الوقت- وجود ما یقرب من 950 كم من الحدود المشتركة بين إيران وأفغانستان، والروابط التاريخية والثقافية القديمة، هي من العوامل المادية والهيكلية لاستمرارية التفاعلات بين البلدين عبر التاريخ. وقد ترافقت هذه التفاعلات في كل فترة مع عوامل تقارب وتباعد وشهدت صعوداً وهبوطاً وتقلبات من أجل ذلك.
والاكثر أهمية في هذا السیاق هو عدم التوظیف المناسب للقدرات والإمكانات المتاحة لتعزيز العلاقات الثنائية بين إيران وأفغانستان، ومنع العوامل الخارجية والدولية للتفاعلات للحصول على تفاعلات بناءة بين البلدین الجارین.
وفي السنوات الأخيرة وجود القوات الأجنبية على الحدود الشرقية، زراعة وتجارة القسم الکبیر من المخدرات في الجارة الشرقية لبلدنا والاضطرابات العرقية والسياسية المختلفة وعدة عوامل أخری في هذا البلد، استتبعت عواقب سياسية - أمنية كثيرة علی جمهورية إيران الإسلامية، ولهذا السبب ازدادت أهمية أفغانستان لجمهورية إيران الإسلامية من الناحیة الجيوسياسية والجيوستراتيجية.
وعلی هذا الأساس کان الاستقرار والسلام في أفغانستان بهذا الطابع، من الهواجس الدائمة لإیران. وبعبارة أخرى إن إيران وخلال السنوات الأخيرة کانت تسعی دائماً إلی الحؤول دون وقوع الحروب الأهلية وعدم الاستقرار في أفغانستان، وتعاونت في هذا المجال مع المجتمع الدولي لمحاربة طالبان وإيجاد حل سياسي للأزمة في أفغانستان.
والیوم تخوض أفغانستان تجربة حكومة الوحدة الوطنية إلى جانب التحديات المختلفة، وتتولی مسؤولیة توفیر الأمن مع انسحاب القوات الأجنبية من هذا البلد. والعلاقات الودية مع الدول المجاورة یمکن أن تؤدي إلی تحسین الأوضاع الداخلیة والإقليمية بالتالي.
ومن ناحية أخرى وفقاً لأولوية العلاقات مع الدول المجاورة في السياسة الخارجية الإيرانية، فإن زیارة ظریف إلى كابول ولقائه بالمسؤولين في حكومة الوحدة الوطنية، یتم وضعه في سیاق تطویر الدبلوماسية الإقليمية والمساعدة علی توفیر الأمن في أفغانستان. كما أعلن وزير الخارجية الإيراني في هذه الزیارة دعمه لعملية المصالحة الوطنية في أفغانستان، وأجری محادثات جيدة في المجالات ذات الاهتمام المشترك والقضايا المختلفة التي تربط البلدين والمخاطر التي تهددهما ولا سيما المخدرات والإرهاب والتطرف.
وبالإضافة إلى ذلك فإن رسالة الرئیس روحاني التي تضمنت دعوة الرئيس الأفغاني لزيارة إيران، هي شهادة على استمرار هذا النهج.
ويبدو أن استباق جمهورية إيران الإسلامية لتعزيز العلاقات الثنائية وإرسال دعوة رسمية، سیفتح فصلاً جديداً من العلاقات بين البلدين، سیجلس فیه البلدان على الأرجح علی طاولة التوقيع علی التحالف الاستراتيجي. وکان المتحدث باسم الرئيس الأفغاني "نظیف الله سالارزي" قد قال في منتصف يناير الجاري، إن المستقبل القريب سیشهد توقیع الاتفاق الاستراتيجي بین كابول وطهران في مجالات الحرب المشتركة ضد الإرهاب وکیفیة عملية السلام وتوسيع العلاقات الاقتصادية والترانزيت وکذلك مكافحة الاتجار بالمخدرات ومعالجة مشاكل اللاجئين.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأفغاني أشرف غني وبعد التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع أمريكا، لم یظهر رغبة للتوقيع على الاتفاق الاستراتيجي مع إيران الا بعد أن یتم التخطیط لقیامه بزیارة إلی إيران. ویبدو أن لدیه تحفظات علی المعاهدة ویطالب بإعادة النظر فيما تمت دراستها أثناء رئاسة کرزاي. وعلی هذا الأساس فإن أشرف غني سیکون مستعداً للتوقیع علی هذا الاتفاق في حال إدخال بعض التعدیلات علیه. ومن هنا فإن توسیع اللقاءات بین مسؤولي كلا البلدين، يمكن أن یساعد علی تعزيز العلاقات الثنائية وبالتالي الحصول علی تطابق في وجهات النظر حیال هذا الاتفاق وغيره من مجالات التعاون.
