لم يكن من المتوقع أن العداء السعودي لإيران قد يقودها الى طلب معيب على حساب الشعب الفلسطيني, وما قامت به منذ أيام ما هو إلا خير دليل على ذلك, بحيث قدمت الى حركة حماس عرضا "مغريا" من وجهة نظرها, ألا وهو فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة مقابل الإنكفاء عن التوجه عن إيران.
بعد ان قامت قيامتها نتيجة للشكر الذي قدمته الحركة لإيران عبر قائد جناحها العسكري ابو عبيدة الذي شكر إيران شكرا "تفصيليا" بعد حالة من الإنكار او التغافل عن دور طهران في دعم غزة, والجدير ذكره أيضا هو طلب حركة «حماس»، على المستوى السياسي أو الإعلامي العسكري، من فضائيات مثل «المنار» و«العالم» أن تنقل كلمة المتحدث بإسم كتائب القسام، أبو عبيدة، نقلاً مباشراً، في احتفال انطلاقة «حماس» قبل يومين. ذاك الشكر يبدو أنه قد استفزّ كبرى دول الخليج الفارسي بحيث اقدمت السعودية على الفور بالإتصال "الصريح" بقيادات حمساوية (في الخارج) لتعبّر لها عن غضبها من هذا التقارب الذي تتهم القيادي محمود الزهار بالوقوف خلفه.
هذا الغضب ناتج عن الإنزعاج المفرط من التقارب الإيراني من جهة, ومن جهة اخرى التقارب المتوقع بين حماس وسورية بواسطة ايران وحزب الله. وإذ قالت صحیفة "الأخبار" اللبنانیة إن حركة حماس تسعی الی تطبیع علاقاتها مع سوریا وستعود الی دمشق عبر البوابة الإیرانیة، وأنه بعد الزیارة المرتقبة لرئیس مكتبها السیاسی خالد مشعل الی طهران، ستسعی الجمهوریة الاسلامیة الإیرانیة لإعادة العلاقات بین حماس ودمشق, كاشفة عن أن مشعل تمنّی علی أمین عام حركة الجهاد الإسلامی أن یعمل مع الأمین العام لحزب الله علی "نقل رسالة خاصة" الی الرئیس السوری بشار الأسد.
كل هذه الأسباب دعت السعودية للتذكر ان هناك بلدا "عربيا اسمه فلسطين وشعبا" يرضخ تحت القهر والحصار منذ أعوام, فقط تذكرت لكي تطرح عرضا "مذلا" و معيبا" على شعب في أشد الحاجة الى كل اشكال الدعم, بغية قطع الطريق بين طهران و حماس ولكي لا تكون إيران الدولة (الشيعية) الوحيدة من بين الدول الاسلامية والعربية التى تدعم الفلسطينين (السنة) دون قيد او شرط. وهذه ليست بالمرة الأولى التي تقدم فيها السعودية على مثل هذا التصرف مع ايران حيث أوردت بعض الوكالات الاجنيبة أنه خلال المفاوضات الإيرانية مع الدول 5+1, أن السعوديين مارسوا ضغطا" على باريس من اجل عرقلة الإتفاق النووي مع طهران.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو اذا كانت السعودية قادرة على تأمين المساعدة للفلسطينين فلماذا تريد منهم قطع العلاقة مع طهران؟ وإذا كانت قادرة على فتح معبر رفح بحكم العلاقة مع النظام المصري وفك الحصار عن غزة الذي يعتبر حلم الحمساويين فلماذا لم تقدم على ذلك حتى اليوم؟ ولماذا تقدم مع قطر المال والسلاح الى المجموعات التكفيرية بشكل جنوني في سوريا وغيرها, ولم تقدم لفلسطين إلا اليسير الممزوج بالذل والشروط؟
وعليه فإن ما قامت به وما تقوم به ما هو إلا استعراضا "خاسرا" من اجل:
أولا" عدم التماهي في العلاقة بين طهران وحماس, ثانيا" قطع الطريق على المصالحة بين حماس والنظام في سوريا تحت رعاية ايرانية, ثالثا" خسارة السعودية في بعض ملفات المنطقة مثل اليمن والعبء الذي يشكله الملف النووي الايراني وأخيرا" التقارب بين الطرفين (طهران وحماس) الذي يبعد حماس عن حركة فتح المقربة من دول الخليج الفارسي, وبالتالي خسارة ورقة فلسطينية قوية تخرج الرياض من دائرة التاثير الفلسطيني.