الوقت - هل المرأة إنسان؟! هذا التساؤل وهو عنوان الدورة التعليمية التي نظمتها الأكاديمية السعودية للتدريب والإستشارات مؤخراً أثار جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الإجتماعي والأوساط الثقافية والإعلامية والتربوية، واعتبره البعض بأنه يمثل إساءة علنية للمرأة، فيما سخر آخرون من طرح هذا التساؤل ومن صاحب الدورة.
وحاول مدير الأكاديمية "هاني الحمدان" تبرير هذا العنوان بأنه جاء بصيغة إستفهامية لجذب الإنتباه ولم يكن يهدف للإساءة للمرأة أو التقليل من أهميتها، لكن الكثيرين - بحسب قوله - غلب عليهم سوء الظن واعتقدوا أنه يحمل شيئاً من الإهانة والسخرية بالمرأة، مضيفاً إنه تلقى العديد من الإتصالات الهاتفية للإستفسار عن دوافع العنوان ومضمون الدورة.
وقال الحمدان "إن التفكير القاصر تجاه المرأة هو الذي يسيء إليها من خلال الفهم الخاطئ لعنوان الدورة"، معتبراً أن العنوان فيه دلالة على أن المرأة أرقى من كلمة إنسان فلا يمكن أن يقوم بيت في العالم بدون المرأة، وأن الإساءة لها يعني الإساءة لوالدته وأخته وزوجته وإبنته.
كما أعرب الحمدان عن إستغرابه من الضجة التي أحيطت بها هذه الدورة، لافتاً إلى أن دورات أخرى أستخدم فيها نفس هذا العنوان ولم تلق أي إحتجاج أو إعتراض على المسألة، محاولاً التبرير في ذات الوقت بأن التساؤل كان إستنكارياً بهدف معالجة قضايا العنف ضد المرأة وهضم حقوقها التي تعج بها السعودية.
وأثار عنوان الدورة ردود أفعال غاضبة من قبل روّاد مواقع التواصل الإجتماعي بغض النظر عن مضمونها منتقدين هذا التساؤل، فيما رأى البعض فيه تقليلاً من شأن المرأة. وتنوّعت التعليقات بين السخرية والإستنكار، في حين طالب البعض بمراجعة ما يطلق عليه مراكز التدريب والإستشارات في السعودية ومؤهلات أصحابها والجهات التي تتولاها بالرعاية والدعم.
وكتب أحد المغردين إن "المرأة أعظم إنسان؛ فهي في صغرها تفتح أبواب الجنة لوالديها وفي شبابها تكمل نصف دين زوجها وفي أمومتها الجنة تحت قدميها"، فيما قال آخر بأن "المرأة هي النبع الفيّاض من الإنسانية والعطاء، وهي زينة الحياة، سواء كانت أمّاً أو أختاً أو زوجة". كما إستشهد بعض المغردين بحديث الرسول الأكرم (ص) "إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلاّ كريم وما أهانهن إلا لئيم" مشيراً الى أن المرأة خير من يمثل الإنسانية بما وهبها الله من الرحمة والرقة واللطف وهي نعمة الباري تعالى التي تستحق الحمد والشكر، منوّهاً الى أنها تلد نصف المجتمع وتربي النصف الآخر.
ووصف الكثير من المغردين عنوان الدورة (هل المرأة إنسان؟!) بالخاطئ والمستفِز حتى لو كان الهدف منه لفت الأنظار وجذب المتدربين، مشددين على أن المرأة لها كيانها المستقل ويجب التعامل معها بأدب واحترام.
وكان منظم الدورة "فهد الأحمدي" يعتقد أنه سيلفت الإنتباه بإختياره لهذا العنوان (هل المرأة إنسان؟!)، إلاّ أنه واجه العكس تماماً، وبدلاً من الإقبال تعرض للإنتقاد الشديد وعزوف المتدربين بسبب تبنيه سؤالاً خاطئاً ما كان ينبغي له أن يطرحه أصلاً.
وخلال مقابلة تلفزيونية ظهر الأحمدي مرتبكاً واصفاً نفسه بالمدرب الدولي، رافضاً في الوقت نفسه الإفصاح عن الجامعة التي يدّعي أنها منحته شهادة الدكتوراه، وذلك عندما سُئل عن تحصيله الدراسي ومن أين حصل على شهادته التعليمية.
ولا عجب أن تتساءل أكاديمية سعودية "هل المرأة انسان؟! لأن هذا التساؤل مطابق تماماً لما يطرحه الفكر الوهابي الذي يتبناه النظام السعودي والذي لايسمح للمرأة حتى بقيادة سيارة، وينظر لها على أنها خُلقت لخدمة الرجل فقط ويجوز له ممارسة العنف ضدها لأدنى سبب، وهي ممارسات مرفوضة تعكس في الحقيقة النظرة الجاهلية التي يحملها هؤلاء للمرأة ويترجمونها على أرض الواقع من خلال قوانين وأنظمة بإسم الدين والدين منها براء. وكان الأجدر بمنظم الدورة التي حملت عنوان "هل المرأة إنسان؟!" أن يعيَ جيداً أن إحترام المرأة يكمن أولاً في مسح هذا التّساؤل من رأسه، لا بطرحه لنفيه، فمجرد طرحه للنقاش، يعني بالتالي تحميله فرضيتين؛ الصواب والخطأ، وهو أمر يثير الجدل والإستغراب في آن واحد.