الوقت – بعد ان تعززت العلاقات الصينية الايرانية اكثر من اي وقت مضى خلال فترة العقوبات المفروضة على طهران على خلفية برنامجها النووي جاء الاتفاق النووي بين ايران والدول الست وبدأ تنفيذه وهو ما اوجد احتمال التقارب الاقتصادي بين ايران والغرب وزاد من احتمالات حدوث عوائق امام الاستراتيجية الاقتصادية التي كانت الصين تريد تنفيذها وهي اعادة احياء طريق الحرير ولذلك بادرت بكين الى اتباع سياسة جديدة هي تنمية العلاقات بشكل اكبر مع ايران ودول المنطقة مثل السعودية لكي تحافظ على اهمية دورها في المنطقة والعالم وتصون ايضا مصالحها القصيرة والطويلة الامد وقد اجرى الرئيس الصيني جولة في المنطقة مؤخرا وربما كانت هذه الجولة من اجل تحقيق هذا الهدف.
لقد استفادت الصين من فرصة العقوبات المفروضة على ايران وزادت من تبعية الاقتصاد الايراني لاقتصادها وزادت صادراتها الى ايران بمقدار 3 اضعاف وفي عام 2014 اصبحت الدولة الاولى المصدرة لايران واصبحت 30 بالمئة من الواردات الايرانية من الصين.
ويمكن للاتفاق النووي ان يبعد ايران عن الصين كشريك تجاري ويقربها من الغرب فالاتفاقيات التجارية التي عقدتها الحكومة الايرانية مع الدول الغربية (التي فرضت عقوبات على ايران) بعد الاتفاق النووي زادت من خشية الصين من خسارتها لجزء من السوق الايراني الذي لعب دورا بارزا في نمو الاقتصاد الصيني لكن زيارة الرئيس الصيني الاخيرة الى ايران وتوقيع 17 اتفاقية بين البلدين والاتفاق على رفع سقف العلاقات التجارية بين البلدين الى 600 مليار دولار خلال 10 اعوام، كانت لتدارك الامر.
ومن ناحية اخرى بنت الدول العربية في الخليج الفارسي علاقات اقتصادية واسعة مع الصين حيث تعتبر السعودية على سبيل المثال اكبر مصدر للنفط الى الصين ورغم ان الاتفاق النووي مع ايران يزيد من صادرات النفط الايراني الى الصين لكن بكين قد حافظت على وتيرة تعزيز العلاقات مع السعودية كما من المعلوم ان الصين هي بحاجة الى السعودية ومصر لاحياء طريق الحرير البحري حيث تعتبر الصين ان مصر هي بوابة افريقيا بالنسبة اليها.
ان الصين التي تعلم مدى تألم السعودية من الاتفاق النووي الذي ابرم مع ايران تحاول الان الاستفادة من هذه الفرصة والاقتراب من السعودية قدر الامكان وقد زار الرئيس الصيني السعودية ومصر لهذا الغرض.
الصين والأزمات في غرب آسيا
يهدد التطرف المنتشر في غرب آسيا الصين ايضا لأن هناك خلايا متطرفة نائمة في آسيا الوسطى وشرق آسيا ايضا ففي الصين هناك أقلية الايغور التي تسكن في محافظة سينكيانغ غربي الصين وهي اقلية تسعى الى الاستقلال عن الصين ولذلك تعتبر بكين ان هناك ضرورة للقضاء سريعا على الجماعات المتطرفة في غرب آسيا قبل امتداد النيران نحو الاراضي الصينية.
وهناك ايضا قلق ينتاب الصينيين بسبب تهديدات الازمات الامنية وتاثيراتها على أمن خطوط نقل مصادر الطاقة مثل النفط والغاز من منطقة غرب آسيا نحو الصين وباقي الاسواق العالمية لأن الصين تعتبر اكبر مستهلك للوقود الاحفوري في العالم.
ان استمرار الازمة في غرب آسيا يهدد الاستراتيجية الاقتصادية الجديدة للصين فامتداد الازمة الى العراق وسوريا وتركيا واليمن ومضيق باب المندب ومنطقة القوقاز واشتداد التوتر بين ايران ودول مجلس التعاون يعتبر عائقا رئيسا امام الحلم الصيني لاحياء طريق الحرير وايجاد طريق الحرير البحري.
وقد تسبب وصول نيران الارهاب الى اوروبا الى تعزيز التواجد العسكري الغربي والامريكي في المنطقة بذريعة مواجهة المتطرفين وهذا لايروق للصينيين الذين يبحثون عن حل هذه المشكلة بعيدا عن الأجندات السياسية والعسكرية الغربية لكن الصين تحتاط في تعاملها مع الحلف الرباعي الروسي الايراني العراقي السوري لكي لاتخسر مصالحها الاقتصادية مع السعودية وباقي حلفائها من العرب وكذلك تركيا ولذلك نجد ان الصينيين ورغم مساعيهم لمواجهة الارهاب في المنطقة قاموا بتعزيز علاقاتهم الاقتصادية مع السعودية اولا وذلك اثناء جولة الرئيس الصيني الاخيرة في المنطقة.
ان الدبلوماسية الصينية في غرب آسيا وشمال افريقيا تتمحور حول تعزيز العلاقات التجارية والسياسية ومنع بسط هيمنة المنافسين الغربيين، علما بأن الصين تضع عينها ايضا على النظم العالمي ولذلك نجد ان الصين تريد الان تعزيز علاقاتها مع ايران والسعودية بعد الاتفاق النووي المبرم مع ايران كما تسعى بكين الى اتباع سياسة مستقلة عن الامريكيين والحد قدر الامكان من النفوذ الامريكي في المنطقة عبر الاقتراب من المحور الرباعي الروسي الايراني السوري العراقي لكي تخفف من تأثير أزمات غرب آسيا على مصالحها.