الوقت- يبدو أن بلاد الحجاز, تتحضر لمعركة من النزاعات الحادة في أوساط العائلة الحاكمة. هي وقائع تتجلى لكل مطلع على واقع الأسرة الحاكمة في السعودية, التي ما زال نظام الحكم فيها ملكيا توارثيا بامتياز, في ظل ما يجري من توجهات جديدة تظهر في قرارات الملك الجديد للبلاد وما يدور حول هذه القرارات من ارتدادات في اوساط الأسرة الحاكمة.
في جديد التطورات, في ظل حديث جدي عن طبيعة التنصيب للملك الجديد, حول اعتباره انقلابا أو حركة توريث "ديموقراطي" للخلافة, تكشف الأيام في أحداثها, أن ما يجري في السعودية ليس انتقالا مباركا من الملك عبد الله, انما على العكس, يوضح المشهد أن هناك محاولة واضحة تجري على مراحل لاقصاء كل من كان الملك عبد الله يوصي بهم, لا بل اجراء تغييرات جذرية في كل المناصب والسياسات التي كان ينتهجها الملك عبد الله.
قرار ملكي بتغييرات في مناصب متعددة:
ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز, أجرى في الايام القليلة الماضية, تعيينات وتغييرات واسعة النطاق، تضمنت إعادة تشكيل مجلس الوزراء وإقالة وزراء عينهم الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز قبل نحو ستة أسابيع .
وفق المرسوم الملكي الجديد, يصبح الملك سلمان رئيس مجلس الوزراء والأمير مقرن بن عبد العزيز نائبا أولا له، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي ولي العهد نائبا ثانيا ووزيرا للداخلية .
كما تم إعفاء الأمير مشعل نجل الملك الراحل من منصبه كأمير لمنطقة مكة، وتعيين الأمير خالد الفيصل أمير مكة السابق الذي كان يشغل منصب وزير التعليم، بدلا منه .
كما أقصي الأمير تركي نجل الملك الراحل من منصبه كأمير لمنطقة الرياض، وعين الأمير فيصل بن بندر بدلا منه، فضلا عن إعفاء الأمير بندر بن سلطان من منصبه كأمين عام مجلس الأمن الوطني .
أيضا تم إعفاء الأمير خالد بن بندر من رئاسة المخابرات العامة وتعيينه مستشارا للملك برتبة وزير، وعين الفريق خالد بن علي بن عبد الله الحميدان رئيسا جديدا للجهاز بمرتبة وزير .
الأوامر الملكية شملت تشكيل مجلس للشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف .
في ظل احتفاظ سعود الفيصل بمنصبه وزيرا للخارجية، ومتعب بن عبد الله بمنصبه وزيرا للحرس الوطني، وعلي النعيمي بمنصبه وزيرا للبترول. كما تم تعيين مدير قناة "العربية" عادل الطريفي وزيرا للثقافة والإعلام .
خلفيات التغييرات وتوقعات نتائجها:
تشير المعلومات الى ان خالد التويجري وبالتنسيق مع الملك وابنه متعب, يقف وراء هذه التغييرات, في مسعى لتهيئة الأرضية لوصول متعب للحكم رغم معارضة الجميع من اعضاء الاسرة.
فوفق كلام تناقله مصدر يبدو أنه مقرب أو من ضمن العائلة الحاكمة, فإن خطة التويجري ومتعب تقضي بتغيير هذه المناصب أولا، ثم فحص ردة الفعل قبل تنفيذ المرحلة الثانية وهي إزاحة الملك سلمان عن ولاية العهد وايداع الحكم لمتعب.
واوضح المصدر ان أول جزء من خطة التويجري (ومتعب) هي إبعاد سلمان وأبنائه عن وزارة الدفاع وتعيين شخص مضمون الولاء للملك وأبنائه في هذا المنصب واضاف: مرشح التويجري ومتعب للدفاع هو خالد بن بندر (أمير الرياض) بصفته صاحب تجربة عسكرية تؤهله للمنصب بزعم أن البلد مقبل على تحديات عسكرية خطيرة .
واشار المصدر الى ان محمد بن سلمان أحس بذلك وعبر لخاصته عن قلقه من إبعاد والده عن الدفاع ويعتقد أن تعيينه وزير دولة كان من باب المخادعة حتى يؤخذ على حين غرة مضيفا القول: ورغم تمكن الزهايمر من سلمان فإن وجوده في الدفاع سيبقى مظلة لأبنائه وآخرين من جناح السديرية لتخفيف ثقل أبناء عبد الله ولهذا فإن إزاحته ضرورة .
واستطرد المصدر قائلا ان المنصب الثاني الذي يسعى التويجري لتغييره هو الخارجية ومرشحه قد أعد منذ زمن وهو عبد العزيز بن عبد الله نائب الوزير حاليا واضاف: وكان هذا التعيين يفترض أن يتم قبل سنة لكن عبد العزيز ارتكب حماقة أحرجت الدولة فاضطر الملك لتأجيل تعيينه إلى أن تختفي آثار تلك الحماقة .
اما منصب الخارجية برأي المصدر ليس مهما من ناحية التوازن العسكري لكنه مهم بالمقاييس السياسية وسيكون قناة قوية للتفاهم مع الأمريكان وغيرهم لصالح متعب.
ويضيف المصدر ان المشكلة الأصعب أمام التويجري هي وزارة الداخلية لأن محمد بن نايف أقنع معظم أجنحة الأسرة أنه الأفضل لحمايتهم والاقدر على محاربة خصومهم ويضيف: بيان وزارة الداخلية الأخير عن “نجاح” حملة أخرى ضد "الإرهاب" لم يوجه للشعب بقدر ما قصد به إثبات جدارة محمد بن نايف أمام بقية آل سعود. ولأن التويجري لايستطيع إقالة محمد بن نايف فالحيلة أن يفرض عليه نائبا من القريبين من متعب وصدور أمر ملكي بتفويض هذا النائب صلاحيات عالية
وهناك إسمان مرشحان على طاولة التويجري لمنصب نائب وزير الداخلية كلاهما قريبان من متعب ويحققان مطلبه في الاحتلال التدريجي لوزارة الداخلية، الأول تركي بن عبد الله (ابن الملك) نائب أمير الرياض والثاني فهد بن تركي بن عبد العزيز نائب قائد القوات البرية (زوج بنت الملك صهر متعب (والمرشحان لهما خبرة عسكرية وترشيحهما مبرر كون الداخلية بحاجة لمن يحسن ضبط عدد كبير من الضباط والأفراد والتعامل مع التحدي الأمني بحزم عسكري .
لكن التويجري متردد في الدخول في مواجهة مع محمد بن نايف ويعلم أن تأييده لقرار تعيين مقرن كان على أساس " يتمسكن حتى يتمكّن"
المصدر الذي سنتحدث حوله في تقرير منفصل, يختم بأن التعيينات الأخرى ستهدف الى ملء الفراغات في إمارة الرياض فيما لو تم فعلا تعيين خالد بن بندر في الدفاع وتركي بن عبد الله في الداخلية.
ويؤكد أن كلامه هذا, ليس توقعات بل متداول فعلا داخل الأوساط الحاكمة, وأن التويجري ومتعب يسعيان المضي بالمشروع قدما لكن من الوارد أن يؤجل أو يعدل هذا المشروع بسبب تسريبه من قبل المصدر نفسه !! .
المصدر الذي سرب العشرات من المعلومات التي تحققت حول قرارات الملك وما يجري خلف كواليس الحكم في السعودية, سيكون محط كلامنا في تقرير منفصل يتناول ( من هو "مجتهد", أسرار حول مصدر ينقل معلومات دقيقة من داخل العائلة المحافظة على أسرارها ؟؟.