منذ الأيام الأولى بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على القسم الفلسطيني في قطاع غزة في اب من العام 2014 وحركات المقاومة الفلسطينية تعمل على الإستعداد والتحضير لعدوان قادم لا محال، ولأن الهدف من زرع الكيان الإسرائيلي في منطقتنا على الأراضي الفلسطينية هو لتدمير حركة الشعوب وتطورها، ترى المقاومة الفلسطينية وأمام حجم التحديات ضرورة تطوير القدرات وأساليب المواجهة، ليأتي تطوير عمل وأسلوب حفر الأنفاق من أهم الإنجازات التي احرزتها حركات المقاومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة الماضية وبالتحديد ما بعد عدوان 2014، هذا جعل من القدرات في الدفاع عن الشعب الفلسطيني تبلغ ضعفي ما أنجز سابقاً. في هذا المقال سنعرض السيناريو الإسرائيلي في تركيزه خلال الفترات الأخيرة حول ملف الأنفاق من جهة، وأهمية هذه الأنفاق في أي عدوان محتمل قادم.
سيناريوهات اسرائيلية محتملة
أولاً: شهدت الأسابيع الأخيرة تركيز من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية والمحللين السياسيين فيما يتعلق بالأنفاق التي تبنيها حركات المقاومة الفلسطينية لتعزيز قدراتها، هذا دفع ببعض المتابعين إلى طرح احتمال وجود نية اسرائيلية لشن عدوان على قطاع غزة الفلسطيني، وما عزز هذا الإحتمال لدى المتتبعين للشأن الفلسطيني هو عجز الكيان الإسرائيلي عن قمع ومحاصرة الإنتفاضة الفلسطينية التي بدأت منذ أشهر واكتسبت أهمية أكبر مع حرق الإسرائيليين للطفل الرضيع الدوابشة، هذا قد يدفع الكيان الإسرائيلي وبخطوة نحو خلط الأوراق من جهة ومحاولة للتعتيم على الإنتفاضة، خاصة وأن هناك تجاوب واسع شعبي متزايد في دول العالم مع الشعب الفلسطيني رشح عنه مؤخراً انقياد الدول الأوروبية أمام الضغوطات الشعبية واليقظة الغربية للمصادقة على مشروع فرض عقوبات على المنتوجات الإسرائيلية، وعليه وأمام المشكلات التي تواجه حكومة نتنياهو ووصف سياسته بالفاشلة، فليس من المستبعد أن تذهب حكومته إلى خيار العدوان في هذا السياق.
ثانياً: هناك صراع واضح داخل سلطة كيان الإحتلال، فمؤخراً على سبيل المثال دعا وزير الخارجية الاسرائيلي الأسبق افيجدور ليبرمان والذي يتمتع بنفوذ واسعة ويقود حزب "اسرائيل بيتنا" إلى حل حكومة نتنياهو واجراء انتخابات اسرائيلية عامة، وقد جاءت هذه الدعوة مع سلسلة من الإتهامات بأن حكومة نتنياهو فاشلة أمنياً، هذه الإتهامات تقود إلى تحليل ملخصه بأن الخلاف الاسرائيلي تم اسقاطه ايضاً حول التركيز على ملف الأنفاق لإظهار أن نتنياهو فاشل في مواجهة وقمع حق الشعب الفلسطيني،
ثالثاً: هناك قلق نفسي كبير لدى المستوطنين الاسرائيليين من ملف الأنفاق، خاصة مع توارد أخبار عن سماع مستوطنيين لأعمال حفريات تحت منازلهم، في هذا الإطار فإن توجه الحكومة الاسرائيلية ازاء قلق المستوطنيين ترجم بالذهاب نحو فحص ودراسة كل شاهدة على حدا لتخلص إلى استنتاج أن هذا القلق لا صحة له، وأن لا وجود لأعمال حفريات، وعليه فإن القلق المتزايد بحدة خلال الأسابيع الأخيرة لدى المستوطنين من جهة وتركيز الإعلام الإسرائيلي والمحللين على موضوع الإنفاق من جهة أخرى قد يمكن وضعه بمسعى اسرائيلي لتطمين المستوطنين من أنه لا ضرورة للقلق.
معادلة ردع وقلق نفسي
معادلة الأنفاق هي معركة عسكرية ونفسية مستمرة في الحرب وخارجها، وهي تتخطى الإجراءات التقليدية في المواجهة حيث تعتمد على اسلوب المبادرة والمباغتة ولا تدع للعدو الفرصة للتفكير بالمواجهة والنجاة، ولذلك فإن الكيان الإسرائيلي يرى نفسه أمام واقع مجهول ومفاجأت غير متوقعة في أي عدوان مستقبلي قد يشنه على قطاع غزة الفلسطيني، ولذلك ينظر إلى معادلة الأنفاق على أنه انجاز معنوي وعسكري ونفسي لا أفق له يتخطى تدمير المجنزرات، وينظر إلى هذه الخطوة على أنها مقدمة للإنتقال نحو باقي الأراضي الفلسطينية في نقل الخبرات والإمكانات والأسلوب في المواجهة.
هناك خشية واضحة لدى الكيان الاسرائيلي على كل حال بغض النظر عن التحليلات والإستنتاجات من التركيز الأخير على ملف الانفاق، فالكيان الاسرائيلي وقواته تخشى أن تستخدم حركات المقاومة الفلسطينة هذه الانفاق حال العدوان أو خارجها في الوصول فيها إلى النقاط والمناطق الفلسطينية المحتلة من قبله والخارجة عن دائرة القطاع المرسومة وبالتالي العمل منها على مواجهة قوات الكيان الاسرائيلي من الخلف حال اقدامه على شن عدوان على القطاع، كما والعمل على خطف جنود اسرائيليين لمبادلتهم بالاسرى الفلسطينيين، وانطلاق عناصر المقاومة عبر الأنفاق لتنفيذ عمليات استشهادية وأمنية داخل الاراضي المحتلة، وبالتالي تكون قد كسرت الطوق الذي فرضته على اهالي القطاع ومقاومتهم، ما يجدر ذكره أن رئيس مصر السيسي كان له دور مساعد منذ استيلائه مقاليد السلطة وحتى الان على ضرب خيار مقاومة الشعب الفلسطيني من خلال تدمير الانفاق التي تصل القطاع بسينا، هذه الانفاق والت يكانت تستخدم كمنفذ ليس في نقل سلاح المقاومة فقط بل في كسر الحصار ونقل المواد الغذائية والحياتية التي يتطلبها القطاع الفلسطيني.