الوقت - دانت جهات داخلية تركية وأخرى دولية حملة المداهمات التي شنتها الشرطة التركية ضد عدد من المؤسسات الإعلامية التي تنتقد سياسة أردوغان خلال الفترة الأخيرة.
فقد استنكر كمال كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا حملة الاعتقالات التي طالت عددا كبيرا من الصحفيين من بينهم رئيس تحرير صحيفة زمان أكرم دومنلي ورئيس مجموعة سامانيولو الإعلامية.
ونقلت صحيفة جيهان التركية عن كليتشدار أوغلو قوله في تعليق على الحملة الشعواء التي تشنها حكومة حزب العدالة والتنمية ضد الإعلام التركي "لا يمكننا أن نقبل اعتقال الصحفيين واقتحام مقار الصحف والقنوات التلفزيونية..ولن نسكت عنه أبداً".
وأضاف "لا يهمنا اسم أو هوية المظلوم ولا ننظر إليهما.. ونحن سنقف إلى جانب المظلومين بغض النظر عن أسمائهم وهوياتهم وأتمنى أن يعلم الجميع ذلك ".
وأوضح كليتشدار أوغلو "إن ما تشهده تركيا اليوم هو عملية انقلاب على الديمقراطية وان هذه الفترة التي نعيشها لا يمكن تسميتها بفترة ديمقراطية سليمة وإنما هي فترة انقلابية".
وكانت الشرطة التركية أوقفت في مداهمات قامت بها، الأحد في 13 ولاية، 27 شخصًا بينهم شرطيون وإعلاميون، من أصل 31 شخصاً، صدر بحقهم قرار توقيف، على خلفية التحقيقات في قضية الكيان الموازي.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية تصف جماعة فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية بـالكيان الموازي، وتتهم جماعته بالتغلغل داخل سلكي القضاء والشرطة وقيام عناصر تابعة للجماعة باستغلال منصبها وقيامها بالتنصت غير المشروع على المواطنين، والوقوف وراء حملة الاعتقالات التي شهدتها تركيا في 17 ديسمبر 2013، بدعوى مكافحة الفساد، والتي طالت أبناء عدد من الوزراء، ورجال الأعمال، ومدير أحد البنوك الحكومية، كما تتهمها بالوقوف وراء عمليات تنصت غير قانونية، وفبركة تسجيلات صوتية.
من جانب آخر تظاهر المئات من الصحفيين الأتراك أمام مقر صحيفة "زمان" في ضواحي إسطنبول، للتنديد بمداهمة الشرطة التركية صباح الأحد مكاتب وسائل إعلام مقربة من غولن، وقال نقيب الصحفيين والكتاب الأتراك، مصطفى يسيل "هذه الحملة مست وسائل الإعلام المناهضة للحكومة فقط، ربما الملايين كانوا يعبرون عن أنفسهم من خلال هذه المنافذ الإعلامية، إن النظام الاستبدادي الذي يسيطر عليه شخص واحد يحاول منع هذا ولكن الناس ليس لديهم نية للسماح له بذلك".
وعلى الصعيد الدولي دان الاتحاد الأوروبي حملة المداهمات التي شنتها الشرطة التركية ووجه مفوض توسيع الاتحاد يوهانس هان ومسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد فيديريكا موغريني بيانا شديد اللهجة إلى أنقرة جاء فيه "إن المداهمات والاعتقالات التي جرت في تركيا اليوم لا تتفق مع حرية الإعلام التي تعتبر مبدأ أساسيا من مبادئ الديمقراطية. إن هذه العملية تعد انتهاكا للمعايير والقيم الأوروبية التي تطمح تركيا لأن تصبح جزءا منها."
وفي الولايات المتحدة صدر بيان عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين ساكي قالت فيه أن بلادها تتابع عن كثب أنباء المداهمات والتوقيفات في تركيا، وذلك تعليقا على عملية توقيف 27 شخصاً، بينهم إعلاميون، وعناصر أمن، في 13 ولاية تركية.
وأضاف البيان "اتضح أن المستهدفين في العمليات المذكورة هي وسائل إعلام تنتقد الحكومة علناً "مشيراً إلى ان حرية الصحافة واستقلال القضاء من أهم أسس الديمقراطية السليمة وهي مكفولة في الدستور التركي".
وأوضح البيان أن الولايات المتحدة بوصفها صديقة وحليفة لتركيا تدعو المسؤولين فيها إلى الحيلولة دون الإخلال بالقيم المذكورة ومنع وقوع الضرر في المؤسسات الديمقراطية التركية، حسب البيان.
من جهتها انتقدت الحكومة الألمانية حملة المداهمات التي شنتها السلطات في تركيا ضد عدد من الصحفيين ممن يعتقد أنهم معارضون للحكومة التركية.
وقال المتحدث باسم الحكومة، شتيفان زايبرت إنه من غير الواضح كيف يمكن التوفيق بين هذا التصرف المتعمد للسلطات الأمنية في تركيا والمبادئ الأساسية لحرية الرأي والصحافة.
وأكد مدير الاتحاد العالمي للكتاب، الذي يتخذ من لندن مقرا له، جو جلان فيلل أن الاتحاد يشعر بالقلق حيال عمليات مداهمة المؤسسات الصحفية واعتقال رموز صحفية معارضة في تركيا، قائلا: إن السلطة القمعية لن تسفر إلا عن فقدان هيبة واحترام الحكومة والإضرار بحرية المواطنين وسمعة الدولة على الساحة الدولية.
كما علقت جمعية صحفيون بلا حدود، التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا لها على الحملة الطائشة، وأدان ممثل الجمعية عن منطقتي أوروبا الشرقية ووسط آسيا جوهان بيهر في تصريح له الضغوط الاقتصادية وحملات المقاطعة التي تمارسها السلطات التركية ضد المؤسسات التابعة لفتح الله غولن موضحاً أن الحملات الأمنية التي جرت الأحد تشكّل ذروة هذه الممارسات القمعية.
ووصف اتحاد صحفيي الصحف اليومية، أكبر المؤسسات الصحفية في اليونان، عمليات المداهمة والاعتقال ضد الصحفين بأنها لم يسبق لها مثيل من قبل.
كما علقت ممثلة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" في تركيا، الباحثة إيما سينكلار ويب على حملة الاعتقالات قائلة: إنها مبادرة جديدة لقمع وسائل الإعلام المعارضة في تركيا.
من جهته قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يوم الاثنين ان المداهمات التي قامت بها الشرطة يوم الاحد لوسائل إعلام مقربة من فتح الله غولن تأتي في إطار رد ضروري على "عمليات قذرة" لاعداء سياسيين ورفض الانتقادات التي وجهها له الاتحاد الاوروبي.
وقال اردوغان "انهم يصرخون مدافعين عن حرية الصحافة لكن المداهمات لا علاقة لها بهذا... نحن لا ننشغل بما يمكن أن يقوله الاتحاد الاوروبي .. أرجوكم احتفظوا بحكمتكم" .
هذا وتدل حملة الاعتقالات التي شنتها قوات الأمن التركية على وسائل الاعلام ان اردوغان قد اوصل تركيا الى مرحلة حرجة عبر تطرف حكومته على الصعيدين الداخلي والخارجي ، كما يبدو ان غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة يريد لعب دور اكبر في التطورات على الساحة التركية.