الوقت – بعد ان فشل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في كسب موافقة البرلمان على قائمة وزراء "تكنوقراط" كان قد اقترح اسمائهم لتولي الحقائب الوزارية رضخ العبادي لضغوط القوى السياسية العراقية المختلفة ووافق الاثنين الماضي على تسلم أسماء مرشحي الكتل السياسية لتولي المناصب الوزارية لدراستها وذلك في وقت اعلن التيار الصدري انه لن يشارك في حكومة العبادي.
وفي الثلاثاء اجتمع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في مقر البرلمان بالمنطقة الخضراء وسط بغداد، وبحث الجبوري والعبادي الذي أحضر لمجلس النواب التشكيلة الوزارية المرتقبة التي سيصوت عليها البرلمان بعد ساعات من توقيع "وثيقة الإصلاح الوطني" بين الرئاسات الثلاث وزعماء الكتل السياسية.
مصدر نيابي قال نقلا عن النائب عن "التحالف الوطني" حيدر المولى انه تم جمع30 توقيعا من النواب لجعل استضافة العبادي في البرلمان جلسة علنية، وقد رفع البرلمان جلسته الثلاثاء استعدادا لاستضافة العبادي لتقديم تشكيلته الجديدة للحكومة وعرضها للتصويت.
وتقول المصادر ان الكتلة الكردية وقائمة "الوطنية" التي يرأسها أياد علاوي لم يقدموا اسماء مرشحيهم لتولي الحقائب الوزارية حتى الان.
ويعتقد المراقبون ان العراق قد عاد مجددا الى المحاصصة الطائفية في قضية تشكيل الحكومة وهذا ما كان قد اعترض عليه السيد مقتدى الصدر الذي كان يصر على ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط.
ويبدو ان هناك الان خلافات في داخل البرلمان العراقي حول تشكيل الحكومة العراقية فبعض النواب العراقيين يريدون تغيير كل الوزراء وبعض النواب الآخرين يريدون تغييرات جزئية في التشكيلة الحكومية، وسيؤدي قيام العبادي بتغيير اكثرية وزرائه المنتمين الى الكتل السياسية واستبدالهم بوزراء تكنوقراط الى حدوث خلافات قومية وطائفية جديدة وتوترات سياسية ليدخل العراق مجددا في دوامة الأزمة.
وتعتقد الاطراف السياسية في العراق ان عدم وجود وزراء ينتمون اليها في داخل الحكومة سيقضي على جدوى بقاء هذه الاطراف السياسية في البرلمان، وهنا يجب الانتباه ان النظام السياسي في العراق يعرقل بحد ذاته تشكيل حكومة دون اخذ موافقة الكتل السياسية لأن النظام السياسي في العراق هو نظام برلماني وان الحكومة في هذا النظام تنبثق من الكتل والاحزاب وان غير هذا الامر لايمكن تطبيقه الا اذا تحول النظام السياسي في العراق الى نظام رئاسي واصبح البرلمان مراقبا لعمل الحكومة.
واذا اراد العراقيون تجاوز المشكلة الراهنة فيجب عليهم ايجاد تعامل بناء بين الحكومة والبرلمان وإحداث تغيير في الداخل باتباع نظرة وسطية من اجل القيام بحركة نحو الامام، ان العراق يعاني اليوم من ازمات امنية كبيرة وفي الحقيقة لايمكن تجاوز هذه المرحلة الا اذا كان هناك تعاون بين الحكومة والبرلمان.
ان اهم مطلب للشعب العراقي والمرجعية والاحزاب وكذلك الحكومة والجيش هو الان دحر الارهاب والقضاء على داعش وايصال الاوضاع الاقتصادية والسياسية في العراق الى استقرار نسبي فاذا وافق البرلمان على اصلاح حكومة العبادي وقبلت الكتل بهذا الاصلاح فهذا سيؤدي الى الاستقرار السياسي وهذا ما يحتاجه العراق اكثر من اي شيء آخر في الوقت الحالي.
ويعتقد حيدر العبادي الان ان الموافقة على اصلاحاته سيؤثر بشكل ايجابي على سير الحرب ضد الارهاب، فالعراق الموحد والقوي سيمتلك قدرة اكبر على محاربة الارهاب وان الاستقرار السياسي في نظام الحكم سيمهد الارضية لتحسين الاوضاع الاقتصادية ايضا.
ان ما يحتاجه العراق الان هو وجود مسؤولين يتمتعون بالاهلية اللازمة والاختصاص والشعور الوطني ويسعون الى تطوير وتنمية العراق بعيدا عن النزعات القومية والحزبية لكن هذا الامر يعد الآن امرا مثاليا فالاحزاب والاطراف السياسية العراقية ليست حاضرة على القبول بإضعاف مكانتها في السلطة فلذلك يبدو ان اجراء الاصلاحات التي يريد العبادي تنفيذها في النظام السياسي العراقي سيواجه صعوبات كبيرة وجدية.
واخيرا يجب ان لا ننسى دور الامريكيين الذين أسسوا نظام المحاصصة الطائفية في العراق، فإذا شعر الامريكيون بأن هذه الاصلاحات التي يريد العبادي تنفيذها تتعارض مع مصالحهم او لا تؤمن مصالحهم فإنهم سيعرقلونها بكل تأكيد.