الوقت – في وقت تتسع فيه هجمات طالبان في افغانستان بالتزامن مع انسحاب معظم القوات الامريكية من هذا البلد والاعلان الرسمي عن انتهاء العمليات الامريكية يتعرض القادة الصينيون الى ضغط من اجل التدخل بشكل اكبر لانجاح عملية السلام في افغانستان وذلك بعدما كانت الصين تسعى الى عدم التدخل في اية منطقة أو دولة تشهد الحروب.
وقد اعدت جريدة نيويورك تايمز تقريرا في هذا المجال تضمن مواقف عدد من الخبراء والشخصيات، حيث قالت نيويورك تايمز ان الدبلوماسي الصيني السابق في باكستان ومدير مركز دراسات جنوب آسيا في جامعة فودان في شنغهاي "دو يوكنغ" يعتقد ان امريكا لم تحقق اهدافها اثناء احتلالها لافغانستان ولذلك تعاني افغانستان حتى الان من المشاكل الامنية والاقتصادية والاجتماعية ولأن افغانستان هي دولة جارة للصين فلذلك يجب على بكين ان تتدخل لانجاح مفاوضات السلام وحفظ الاستقرار في المنطقة.
ويعتقد بعض الخبراء ان الصين اذا ارادت القيام بدور بناء في مفاوضات السلام مع طالبان فيجب عليها ان تقنع باكستان بأن وجود افغانستان هادئة ومن دون حروب وقادرة على التعامل السياسي والاقتصادي مع كافة القوى الاقليمية ومنها الهند هو لصالح كافة القوى الاقليمية ومنها باكستان.
ومن المتوقع ان يقوم وزير الخارجية الافغاني صلاح الدين رباني الذي يزور بكين بالتفاوض مع المسؤولين الصينيين حول كيفية تقدم عملية السلام وجلب طالبان نحو طاولة المفاوضات، كما يمكن تفسير زيارة وزير الخارجية الافغاني الى بكين بأن الصين لها دور هام في استئناف مفاوضات السلام.
ويمكن القول ان احد اسباب دخول الصين في مفاوضات السلام الى جانب الرغبة في وجود افغانستان آمنة ومستقرة هو امكانية تحول افغانستان الى مركز مهم لنقل البضائع الصينية وكذلك سوق للمنتجات الصينية.
وهناك ايضا هواجس صينية الى جانب الدوافع الاقتصادية فبكين قلقة من عمليات المتمردين في منطقة سينكيانغ الواقعة غربي الصين والتي تسكنها اقلية الايغور حيث تخشى بكين تأثر هؤلاء بالجماعات المتطرفة في خارج البلاد وشنهم هجمات في سينكيانغ.
ويعتقد الخبراء ان الصين كانت راغبة منذ زمن في الدخول الى المعركة الافغانية لكنها كانت تريد عدم الانحياز لأي طرف، اما المسؤولون الافغان ومنذ زمن حامد كرزاي فكانوا يضغطون على الصين باستمرار لكي تضغط بدورها على اسلام آباد لكبح جماح طالبان.
بدوره يقول الخبير في الشأن الافغاني في جامعة نيويورك ومستشار الامم المتحدة السابق بارنت روبين ان تشكيل لجنة التعاون الرباعية التي من المقرر ان تعقد اولى جلساتها في بداية شهر فبراير في اسلام آباد يعتبر امرا مثيرا للانتباه لأن هذه اللجنة هي المؤسسة الوحيدة التي تشكلت بفعل التعاون السياسي بين الصين وامريكا في افغانستان.
واضاف روبين "ان امريكا لديها نفوذ في افغانستان والصين ايضا لديها نفوذ في باكستان وهذا يدل على وجود تنسيق في سياسات الدولتين" وتابع قائلا "ان دور الصين الهام في هذه العملية هو تطمين باكستان فإذا دافعت الصين عن المواقف المشتركة بين امريكا والحكومة الافغانية فإن مقاومة باكستان امام ذلك تصبح امرا بالغ الصعوبة.
لكن باكستان تعتبر افغانستان ساحة استراتيجية لها والتي يجب ان تبتعد عن تأثير منافستها وهي الهند، ومن جهة اخرى يقول المستشار السابق للرئيس الافغاني داود مراديان ان الصين ومن اجل مصالحها الاقتصادية تحتاج الى وجود منطقة مستقرة وهادئة في جوارها وهذا يتعارض مع استراتيجيتها وهي التحالف مع باكستان ضد الهند وامريكا رغم استخدام باكستان لأداة الارهاب لتنفيذ مآربها في المنطقة.
ويقول المستشار السابق للرئيس الافغاني: لا اعتقد ان باكستان ستتأثر بهذه السياسات وفي الحقيقة فإن كابول ايضا لاتملك شيئا للضغط على باكستان او تشجيعها على التخلي عن طالبان.
اما السفير الباكستاني السابق في بكين وفي الامم المتحدة "مسعود خان" فانه يعتقد ان الصين ستقوم بدور داعم وبناء في هذه المفاوضات الرباعية المرتقبة، فيما يعتقد الباحث ومساعد رئيس جمعية دراسات الشرق الاوسط في الصين "لي شاوكسين" ان ايجاد علاقات مباشرة مع ممثلي طالبان لها اهمية كبيرة جدا بالنسبة للصين، ويقول شاوكسين انه زار افغانستان في عام 2000 ويعتقد بان طالبان لن تنتهي بهذه السهولة لانها تمتلك جذورا في مختلف قطاعات المجتمع الافغاني.
ويضيف هذا الباحث الصيني: ان عناصر طالبان قالوا له ان الصين هي دولة من الممكن الوثوق بها وهي تاريخيا الدولة الوحيدة التي لم تعتد على الشعب الافغاني.