الوقت- لا شك بأن الدور القطري في دعم الإرهاب لم يعد سراً. وما قضية المواطن التونسي الذي فاجأ العالم بقصته، إلا روايةٌ تؤكد سياسة قطر تجاه المنطقة والعالم. في حين يمكن الوقوف اليوم، عند حجم الإدانة الغربية والتي تقودها الصحافة، لقطر، لا سيما بعد أن طرق الإرهاب باب أوروبا. فما قصة الإرهاب القطري؟ وكيف يمكن تحليل هذا الدور اليوم؟
آخر قصص دعم قطر للإرهاب: قضية الشاب التونسي
يبقى كلام المواطن التونسي "بليغ قوام"، والذي يبلغ من العمر 36 عاماً، مفاجأةً إعلامية تُدين قطر بشكلٍ واضح وتدل على حجم التضليل الذي تمارسه قطر لتمويل ودعم الإرهاب لوجستياً. فقد كشف المواطن التونسي، أن قطر تتبنى أكبر شبكة لتأمين سفر الشباب للقتال في سورية، مقابل المال. حيث يتم اجتذاب الشباب للعمل في الدوحة بعقد عمل ومن ثم يتلقون عروض للإنضمام لما يُسمى بالجهاديين مقابل 3000 دولار شهرياً. وأوضح "قوام" أن البداية تكون بالحصول على عقد عمل و تأشيره سفر لقطر، وهو ما حصل معه، حيث أنه سافر إلى قطر على أساس عقد عمل مقابل 4000 دينار شهرياً، لتحسين أحواله المادية، ولكنه وجد نفسه متورطاً في شبكة لتسفير الشباب للقتال في سورية، خسر بعدها كل شيء فعاد مرة أخرى إلى بلده تونس هارباً من قطر.
كيف يُدين الإعلام الغربي قطر؟
خرجت الصحف الغربية الشهر المنصرم، لتتحدث عن تنامي الإتهامات الموجهة إلى قطر بتمويل الإرهاب العالمي٬ وفشلها في السيطرة على مواطنيها من ممولي الأنشطة الإرهابية في كل من سوريا والعراق٬ ما يهدد بتوجيه عقوبات إقتصادية للإمارة الغنية بالغاز بحسب رأي هذه الصحف. وهنا ننقل ما أشارت له بعض الصحف، من باب تأكيد أن قطر باتت تُشكِّل خطراً بالنسبة للغرب، وإن كان ذلك لا يظهر بالعلن بشكلٍ كبير. فيما يمكن استنتاجه من خلال مراقبة وتحليل المقالات الغربية.
- فقد أشارت مجلة "فورين بوليسي"٬ في إحدى أعدادها، بأن قطر ضّخت عشرات الملايين من الدولارات من خلال شبكات تمويل غامضة إلى مقاتلين متشددين وسلفيين ومتطرفين٬ وأسست سياسة خارجية تتجاوز وزنها. وهو الأمر الذي كان يحصل لسنوات نتيجة قبول واشنطن بهذه السياسة، وتماشيها مع المصلحة الإستراتيجية الأمريكية. خصوصاً من خلال استفادتها من قطر كطرفٍ يمكن أن يلعب دور الوسيط في منطقة الشرق الأوسط. لكن سياسة واشنطن قد تكون تغيَّرت اليوم الأمر الذي جعلها تعترض على حجم الدعم القطري للإرهاب. وأشارت الصحيفة الى قيام قطر بدعم شبكات ارهابية ذات ميول "إسلامية"٬ تشمل جنرالات سابقين ومقاتلين في طالبان وإسلاميين صوماليين ومتمردين سودانيين.
- من جهتها كشفت صحيفة "الديلي تلغراف" خلال شهر اذار المنصرم، عن قصة تمويل قطريين للإرهابيين في سوريا والعراق. وقالت بأن موظفا بالبنك المركزي القطري يقف وراء تمويل التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق٬ الى جانب أن مستشار للحكومة القطرية يمنح 1.25 مليون إسترليني لتنظيم القاعدة شهرياً، بحسب الصحيفة. وأكدت قيام قطري يدعى خليفة محمد تركي السبيعي بتمويل الإرهابيين في سوريا والعراق٬ وكان قد قام بتمويل "خالد شيخ محمد" العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. مشيرةً الى أن السلطات القطرية ألقت القبض عليه عام 2008، لكنها أطلقت سراحه بعد 6 أشهر فقط ليعود مرة أخرى إلى عمليات جمع الأموال وتمويل الأنشطة الإرهابية في كل من العراق وسوريا.
قطر: السر والدور
ليس صحيحاً القول بأن قطر تحارب الإرهاب، أو تدعم السياسات التي تساهم في القضاء عليه. بل إن العديد من الأمور، يمكن أن تؤكد بأن قطر تؤمِّن استمرارية دورها (بحسب ما تعتقد) من خلال دعمها المنظمات الإرهابية. وهنا فإن العديد من الأمور يمكن ذكرها كدلالات، نسردها كما يلي:
- إن مراجعة تاريخ السياسات التي اعتمدتها الدول الخليجية لا سيما السعودية وقطر، تؤكد بأن الدور المنوط لها، من قبل واشنطن، كان صنع ما يمكن تسميته الواقع الذي يساهم في تهيأة الأرضية للسياسات الأمريكية. وهو الأمر الذي ساهم في التحالف العميق والإستراتيجي، لا سيما بين كلٍ من السعودية و واشنطن.
- لكن و في الوقت الذي تُعتبر فيه واشنطن عرَّابة السياسات ومُحدِّدة الأدوار للأطراف، فإن سياسة تناقض المصالح الإقليمية بين الأفرقاء، تُساهم في كثيرٍ من الأحيان، في جعل الدور المنوط لها، محط تنافسٍ كبير. وهو الحال التي يمكن وبموضوعية، إطلاقها على التنافس القطري السعودي في صنع الإرهاب.
- فعلى الرغم من أن الرياض اتفقت مع قطر في تقاسم الدعم المالي واللوجستي للإرهاب في المنطقة، قام الطرفان بجعل هذه المهمة، فرصةً لكسب الواقع الميداني و زيادة الأوراق التي يمكن أن يكسبها كل طرف، من أجل الظهور بأفضل الأداء أمام السيد الأمريكي. وهو الأمر الذي كانت تستغله واشنطن، ولسنوات، على الرغم من معرفتها حجم الخطر الذي قد يهدد الإستقرار في المنطقة والعالم، من تنامي الإرهاب. وهنا توجد العديد من الأدلة على ذلك.
- فمنذ سنةٍ تقريباً، وفي تقرير لها، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن وزارة الخزانة الأمريكية تتبعت مبالغ كبيرة من تمويلات خاصة بمؤسسات خيرية ومواقع للتواصل الإجتماعي في قطر، لدعم متطرفين في العراق وسوريا. ونقلت الصحيفة الأمريكية ذلك عن "ديفيد كوهين"، المسؤول البارز في وحدة مكافحة الإرهاب في وزارة الخزانة، والذي أضاف بأن هذه الأموال جرى استخدامها لتمويل الجماعات المتطرفة المناهضة للحكومة فى العراق والنظام فى سوريا. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، فإن هذا التمويل يتضمن جبهة النصرة في سوريا، الجماعة الجهادية التي هي على صلة بتنظيم القاعدة.
- كذلك فإن "برنار سكاوارسيني" والذي كان على رأس الإدارة المركزية للإستخبارات الفرنسية الداخلية، وبعد مضي عام ونيف على مغادرته مركزه، أصدر كتابا بعنوان "الإستخبارات الفرنسية: الرهانات الجديدة"، حيث فضح فيه تورط الأليزيه في تسليح المجموعات الإرهابية في سوريا ثم تراجعها عن ذلك، ومجاهرة الفرنسيين بالدور القطري في دعم الجماعات المسلحة. في حين أشار أيضاً الى أن الدور القطري، كان يتجاوز حدود سوريا، وصولاً الى الإسلامييين في المغرب، ليبيا، العراق، مصر، أفغانستان، باكستان، الشيشان وداغستان، والذي يوجد بينهم فرنسيين أيضاً.
إذن لم تعد إدانة قطر أمراً يحتاج للتفكير. بل إن المشكلة اليوم، هي في حجم الكارثة التي خلَّفتها سياسات الدول الخليجية لا سيما السعودية وقطر بحق العالم العربي والإسلامي. فيما يأتي الخطر الإرهابي على أوروبا، فرصةَ لفضح هذه الدول. في وقتٍ تبقى فيه أمريكا المستفيد الأكبر.