الوقت – بعد ان اعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مؤخرا دعمه لرئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون للوصول الى منصب الرئاسة في لبنان، تتساءل الاوساط السياسية عن سبب استدارة جعجع وتأثير هذا الموقف الجديد على المستقبل السياسي للبنان والمعادلات في غرب آسيا.
ولا يخفى على احد الماضي الاسود لسمير جعجع الذي انضم بعد خروج القوات السورية من لبنان في عام 2005 الى فريق 14 آذار وكان من اكثر الاشخاص عداء للمقاومة في لبنان، لكن عون الذي كان من اعداء سوريا في الماضي قد اقترب من حزب الله بعد خروج القوات السورية من لبنان واصبح الان من اعمدة فريق 8 آذار الداعم للمقاومة وسوريا.
ومع اعلان دعم جعجع لرئاسة عون قد شهدت المعادلات السياسية في لبنان ازمة جديدة، ويعتقد الخبراء والمحللون ان اسباب هذه الخطوة التي قام بها جعجع يمكن ان تكون كالتالي:
- ما يقوم به تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري والذي دعم الشخصية المسيحية الأخرى سليمان فرنيجة لتبوأ منصب الرئاسة، وقد اعتبر جعجع ان الحريري قد طعنه في الظهر ولذلك اختار جعجع دعم عون للرئاسة كانتقام من الحريري.
- الانتصار الذي تسجله سوريا الان في مختلف الصعد.
ان دخول روسيا على الخط وانتصارات الجيش السوري اوصل رسالة الى اعداء سوريا في لبنان بأنهم سوف لن يمسكوا بزمام الحكم في لبنان واذا عادت سوريا مجددا وبقوة الى الساحة اللبنانية فانهم سيدفعون ثمنا غاليا ولذلك اختاروا الان الاقتراب من حلفاء سوريا في لبنان.
- السياسات والخطوات السعودية الأحادية
ان قيام السعودية بدعم تيار المستقبل لوحده وعدم تزويد باقي اطراف فريق 14 آذار بالدعم الكافي قد ازعج هذه الاطراف، فعلى سبيل المثال هناك علاقات بين سمير جعجع وقطر التي لاتريد تهميش دورها في لبنان ولذلك نرى ان الدوحة دعمت قيام جعجع بالوقوف الى جانب عون.
- الدعم السعودي للجماعات التكفيرية المسلحة
ان هذه الجماعات التي تدعمها السعودية تضطهد المسيحيين في سوريا والعراق ولذلك فإن المسيحيين اليمينيين في الشرق الاوسط اصبحوا منزعجين من السعودية وقد اختار حزب القوات اللبنانية الذي يترأسه جعجع ان يبتعد ولو ظاهريا عن حماة الجماعات التكفيرية، مع العلم بأن المسيحيين بدأوا بالابتعاد عن السعودية منذ عدة سنوات.
- اقتراب وجهات نظر جعجع وعون من بعضها البعض
يعتقد بعض الخبراء ان الاقتراب بين جعجع وعون قد بدأ منذ سنتين وان السبب هو اضعاف مكانة المسيحيين في لبنان وان الامر لم يكن مجرد احاسيس آنية بل ان هناك مفاوضات غير علنية جرت بين الجانبين لمنع وصول مسيحيين ضعفاء الى سدة الرئاسة في لبنان.
- ايجاد خلافات في داخل فريق 8 آذار
يعتقد بعض المحللين ان ما قام به جعجع هو خدعة سياسية لايجاد خلافات بين اطراف فريق 8 آذار الذين يعادون حزب القوات اللبنانية فاقتراب عون من جعجع وترشيح سليمان فرنجية للرئاسة سيتسبب بحدوث خلافات بين اطراف فريق 8 آذار وابتعادهم عن بعضهم البعض.
وفي الحقيقة يمكن القول ايضا ان ما قام به سمير جعجع يدل على وجود خلافات حادة بين اطراف فريق 14 آذار الذين باتوا يدعمون مرشحين مسيحيين من فريق 8 آذار هما عون وفرنجية وهذا يعتبر انتصارا سياسيا لتيار المقاومة في لبنان.
ان قيام جعجع بدعم ترشيح عون للرئاسة لم يذلل العراقيل امام انتخاب رئيس للبنان لأن حزب القوات اللبنانية ليس طرفا كبيرا وفاعلا ومؤثرا يمكنه تغيير المعادلات في لبنان.
ويحتاج عون الان الى دعم سياسي كبير للوصول الى الرئاسة خاصة اذا استمر فرنجية في ترشيح نفسه ودعمته اطراف في 14 آذار وحركة أمل في 8 آذار، ومن جهة اخرى يؤكد حزب الله انه يدعم ترشيح عون لكنه ليس معنيا بالاقتراب من حزب القوات اللبنانية ابدا لأن مواقف جعجع ضد المقاومة يعرفها الجميع.
وحسب ما تم تسريبه من مباحثات فرنجية والحريري فإن سعد الحريري يسعى للعودة الى منصب رئاسة الوزراء في لبنان وهذا يعتبر خطا احمر بالنسبة لحزب الله ولذلك لايستطيع حزب الله القبول بوصول فرنجية الى الرئاسة حسب المعادلة التي يرسمها الحريري.
واخيرا يمكن القول ان حل الازمة السياسية في لبنان مرتبط بأزمات الشرق الاوسط وخاصة الازمة السورية ويبدو ان الخلاف السعودي الايراني ايضا لايرسم افقا واضحا للحل في لبنان في الوقت الحالي.