الوقت- اذا كانت الحرب على سورية قد أفزرت ظواهر ملفتة، ان لم يكن من بطولات مميزة، فإنها أفزرت القدرة الخارقة لصمود الدولة السورية شعبا وجيشا. فمنذ بزوغ شمس المقاومة سعی الکيان الصهيوني لوأدها و معه الدول الداعمة له و بعض الدول العربية ذات الفكر الرجعي والعميلة للولايات المتحدة الامريكية والتي يضرها الفكر النير الذي بدأ يجتاح المنطقة كاسرا نير الاحتلال وممهدا لانتصارات وقف امامها الغريب قبل القريب رافعا قبعته لعظمة انجازاتها وسمو تضحياتها. وكان الدور الذي لعبته سوريا كجسر هام وأحد أهم ركائز المقاومة وشريكا أساسيا للانتصارات قد شكل عقدة لذلك التحالف بزعامة الولايات المتحدة والعدو الصهيوني وتركيا وأنظمة نفطية منها مشيخة قطر والسعودية التي وقفت بأموالها وخزائنها وراء تدريب وتمويل وتسليح وتقديم كل أنواع الدعم لمجموعات إرهابية وسعت لتدمير سوريا وتفكيك جيشها وإرهاب أهلها على مدى أكثر من اربع سنوات وبأموال النفط العربي و بأيدي التکفيريين والمرتزقة التي تم جلبهم من أكثر من ثمانين دولة واعلنت أحدث التقاریر حول حصیلة عدد التکفیریین الأجانب الذین یقاتلون حالیاً فی سوریا بلغ 20 الف ارهابي، بینهم 2500 سعودي و حوالي ثلاثة الاف ارهابي من اوروبا تم غسل عقولهم بالتكفير الوهابي الذي يعتبر اسوء فكر يهدم الحضارة البشرية.
فسوريا ضعيفة مفككة ومقسمة کما يطمح لها العدو الصهيوني وأنظمة البترودولار، يضعف بطبيعة الحال اي مقاومة مستقبلية لها سواء في الداخل السوري أو القدرة على دعم حركات المقاومة المجاورة وفوق ذلك فان سوريا المدمرة المغلوبة على امرها سوف تفقد سيادتها لمجرد حاجتها الى المساعدات الخارجية. وبذلك يتحول السوريون من شعب مرفوع الرأس الى جموع مبعثرة لا حول لهم ولا قوة .
فقد عملت امريكا على الترويج وعبر وسائل اعلامها العربية منها والعالمية لفكرة مفادها اعلان سوريا ارض جهاد مباحة لكل الجهاديين الاسلاميين في جميع انحاء العالم وركزت جهودها على تشجيع الجهاديين الاسلاميين الموصوفين علناً بالارهابيين على الهجرة الى سوريا من اقاصي افغانستان وبلاد الشيشان والقوقاز والى اقاصي المغرب ومالي وحتى من اوروبا وامريكا نفسها تجمعهم في سوريا باسم الجهاد ونصرة الشعب المظلوم. فسعت مختلف آجهزة الاستخبارات الغربية والاسلامية الحليفة لها ضرب عصفورين بحجر واحد: فهو من جهة يساعد على تدمير سوريا وأضعاف الجيش السوري ويضعف روح الوطنية للشعب السوري وهو من جهة ثانية يساعد في التخلص من الجهادية الاسلامية ويبعدها عن تهديد الساحة الغربية ومصالحها في العالم ولكن جاءت حسابات الحقل الغربي والبترودولار العربي بعكس حسابات البيدر السوري.
فغالبية الشعب السوري والتي شارکت في الانتخابات الرئاسية في حزيران الماضي قد أدركت مبكرا هذا المشروع وما يحاك لسورية من مؤامرة وفتنة تستهدف عيشها المشترك ونسيجها الوطني, وهذا ما عبرت عنه نتائج الانتخابات التي فاز فيها الرئيس السوري بشار الأسد بنسبة حوالي (87 %) وتمسك هذا الشعب السوري بوحدة جيشه الذي يسمونه «حماة الديار» ويعتبرونه، خشبة الخلاص للعبور بسوريا الى بر الأمان وهو الذي حارب الإرهاب الطائفي المتطرف وقاوم منذ بداية الحرب على سورية الفتاوى المأجورة التي حاولت تقسيمها الى مجوعات طائفية.
الجيش السوري نفسه والذي ماتوقف عن تقديم التضحيات والاحتفالات المتواصلة بشهدائه مع إظهار الآلاف من المواطنين صور أحبائهم من الشهداء بفخر كبير. يعلم علم اليقين ان دوره کبير يتعدى السياسة والعلاقات الدولية وبقاء او عدم بقاء النظام، وفرار او عدم فرار هذا المسؤول او ذاك. فالجيش السوري الآن هو الحالة الوطنية الاساس داخل سوريا، و الصخرة التي يتکسرعليها طموحات القوى الظلامية وهيمنتها.
لا شک فيه أن المنطقة تعيش مرحلة مفصلية کما عبر عنها الرئيس الأسد مرارا وما سيحدد وجهتها هو صمود الشعب والجيش السوري في وجه ما يتعرض له من مؤمرات والتي تتهده بابسط مقومات عيشه ووقوف الدول الصديقة إلى جانبه إضافة إلى قناعة الأطراف الدولية بخطورة الإرهاب على استقرار المنطقة والعالم باسره.
