الوقت- بدأ تنفيذ الهدنة بين الشعب اليمني والنظام السعودي عند منتصف ليل الاحد 10 نيسان 2016، الهدنة تأتي في اجواء التحضير للمحادثات المقررة في 18 نيسان القادم في الكويت، ومع ان الهدنة لم يمض على بدء سريان مفعولها حتى الساعة الا القليل، الا ان الاخبار الواردة وبالشواهد تفيد ان خروقات قد حصلت على اكثر من صعيد، تجدر الاشارة الى انه ومنذ بدء العدوان السعودي على الشعب اليمني وحتى الان شهدت الساحة هناك اكثر من هدنة سُجِّل في كل منها خروقات ملحوظة، ما سنتناوله في هذا المقال حول الجهة المسؤولة عن نقض الهدنة وبالشواهد من الهدنة الحاليّة، وسنعرِّج الى السبب التي تدفع بالجهة الناقضة للقبول بالهدنة بادئ الأمر.
الهدنة ومن يخرقها، شواهد حيّة
فجر الاثنين 11 نيسان 2016، اي بعد ساعات قليلة على بدء سريان مفعول الهدنة، سُجِّل خرق قام به الطيران السعودي فوق الاراضي اليمنية في سلسلة من الغارات على مناطق في صالة والحوبان وكلابة والجحملية وثعبات والضباب في تعز، هذا و رُصِدت محاولة تحرّك للجماعات الارهابية المدعومة من السعودية بإتجاه جبل جرة بمحافظة تعز، كما وسُجِّل عمليّة انزال اسلحة نفذها الطيران السعودي للجماعات الإرهابية التي دخلت اليمن مؤخراً في تعز.
محافظة عمران ايضاً شهدت تحليقاً مكثفاً للطيران السعودي فوق اجوائها، كما وشنّ الطيران السعودي غارات على منطقة فرضة نهم الواقعة شمال شرق العاصمة ومنطقة مسورة في محافظة صنعاء نفسها، كما ورُصِدت محاولات تقدم للجماعات الإرهابية المدعومة سعودياً باتجاه منطقة نهم في سياق المسعى السابق لتطويق العاصمة والذي لم يفلح بالرغم من الثقل المطروح لذلك. كما وتحدثت مصادر يمنيّة عن قيام الطائرات السعوديّة بقصف مناطق السد في ذي ناعم بمحافظة البيضاء، وحريب وعسيلان والمعطوف بمحافظة شبوة. ولم تسلم محافظة مأرب من غارات الطيران السعودي في مناطق الأشقري والمشجع وجبل هيلان في محاولة للتقدم على هذا الخط.
في الجانب الآخر وبالرغم من كل الخروقات التي سُجِّلت للطرف السعودي حتى الساعة، الا ان الشعب اليمني لا زال ماضي وفق تعهدات الهدنة للدفع نحو اي حلول تأتي لخدمة بلده وتُنهي العدوان عليه، حتى ان اعلام السعودية وبعض وسائل الإعلام المتناغم معها لم يستطع الحديث عن خروقات من الجانب اليمني لعدم توفرها.
تنقض الهدنة، فلماذا تمضي عليها
اكثر ما قد يتبادر للذهن عن الأسباب التي تدفع بالسعودية الى نقض الهدنة بعد امضائها، في هذا السياق، فإن اكثر ما يمكن الحديث عنه هو ان السعودية تجد نفسها قد وصلت الى باب مسدود في واقع الامر، فكل الخيارات والأوراق التي كان من الممكن تحريكها على الساحة اليمنية قد استنفذتها، ولذلك ترى في المضي بعدوانها خسارة، وترك الساحة لخيار الشعب اليمني بالتفاوض والحل والنقاش خسارة اكبر وأمر، ولأن الضغوطات بدأت تلوح افقها اكثر مما سبق، ترى نفسها في خانة تصارع الخيارات لديها وفقدان نضوج التوجه، فالمستقبل مجهول.
السعودية استنفذت اوراقها بالكامل من دون تحقيق اي نتيجة، فيما خيار الشعب اليمني المتعلق بالقسم الشمالي منه وبالخصوص المناطق الثلاثة التي كانت السعودية قد سلبتها اياها فيما مضى، هو احدى الخيارات وورقة ضغط فاعلة، ولأن السعودية تتخوف من ان تصبح هذه الورقة اكثر فعالية مع الإقتراب من موعد المحادثات في الكويت، فإنها ذهبت للمضي بهدنة. كما تجدر الإشارة الى ان السعودية ومنذ اشهر تعمل على تحييد الجبهة الشمالية عن دائرة العدوان، فحتى في اللحظات الحرجة من محطات العدوان، كانت السعودية تعمل على الدفع بخيار الهدنة مع الجانب اليمني على هذه الجبهة، والوفود السعوديّة التي كانت تصل اليمن من القسم الشمالي اليمني للتفاوض مع الجانب اليمني وتبادل الأسرى هو ما قد يوضع في الخانة نفسها. بناءً عليه فلو اعطي الخيار للسعودية بوضع شروط الهدنة لجعلتها هدنة مقيدة بمناطق دون الاخرى، وهو ما يفسر خرقها الهدنة على بعض الاراضي اليمنية.
تستفيد السعودية من اجواء الهدنة لمد جماعاتها الإرهابية التي ادخلتها مؤخراً الى الاراضي اليمنية، فهي في اجواء الهدنة ترسل اليهم الأعتدة والسلاح، وهذا بحد ذاته خرقاً اساسياً يخل بالمبادئ الأساسية المرجوة من اجواء الهدنة، ولأن امكانية ارسال الدعم خارج اجواء الهدنة اعسر، تلجأ السعودية لإمضاء الهدنة ومن ثم خرقها في الإطار الذي يناسبها، فهي تدرك ان الشعب اليمني وبسبب التزاماته الثابتة ببنود الهدنة قد يشكل عامل مانع للرد بسهولة على ارسال السلاح للجماعات الإرهابية ومن المرات الاولى.