الوقت- مسلح ايراني يحتجز عدد من الرهائن في أحد مقاهي مدينة سيدني في استراليا، ويرفع علم داعش والنصرة على نوافذ المقهى. الخبر الذي غصّت به المحطات التلفزيونية والمواقع الاخبارية حول العالم طوال يوم أمس الاثنين. ووصفت وسائل اعلام الحادثة بأنها واحدة من أكبر المخاطر الامنية التي تواجهها استراليا منذ عقود.
والملفت في الأمر التغطية الحية التي حظي بها هذا الحدث، ما يذكّر بالتغطية الحية لأحداث 11 سبتمبر في نيويورك والتي شكلت الذريعة لكثير من سياسات الولايات المتحدة العدوانية تجاه العالم الاسلامي. وقد عرضت وسائل اعلام مشاهد تلفزيونية حيّة لزبائن داخل مقهى يقفون وهم يضعون أيديهم على النوافذ، وأظهرت لقطات شخصاً يبدو أنه من موظفي المقهى وإمرأة أخرى يرفعان علماً مماثلاً للعلم الذي يستخدمه مقاتلو تنظيم داعش في العراق وسوريا.
وقد كان جلياً الاهتمام الذي أولته وسائل الاعلام بالحدث ومدى التهويل الذي رافقه، وكأن استراليا تعيش حرباً حقيقية، وهنا نشير إلى بعض العناوين التي تصدرت المحطات الأخبارية كشاهد على هذا التهويل:
السلطات الاسترالية تعلن حالة التأهب القصوى وتطلب من الناس تجنب منطقة الحادث.
السلطات تخلي المباني المجاورة القريبة من منطقة الحي التجاري بسيدني.
البنك الاحتياطي الاسترالي والبنوك الكبيرة في المنطقة تغلق أبوابها والموظفون كلهم بخير.
القنصلية الأمريكية المجاورة للمقهى تغلق أبوابها.
حالة من الذعر تدب بين سكان استراليا المقبلين على عطلة عيدالميلاد.
رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت يدعو إلى اجتماع للجنة الامن القومي التي تضم أعضاء الحكومة ومستشارين مكلفين بالقضايا الأمنية لمواجهة الوضع، ويصف حادث احتجاز الرهائن الذي نفذه مسلح مولود في ايران بأنه "مواجهة مع الارهاب".
الجدير بالذكر أن مرتكب عملية احتجاز الرهائن هو لاجئ ايراني سابق يدعى محمد حسن منطقي، كان قد هرب إلى استراليا وحصل على اللجوء السياسي هناك بعد أن ادعى أنه ملاحق من قبل السلطات الايرانية على خلفية نشر تفسيرات ليبرالية للاسلام، وقام بتغيير اسمه إلى هارون مؤنسي. وحسب مصدر بالشرطة الاسترالية فإن مؤنسي قد سبق اتهامه بالمساعدة في قتل زوجته، كما يواجه عشرات الاتهامات بالاعتداء الجنسي والتحرش خلال فترة ادّعى فيها بأنه "معالج روحي" يتعامل بالسحر الأسود. کما صرح رئيس الورزاء الاسترالي توني أبوت أن منفذ عملية الاحتجاز “له تاريخ طويل في جرائم العنف، ومفتون بالتطرف ومضطرب عقلياً”، مضيفا انه “سعى الى إلباس تصرفاته برمزية عقلية الموت لتنظيم داعش” في اشارة الى تنظيم “الدولة الاسلامية”.
موقف "داعش"
من جهته رحب تنتظيم "داعش" بالعملية وقال في بيان له: "أخ لنا يقاتل في سيدني...بدأت المعركة بينه وبين جيوش الكفار والمعركة على أشدها جيش مقابل جيش!.. نحن جيوش لوحدنا!.."
وقد أعرب عدد من مقاتلي "داعش" عن فرحتهم لوقوع الحادث الإرهابي، ووصفت المواقع الجهاديه مؤنسي "بأسد سيدني"، ونوهت بأن مؤنسي قد ترك مذهبه "الرافضي" ليلتحق بالاسلام.
ويقاتل اكثر من سبعين استراليا في صفوف الجهاديين في العراق وسوريا. وقتل عشرون على الاقل من هؤلاء مع تصاعد المخاوف من تطرف عدد متزايد من الشبان وامكان شنهم هجمات لدى عودتهم الى بلادهم.
موقف ايران
أما ايران التي ينحدر منها مؤنسي، فقد دانت رسمياً الاثنين عملية احتجاز الرهائن وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الايرانية مرضية افخم “اللجوء الى مثل هذه الاعمال غير الانسانية وبث الرعب والهلع باسم الاسلام أمر مرفوض لا يبرر تحت اي ظرف كان”.
واضافت ان “الوضع النفسي لهذا الشخص الذي لجأ الى استراليا قبل نحو عقدين من الزمن تم التطرق إليه مراراً مع المسؤولين الاستراليين الذين يعرفون وضعه النفسي”.
كما نقلت وسائل الاعلام الايرانية ان الرجل اعلن قبل شهر على موقعه الرسمي مبايعته لزعيم تنظيم الدولة الاسلامية ابو بكر البغدادي. حيث نشرت وكالة "فارس" الايرانية نص خطاب كتبه مؤنسي الشهر الماضي يعلن فيه بيعته لتنظيم داعش.
وتعتبر ايران أحد أهم أعمدة محاربة داعش في المنطقة وقد ظهرت بصماتها بشكل واضح في عمليات جرف الصخر وتحرير طريق سامراء وتأمين محيط بغداد في العراق.
كما استضافت ايران عدة مؤتمرات لمواجهة الارهاب كان آخرها "العالم في مواجهة العنف والتطرف"، دعا خلاله الرئيس الإيراني حسن روحاني دول المنطقة إلى التعاون فيما بينها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
الرسائل السياسية
وحول الحادث، قال رئيس الوزراء الاسترالي توني أبوت إن هناك ما يشير إلى وجود دوافع سياسية وراء احتجاز الرهائن في مقهى لينت. نتفق مع رئيس الوزراء الاسترالي بوجود رسائل سياسية وراء هذا العمل، لكننا نختلف معه في تفسير هذه الرسائل، فاستراليا التي تدعم الولايات المتحدة وتقف معها في تحالفها المزعوم ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق تريد أن تقول لشعبها بأنها محقة في تحالفها هذا وأن استراليا ليست في منأى عن خطر هجمات هذا التنظيم.
من ناحية أخرى تبدو جلية مساعي الترويج لوجود علاقة بين داعش وايران، والتشكيك بالعمليات التي تقودها إيران ضد هذا التنظيم، وبالتالي التعتيم على دور ايران الهام والمؤثر في استقرار المنطقة، خاصة وأن هذه العمليات وفاعليتها، كشفت عدم جدية قوات التحالف بتوجيه ضربة موجعة للارهاب.