الوقت- بعد ظهور ما يسمى بـ"الربيع العربي" عام 2011 ازدادت الحرب السعودية على ايران أكثر من قبل ذلك عندما أعدمت السلطات السعودية في 2 يناير/كانون الثاني من العام الجاري 47 شخصا ومن بينهم رجل الدين الشيعي الشيخ "نمر باقر النمر" واقتحام السفارة السعودية بطهران في اليوم التالي من قبل الجماهير الغاضبة والذي تبعه قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدین، هذه الحرب المفروضة من السعودية أدت إلى تزايد أصوات المعتقدين بأن منطقة الشرق الأوسط تقف على شفا صراع واسع بين الرياض وطهران. هذا الصراع أخذ أشكالاً عدة و من بينها اعتماد الرياض في صراعها ضد طهران سياسة العزلة، بما معنى محاربتها عبر عزلها عن حلفائها من دول العالم الثالث.
دعونا نلاحظ الأمور التالية:
مصر
هذا التوتّر الكبير في العلاقات عُبّر عنه من خلال تكريس تحالفات جديدة، تقوم بها السعوديّة رغم الخطوط الحمر التي وضعتها لنفسها في السابق، فبدأت من مصر، و ضمن هذا الإطار، قامت السعودية بالتحالف مع مصر فقط من أجل منع التقارب الايراني المصري الذي كانت تهدف منه ايران الى تخفيف حدّة الاحتقان، والتوتّر، وحالة التمذهب الحاصلة فی المنطقة، و اعادة دور الأزهر الشريف بوصفه ممثلاً للإسلام المعتدل في المنطقة. و في هذا السياق، حاولت السعودية تجاوز الخلاف العقائدي والإيديولوجي مع الإخوان المسلمين في مصر ودعت مُرسي إلى زيارتها، وإن على مضض، بعد سقوط حليفها "حسني مبارك".
لكن المملكة رأت فرصتها الكبيرة سانحة عندما تمّ إسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر بقيادة اللواء عبد الفتاح السيسي، فقامت بإعلان دعمها المالي والسياسي الكبير للنظام الجديد بتقديم 12 مليار دولار مع بعض دول الخليجیة الأخرى.
سوريا
انطلاقاً من استراتيجية السعودية الواضحة وهي مقارعة إيران في كلّ مكان، وفي كلّ بلد لها فيه نفوذ، وقادرة على مواجهة ايران فيه، دعمت السعودية المعارضة السورية لإسقاط نظام الرئیس"بشار الأسد"، فأصبحت رأس حربة في إسقاط النظام السوري بعد إزاحة قطر عن هذا الملف، ودخلت مباشرة على خط الأزمة السورية من خلال دعم المعارضة مالياً وعسكرياً، فضلاً عن الموافقة على الضربة العسكرية لسوريا، كلّ ذلك كي تقف سدّاً منيعاً في وجه ايران في المنطقة، وإضعافها عن طريق إسقاط النظام في سوريا.
البحرين
تعد البحرين جزءا من الصراع السعودي الإيراني في منطقة الخليج الفارسي، ومنذ 2011 تقف الرياض إلى جانب المنامة منذ احتجاجات ميدان اللؤلؤة بالعاصمة البحرينية، التي أدت إلى تصاعد وتيرة الصراع بين الحكومة والمعارضة التي يغلب عليها الطابع السلمي، وقوف السعودية الى جانب المنامة كان بسبب وقوف ايران الى جانب المعارضة السلمية وليس خوفاً منها على المنامة كما يدعون.
لبنان
كما يعد لبنان من أحد أبرز الميادين التي تواجه السعودية به ايران و ذلك بسبب سخطها على حزب الله اللبناني. فقامت السعودية بقطع مساعدات بقيمة أكثر من 3 مليارات دولار التي كانت ستقدمها للجيش اللبناني، و ذلك تحت عنوان أنها كانت ستصل الى حزب الله، أيضاً قامت بدفع دول مجلس التعاون الخليجي لتصنيف حزب الله منظمة إرهابية، وبات الاقتصاد اللبناني، بفضل القرارات السعودية، مهددًا، وسط مخاوف من حدوث فتنة، وزيادة التوتر السائد في المنطقة.
العراق
أيضاً يعتبر العراق الجزء الطبيعي الذي يفصل بين السعودية وإيران، وكما في سوريا تقوم السعودية باستخدام الميلشيات و الارهابيين و داعش كدرع لها في مواجهة ايران، فتضخ الأموال من أجل زعزعة الاستقرار في العراق و نشر الفتن الطائفية بين أولاد البلد الواحد.
اليمن
و كما سبق، اليمن جزء من الحرب التي تقودها السعودية و دول الخليجیة من خلفها على ما يسمونه التمدد الايراني، و ليس صحيح ما يقولونه أن التحالف الذي تقوده السعودية هو دفاعاً عن الشرعية، وتلبية لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بل هو بسبب تخوف السعودية من " السيطرة الإيرانية المباشرة وغير المباشرة "على حدودها مع اليمن، وعلى باب المندب.
اذاً هذه الحرب المستعرة التي تقودها السعودية في مواجهة ايران و حلفائها في لبنان و اليمن و العراق و سوريا و الى بلاد نهر النيل و غيرها ستطول، الى أن تتغير موازين القوى الذي يعاد رسمه وإعداده في المنطقة، ولن تهدأ الأمور في الحال إلا بحوار عبر عنه وزير الخارجية الإيراني.