فوز "هلاري كلينتون"، و خسارة "دونالد ترامب"، هكذا يمكن تلخيص الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية الأميركية التي جرت في ولاية أيوا لانتخاب الممثلين للحزبين الديمقراطي و الجمهوري، وفي بيان صدر عن الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية "هيلاري كلينتون"(68 عاما)، أعلن "مات بول"، مدير حملتها في أيوا، فوز المرشحة في الانتخابات التمهيدية بمدينة أيوا بفارق بسيط على منافسها الديمقراطي "بيرني ساندرز"، الذي كان يمثل ولاية فيرمونت في مجلس النواب الأمريكي قبل أن ينتخب لعضوية مجلس الشيوخ عام 2007، وذلك ضمن صفوف الحزب الديمقراطي.
و قد حصلت "كلينتون" على 49.8 % من أصوات الناخبين، لتتقدم بنسبة 0.2 % على "ساندرز"، و ذلك بعد فرز ما يقارب من 95% من الأصوات،. وقال "بول"، في البيان: "لقد فازت هيلاري كلينتون في المجالس الناخبة في أيوا. وبعد تحليل معمق للنتائج، ليس هناك من شك في أن وزيرة الخارجية (السابقة) فازت بوضوح بمعظم أصوات المندوبين على المستوى الوطني، وعلى مستوى الولاية"، مضيفاً: "إحصائياً ليست هناك معلومات استثنائية يمكن أن تعدل النتائج، وليس هناك احتمال أن يتمكن السيناتور ساندرز من قلب الوضع لمصلحته".
ورغم أن ولاية أيوا الصغيرة قد شكلت بالنسبة إلى "هيلاري كلينتون" لحظات المجد المحملة وعوداً، فهي تُعَدّ أرض الخيبات بالنسبة إلى "دونالد ترامب"، حيث هزِم ترامب أمام المرشح الجمهوري "تيد كروز" في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية بولاية آيوا أيضا، ليكون كروز بذلك المرشح عن الحزب الجمهوري في الولاية.
و فاز "كروز" بـ 28% من الأصوات ليتقدم بذلك على منافسه الأبرز الملياردير ورجل الأعمال "دونالد ترامب" الذي حظي بـ 24% من الأصوات. في حين كانت المرتبة الثالثة من نصيب الجمهوري، "ماركو روبيو"، سيناتور فلوريدا، بـ23 %. و"كروز" هو سيناتور جمهوري يمثل ولاية تكساس في مجلس الشيوخ الأمريكي.
و تتسم الانتخابات في أيوا بالأهمية الكبيرة رغم صغر حجمها الجغرافي، حيث تعتبر المقدمة لتحديد هوية الرئيس المقبل للولايات المتحدة. وتتمتع آيوا منذ مطلع السبعينات القرن الماضي بهذا الامتياز الذي يسمح لها بممارسة تأثير أكبر من حجمها بالمقارنة مع عدد سكانها البالغ 3 ملايين نسمة، في آلية الانتخابات الأمريكية. وتشكل هذه الولاية الريفية الصغيرة بالنسبة للمرشحين إلى البيت الأبيض، أرض الخيبات القاسية، أو لحظات المجد المحملة بالوعود.
أما الوجهة المقبلة للمرشحين هي مدينة نيوهامشير، حيث ستجرى الانتخابات التمهيدية، و كان الاثنين الماضي قد شهد مواجهة حادة بين المرشحين الجمهوريين سادها توتر كبير في مناظرة تلفيزيونية، واجه خلالها "ماركو روبيو" انتقادات حادة من خصومه على أمل الحد من تقدمه. أغلب المرشحين انتقدوا "ماركو روبيو" بسبب قلة خبرته في الحياة السياسية وعدم إلمامه بكبرى القضايا.
و قال "روبيو" في رده على "كريس كريستي" حاكم ولاية نيو جيرسي الذي وصفه بعديم الخبرة "أعتقد أن الخبرة ليست فقط في الانجاز الذي حققته، وإنما كيف حققت هذا الانجاز. "كريس كريستي" كحاكم لولاية نيو جيرسي كان مسؤولا على خفض قدرة الولاية بتسع مرات لتعويض الدين. البلاد لديها مشكلة مديونية بالفعل. ولسنا بحاجة إلى إضافة ذلك عن طريق انتخاب شخص لديه هذا النوع من الخبرة في إدارة ولايته".
أما حاكم ولاية نيوجيرسي كان رده قاسياً، و لم يقف عند هذا الحد بل اتهم روبيو بأنه لم يتخذ يوما "قرارا مهما يتحمل فيه مسؤولية" و أضاف "أريد أن يفكر الناس في بيوتهم. كما يحدث في واشنطن. بداية هجومية تستند إلى معلومات خاطئة وناقصة وخمس وعشرون ثانية لخطاب حفظته عن ظهر قلب من اعداد مستشاريك مسبقا".
أما "دونالد ترامب"، لم يقل بالشيء الجديد، فكرر كلامه عن المهاجرين و المسلمين و قدم نفسه كأفضل شخصية يمكنها أن تحكم الولايات المتحدة، مؤكدا أنه أول من تحدث عن الهجرة غير الشرعية و"مشكلة" المسلمين، وأنه حذر من قبل من الحرب في العراق. "ترامب" تحدث عن الثروة والمال لإستمالة الناخب الأميركي: "عند تطبيق قانون الاستيلاء على ممتلكات شخص ما، فالشخص يحصل على ثروة. ويحصل على ما لا يقل عن القيمة السوقية العادلة، وإذا كان ذكيا، فسوف يحصل على ضعف أو ثلاثة أضعاف قيمة الممتلكات".
و اعتبر "جيب بوش" الحاكم السابق لفلوريدا أنّ "القيادة أمر نتعلمه بالممارسة والعمل الدؤوب"، "بوش" أضاف أنّ " الفرق بين حق الإستيلاء للمصلحة العامة، كما قال "ترامب" هو الطرق والبنية التحتية وخطوط الأنابيب وكل ذلك، وهذا للمصلحة العامة. ولكن ما فعله "دونالد ترامب" كان استخدام الاستملاك في محاولة لاستيلاء على ملكية امرأة مسنة في مجال اتلانتيك سيتي. هذا ليس للمصلحة العامة، هذا باطل كبير".
وتحدث المرشحون كل بدوره عن مواقفهم من قضايا الهجرة والصحة والارهاب والسياسة الخارجية والشرطة والجيش والمحاربين القدامى وزواج مثليي الجنس.
و تعتبر مدينة نيوهامشير مهمة جداً، حيث أنها ترسم صورة المراحل المقبلة، إذ أنّ المرشحين الاضعف لا يستمرون في الحملة بعدها. وهناك ناخبون معروفون بأنهم لا يتخذون القرار إلا في اللحظة الأخيرة بينما عدد الناخبين المستقلين الذين يمكنهم الاختيار بين الديموقراطيين والجمهوريين في الولاية كبير في الولاية حيث تشكل نسبتهم حوالي أربعة وأربعين بالمائة من مجموع الناخبين. وقد بذل المرشحون جهودا كبيرة لكسب أصواتهم.
و يتقدم "دونالد ترامب" على "ماركو روبيو" في نيوهامشير بخمسة وثلاثين في المائة مقابل أربعة عشر بحسب آخر استطلاع للرأي لسيفن نيوز وجامعة ماساتشوسيتس. ويشير الاستطلاع أيضا إلى أنّ "تيد كروز" سيحل ثالثا بنسبة ثلاثة عشر في المائة من الأصوات، وبعد ذلك يأتي حاكم فلوريدا السابق "جيب بوش" بعشرة في المائة وحاكم اوهايو جون كاسيتش بنفس النسبة ثمّ حاكم نيوجيرزي "كريس كريستي" باربعة في المائة وجرّاح الاعصاب بين كارسون بثلاثة في المائة.