة اقصى درجات ضبط النفس فيما فتحت اليونيفيل تحقيقاً لتحديد الوقائع والملابسات.
اسبانيا تطلب تحقيقا "بمقتل احد جنودها..
وفي سياق متصل أوضح مساعد وكيل الأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام، إدمون موليت أن جندي اسباني قتل بنيران أتت من الجانب الإسرائيلي في إطار العنف الدائر في المنطقة. وحاولت فرنسا تمييع الموقف بطرح بيان موسع، وسط إعتراض إسباني أصر على صدور موقف سريع وادانة رسمية, لكن هذه الإدانة الرسمية لم تحدد القاتل بوضوح، فتدخلت سبانيا مجددا" لتبدد أي إلتباس حيث قال مندوبها "حدث هذا بسبب تصعيد العنف وجاء من الجانب الإسرائيلي" مطالباً بإجراء تحقيق مفصل وتأمين الحماية لقوات اليونيفيل.
