الوقت- بدأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اليوم الاحد زيارة الى مصر لبحث سبل تطوير العلاقات بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك لاسيما الجانبين الامني والاقتصادي. ومن المقرر أن يلتقي العبادي في هذه الزيارة كبار المسؤولين المصريين وفي مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء ابراهيم محلب.
ويرافق رئيس الحكومة العراقية في هذه الزيارة التي تستغرق يومين وفد رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء، بينهم وزير الدفاع خالد العبيدي.
وتأتي الزيارة في وقت يحتاج فيه البلدان الى تضافر الجهود لمواجهة خطر الارهاب الذي يهدد أمنهما واستقرارهما بصورة خاصة والمنطقة والعالم بصورة عامة، الأمر الذي يحتم تكثيف التعاون وايجاد آليات عمل مشتركة وتبادل الخبرات في المجال الاستخباري للوقوف بوجه هذا التحدي الذي لا تقف مخاطره عند المستوى العسكري والأمني، وانما تتعدى الى كافة الجوانب السياسية والأقتصادية والفكرية والاجتماعية.
وأوضحت مصادر رسمية عراقية ومصرية إنه سيتم التباحث خلال الزيارة حول سبل دعم مصر للعراق فى حربه ضد "داعش" الذى يمارس الإرهاب تحت ستار الدين من خلال فكره المتطرف لنقل صورة سلبية عن الإسلام وخدمة أجندات أجنبية تحاول تمزيق المنطقة وتشتيت قواها للتحكم بمصيرها ونهب ثرواتها.
وتأتي زیارة العبادي الى القاهرة بعد سلسلة من الانتصارات المهمة التي حققها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية على داعش وباقي الجماعات الارهابية المتعاونة معه في الكثير من الميادين العسكرية ذات الأهمية الإستراتيجية التي يعتقد المراقبون انها ستقرر مصير الحرب في العراق في القريب العاجل.
وكان رئيس الوزراء العراقي قد تحدث فى تصريحات سابقة عن أسلحة وعتاد عسكرى أرسلها الجيش المصري إلى بغداد، لمساعدتها فى التصدي للإرهاب، مؤكداً إن بلاده تطمح فى إقامة علاقات استراتيجية مع مصر، وإنه لا يدعو إلى تشكيل أحلاف بل إلى تشابك مصالح ضرورى بين البلدين .
ومن المعروف أن مصر وقفت الى جانب العراق منذ البداية لمواجهة الإرهاب الذي يستهدفها هي أيضا بسبب وجود حركات أرهابية وتكفيرية متطرفة تعمل على زعزعة أمنها خصوصاً عند حدودها الشمالية وتحديداً في شبه جزيرة سيناء وحدودها الغربية المحاذية لليبيا.
وتعتقد القيادة المصرية بأهمية التقارب والتنسيق مع بغداد في هذا المجال لأنها تعلم يقيناً أن اي تراجع في هذا الجانب سينعكس عليها سلباً لوجود مؤشرات على تأهب الجماعات التي ترعى الإرهاب لأستغلال أي ثغرة أمنية لإرتكاب جرائم في مصر بمساعدة الجماعات التكفيرية والسلفية المتطرفة.
ومن المتوقع أن يتواجد الملف الاقتصادي بقوة خلال مباحثات العبادي مع المسؤولين المصريين بضمنه الإعداد للجنة المشتركة بين البلدين والمنتظر أن تُعقد فى بغداد لاحقاً، خاصة أن عدداً من الشركات المصرية تعمل بالفعل فى العراق في الوقت الحاضر .
والأمر الآخر الذي تعتقد القيادة المصرية بأهميته من وراء تعزيز علاقاتها مع العراق يكمن في ايجاد بدائل لها في مجال الطاقة من خلال استيراد النفط العراقي للتخلص مما تتعرض اليه من حالة ابتزاز بين الحين والآخر من قبل دول اخرى في المنطقة كالسعودية والإمارات على خلفية النظرة المتأنية التي تحملها القاهرة مع هذه الدول بشأن العديد من القضايا بينها ما يتعلق بالموقف من جماعة الإخوان المسلمين.
وفي كل الاحوال يمكن التأكيد على أن زيارة العبادي الى مصر تعد خطوة مهمة لتعزیز جهود العراق فی محاربة الارهاب وهي تعد استكمالاً لجولته التي قام بها مؤخراً الى كل من ايران والاردن والامارات والكويت وتركيا وبحث مع مسؤوليها جملة من القضايا بشأن التطورات الامنية والسياسية التي يشهدها العراق وسبل إعادته الى محيطه الاقليمي وفتح آفاق جديدة لعلاقاته مع دول الجوار في ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات نتيجة لسياسات غير مسؤولة لبعض أطرافها والتي تشير المعطيات الى تورطها مباشرة بدعم المنظمات الارهابية .
وكان العبادي قد أكد في أوقات سابقة استعداد بلاده للقيام بجميع الخطوات حتى يتم القضاء على العصابات الإرهابية، ما يستدعي من باقي دول المنطقة التعاون لمحاربة هذه الآفة وزيادة الدعم لمواجهة هذا التحدي الهدام وتجفيف منابعه ومنع انتشاره.
وقد اثبتت زيارات العبادي الإقليمية بأن التصدي للارهاب هو مسؤولية جميع الدول الإقليمية، خصوصاً التي يستهدفها هذا الإرهاب، اما الدول التي تدّعي مكافحته، ولكنها متورطة بشكل او بآخر بدعمه وتمدده، فإنه لايمكن الاطمئنان والوثوق بها وبوعودها مهما تظاهرت وأدعت بأنها ضد الارهاب .
وقد بينت التجارب ان العراق محكوم بالتعاون مع جيرانه الذين تربطه معهم اواصر تاريخية وثقافية واجتماعية ودينية وجغرافية تفرض على هذه الدول ان تكون لديها استراتيجية موحدة في التصدي لخطر الإرهاب المدعوم من قوى دولية تدعي كذبا مكافحته، ووضع امكانياتها بين يدي الحكومة العراقية لتعزيز دورها في التصدي لداعش والزمر الارهابية الاخرى التي لا تتورع عن ارتكاب اي جريمة لتحقيق اهدافها وأهداف من يقف وراءها.
وماشهدته الفترة الماضية من زيارات لوفود عراقية للعديد من العواصم الاقليمية يعطي الدليل بأن بغداد ترغب بأن تأخذ دورها المهم في محاربة الارهاب لاسيما وإنها تمثل حالياً رأس الحربة ضد هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة .
ولابد من التأكيد هنا على ضرورة انتهاج سياسة واضحة من قبل جميع الاطراف التي تسعى لمحاربة الارهاب قبل فوات الأوان ومضاعفة الجهود لتجاوز هذه الظاهرة المشؤومة التي لا يجب ان تطول كثيراً لأنها لن تدع أحداً بعيداً عن آثارها المدمرة إذا ما وجدت فرصة لمد مخالبها أكثر فأكثر في جسد الامة في هذه الفترة العصيبة من تاريخها والظروف الامنية والسياسية البالغة الخطورة التي تمر بها في الوقت الراهن.
