الوقت- عدم المساوات الاجتماعية، الفوارق الطبقية في المجتمع والاختلاف الكبير في متوسط العمر ما بين الفقراء والأغنياء في أمریكا بحالة ازدياد مضطرد خلال العقد الأخير من الزمن.
في مقالة ل"وول ستريت جورنال" تتناول الفواصل الطبقية في المجتمع الأمريكي، عرضت الصحيفة دراسة جديدة موثقة قام بها اقتصاديون في مؤسسة "بروكينغز" وتتحدث الدراسة عن فارق كبير في متوسط عمر الأمريكيين الفقراء والأغنياء.
وطبقا للدراسة التي تعتمد على تحليل البيانات والمعلومات المستقاة من ادارة الاحصاء والتأمين الاجتماعي الأمريكيتين، حيث تظهر الدراسة أن نسبة الفارق في متوسط العمر بين الأغنياء والفقراء ازدادت بمقدار يزيد عن الضعف بالنسبة للرجال من مواليد 1950 مقابل مواليد عام 1920. حيث كان الرقم بالنسبة لمواليد عام 1920، ستة سنوات ليرتفع إلى 14 سنة. وبالنسبة إلى الاناث من نفس المرحلتين فإن الفارق تضاعف حوالي الثلاث مرات حيث كان الرقم 4.5 سنوات عام 1920 ليصبح 13 سنة عام 1950.
أما بالنسبة إلى الزيادة في متوسط عمر الأفراد فقد أشارت الدراسة إلى أن متوسط عمر 10 بالمئة من الرجال الأقل دخلا قد ارتفع بين متولدي 1920 و 1950 بمقدار لا يتجاوز 3 بالمئة في مقابل ارتفاع متوسط عمر 10 بالمئة من الأفراد الأعلى دخلا بنسبة 28 بالمئة. وهذا المؤشر يشير إلى تحسن ملحوظ في متوسط عمر الأغنياء وذوي الدخل المرتفع مقابل تحسن طفيف ولا يعتنى به بين ذوي الدخل المحدود من الفقراء.
وتضيف الدراسة إن أمريكا تعتبر من أسوأ البلدان المتقدمة والغنية في العالم من حيث المستوى المتدني للعناية الصحية وسلامة الأفراد وارتفاع مستويات الموت وسط الأمريكيين من ذوي الدخل المنخفض. ويعتبر متوسط عمر الأفراد في بلد معين من أهم المعايير التي تشير إلى مستوى الرفاه الاجتماعي. وانطلاقا من ذلك فان الارتفاع الطفيف في متوسط عمر الأفراد من ذوي الدخل المنخفض من عمال وغير ذلك اضافة إلى التفاوت الكبير في متوسط عمر الفئات الغنية والفقيرة يؤكد وبوضوح الازدياد الكبير للطبقية الاجتماعية في أمريكا تحت ظل حكم النظام الرأسمالي وتحول المجتمع إلى طبقي من حيث المعايير الاقتصادية – الاجتماعية.
تقرير مؤسسة "بروكينغز" يؤكد أكثر من أي وقت سابق على الفاجعة الاجتماعية الحاصلة في أمريكا وخاصة بحق الطبقة العاملة الفقيرة. كما أن هناك تقارير لمراكز أخرى تشير إلى ارتفاع نسبة الوفيات وسط طبقة العمال الشباب والسبب الرئيسي لهذه الوفيات وفقا للدراسات هو الادمان على المخدرات والكحول بالاضافة إلى ارتفاع نسب الانتحار. وتشير هذه التقارير أيضا إلى نفس ما خلصت اليه دراسة مركز "بروكينغز" من حيث انخفاض متوسط عمر الطبقات الفقيرة اضافة إلى ارتفاع نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة بعد مرحلة سابقة في العقود الماضية من الانخفاض الملحوظ في هذا المجال.
وهنا لا يخفى على أحد السبب وراء هذا التدهور في الواقع الاجتماعي الأمريكي. فهذا الأمر هو نتيجة الانحطاط في النظام الرأسمالي الحاكم على الاقتصاد الأمريكي ونتيجة سياسة النخب الغنية الحاكمة خلال العقود الأخيرة والتي لطالما دفعت باتجاه مصالحها على حساب الطبقة العاملة. فمنذ حكومة "ريغن" وصولا إلى "أوباما" كانت ولا زالت الحكومة الأمريكية والحكومات الفدرالية ديمقراطية كانت أو جمهورية مشغولة بالاهتمام بمصالح الشركات الكبرى على حساب الطبقة العاملة.
أما النخب الحاكمة فقامت ببناء الأسس الاقتصادية والصناعية لأمريكا. وسعت إلى تأمين مصالحها الضيقة على حساب الطبقات الفقيرة. فقامت بانهاء ملايين فرص العمل من خلال اعتماد سياسات اقتصادية وصناعية ومالية خطيرة لا تؤمن الا مصالحها. وسعت من خلال موازنات ضخمة إلى نشر حروب حول العالم تؤمن لها موارد مالية خيالية تبلغ المليارات وكلها في خدمة 1 بالمئة بل أقل من الأمريكيين على حساب هدر ثروات بقية المجتمع.
اضافة إلى ذلك وبسبب العجز في الموازنة استشرى الفساد إلى حد أصبح ملايين المواطنين الأمريكيين معرضين لمخاطر صحية واجتماعية كبيرة، منها التسمم بالمواد الكيميائية التي تسربت إلى شبكة مياه الشرب بسبب التلف الذي تعرضت له دون معالجته. وأزمة تلوث المياه في مدينة فلينت في ولاية ميشيغن ليست سوى نموذج للفاجعة التي يتعرض لها الشعب الأمريكي.