بعد 43 عاماً على رحيلها، تعود بريطانيا عسكرياً إلى منطقة الخليج الفارسي عبر البوابة البحرينية، حيث أعلنت السلطات البريطانية أمس الجمعة عن توقيع اتفاق لتوسيع وتعزيز وجودها البحري في البحرين، ما يسمح لها بتشغيل سفن أكثر وأكبر في الخليج الفارسي على المدى البعيد. فيما ترى أوساط محلية في البحرين في هذا الاتفاق، محاولة من قبل نظام آل خليفة لاستجداء الوجود العسكري الأجنبي وربط مصالح القوى الأجنبية بمصالح النظام البحريني، بهدف حشد الدعم الغربي في مواجهة الثورة المستعرة في البحرين بعد بلوغها عامها الرابع.
وصرحت السلطات البريطانية أنه بموجب هذه الاتفاقية سيتم تحسين المنشآت الموجودة في ميناء سلمان في البحرين حيث تتمركز لبريطانيا أربع سفن حربية صائدة للألغام بشكل دائم . وسيتم الآن توسيع هذه القاعدة كي تشمل قاعدة عمليات جديدة متقدمة ومكانا لتخزين المعدات للعمليات البحرية وايواء أفراد البحرية الملكية البريطانية .
وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون: ”هذه القاعدة الجديدة توسيع دائم لوجود البحرية الملكية وستمكّن بريطانيا من إرسال سفن أكثر وأكبر لتعزيز الاستقرار في الخليج الفارسي”.
لاشك أن هذا الاتفاق يشكل مصلحة مشتركة لكل من بريطانيا ونظام آل خليفة في البحرين.
فالدولة البريطانية أو كما يصطلح على تسميتها البعض الثعلب العجوز، كانت ولازالت لديها أطماع في هذه المنطقة الاستراتيجية الهامة، فمنطقة الخليج الفارسي هي منطقة حيوية استراتيجة تطل على مجموعة من الدول الغنية بالنفط، حيث تمر عبر مضيق هرمز 60 بالمئة من امدادات النفط العالمية، لذلك تسعى بريطانيا لتعزيز تواجدها في المنطقة من أجل تأمين مصالح شركاتها النفطية المستثمرة في المنطقة، كما أن وجود قواتها على حدود الجمهورية الاسلامية والتي تعتبر قوة صاعدة في المنطقة، يهدف إلى المحاولة من حد طموحات هذه الدولة وسياساتها المعادية للغرب.
أما بالنسبة لنظام آل خليفة، فلا يخفى مدى العزلة المفروضة على هذا النظام من قبل الشعب البحريني، حيث برهنت الانتخابات البرلمانية الأخيرة أن هذا النظام لا يحظى بتأييد الشعب البحريني، فيما يشكل الحراك البحريني تهديداً لسلطة النظام البحريني خاصة بعد أن أوغل في قمع الشعب الثائر المطالب بحريته، لذلك يسعى النظام البحريني من خلال تعزيز حضور القواعد الأجنبية في البلاد إلى حشد القوى الغربية خلفه في معركته ضد الشعب البحريني، وهذه ليست بالسياسة الجديدة لدى نظام آل خليفة، فهذا النظام يستقبل على أراضي البحرين قاعدة الأسطول الخامس الأمريكي لنفس الغرض، والتي تعد القاعدة البحرية الأكبر للولايات المتحدة في منطقة الخليج الفارسي. وبهذا يصبح الحراك البحريني ليس مصدر تهديد لآل خليفة فحسب، بل لجميع حلفائه من القوات الأمريكية والبريطانية الموجودة على الأراضي البحرينية.
هذا وكان موقع الوقت قد نقل في وقت سابق عن مصادر مطلعة أن حكومة أوباما تمارس ضغوطاً على النظام البحريني لدفعه للتفاهم مع الثوار البحرينيين، خوفاً على مصالحها في البحرين، وأن قادة الأسطول الأمريكي في البحرين قد أصدروا أوامرهم للجنود الأمريكيين بمنع التردد في المنامة إلا لحالات الضرورة.
واهمة العائلة المالكة في البحرين إن اعتقدت أن استضافتها للقاعدة البريطانية على أراضيها سوف تحصّنها من غضب شعبها، بل إن المنطقة ومن خلال تصاعد الوجود الأجنبي الغربي ستقبل على مزيد من التوترات لن يكون آل خليفة في مأمن من ارتداداتها، كما أن الشعب البحريني لن يستكين في المطالبة بحقوقة المشروعة، ولن يثنيه وجود القوى الغربية عن هدفه الذي يسعى إليه.