الوقت: تعتبر الانتخابات الرئاسية في لبنان أحد المواضيع التي ينشغل بها اللبنانيون حاليا وسط اوضاع صعبة تتصل بتداعيات الأزمة السورية وتأثيراتها على البلاد، ولا شك ان هذه الانتخابات هامة ومصيرية لجهة معرفة الشخص الذي سيصل الى سدة الرئاسة في وقت يحتاج لبنان الى رئيس يتفق عليه اللبنانيون بأكبر نسبة من الاتفاق نظرا الى المشاكل التي يعاني منها لبنان والأخطار التي تهدد هذا البلد وأبرزها ازدياد نشاط الجماعات التكفيرية الارهابية الآتية من سوريا والتي هددت باشعال حرب طائفية في لبنان، وكذلك تواجد العدو الصهيوني على الحدود وتربصه بلبنان.
فللمرة الرابعة عشرة منذ أبريل الماضي أرجأ مجلس النواب اللبناني جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية كانت مقررة يوم الاربعاء الماضي، بسبب عدم اكتمال النصاب نظرا للانقسام السياسي الحاد في البلاد ، حيث ينقسم النواب بين مجموعتين اساسيتين هما قوى 14 آذار المناهضة لسوريا ومحور المقاومة والممانعة، وقوى 8 آذار وأبرز اركانها حزب الله والزعيم المسيحي الماروني ميشال عون الذي يعتبر مرشح هذه المجموعة الى الرئاسة، ولا تملك أي من الكتلتين الاغلبية المطلقة، وتوجد كتلة ثالثة صغيرة في البرلمان مؤلفة من وسطيين ومستقلين .
واعلنت رئاسة مجلس النواب ارجاء الجلسة الى 19 نوفمبر، اي قبل يوم من انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي .
وفيما يعتبر ميشال عون مرشح قوى 8 آذار للرئاسة اللبنانية هدد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن الشغور الرئاسي قد يمتد لسنوات إن لم تقتنع قوى 14 آذار بمرشح توافقي.
وقال الشيخ نعيم قاسم "يبدو أن الأمر ما زال بحاجة إلى وقت لأن شروط التوافق على الرئيس ليست مكتملة، والطرف الآخر أي 14 آذار ما زال غير مقتنع بأن الرئيس يجب أن يكون صناعة لبنانية وأن يكون شخص الرئيس ممثلًا للقوة المسيحية والقوة الوطنية وقادر على أن يصيغ اتفاقات وينسّق مع كل الأطراف بطريقة مناسبة تنسجم مع موقعه كرئيس، لذلك يبدو اننا متأخرين في هذا الموضوع" .
واشار الشيخ نعيم قاسم ضمنا بطرح قوى 14 آذار لسمير جعجع، وهو من مجرمي الحرب السابقين اثناء الحرب الداخلية اللبنانية، لتولي الرئاسة وقال: المرشّح الذي طرحته 14 آذار جعلنا نرى ما هي العقلية التي يفكرون فيها، طرحوا مرشحًا صداميًا تاريخه صعب، وهذا يعني أنهم ليسوا ذاهبين للحل، نحن لدينا مرشّح قادر على تحقيق النظافة المطلوبة والسيادة المطلوبة، وبالتالي هو قال لهم أنا حاضر على أن أتفاهم معكم على قواعد لأحكم أنا وأنتم ونتقاسم السلطة أنا وأنتم، هذه لغة مطروحة منذ البداية في فريقنا ولكنها لم تكن مطروحة في الفريق الآخر .
ويأتي ترشيح سمير جعجع من قبل قوى 14 آذار لتولي الرئاسة اللبنانية بسبب عداء هذا الشخص لسوريا وحزب الله، ويبدو ان هناك ايعاز سعودي امريكي الى قوى 14 آذار من اجل ترشيحه والاصرار على تسميته لأنه مرشح يخدم الأجندات الغربية في لبنان ومسألة انتخابه ستجر لبنان نحو أزمة كبيرة جديدة تزيد الطين بلة في هذا البلد.
أما المرشح ميشال عون أثبت خلال السنوات الأخيرة بأنه يتمتع بعقل استراتيجي وقراءة دقيقة للمجريات السياسية في لبنان والمنطقة اضافة الى كونه غير طائفي حيث يتحالف مع المسلمين في لبنان ويوفر على اللبنانيين محنة كبيرة عانوا منها سابقا وهي الصدام بين المسيحيين والمسلمين.
ان وجود شخصية مسيحية كميشال عون الذي يتمتع ايضا بذكاء سياسي حاد في سدة الرئاسة اللبنانية يوفر على لبنان واللبنانيين حدوث تجاذبات سياسية حادة أكثر مما هو حاصل الآن وربما يتوفق عون في لم الشمل وترتيب البيت الداخلي اللبناني عبر النظرة الشاملة التي تميز تفكيره ونهجه السياسي ما يخدم لبنان في هذا الوقت العصيب وكذلك في المستقبل البعيد.
ان ارتهان سعد الحريري وقوى 14 آذار للسعودية وامريكا وتأزيم الاوضاع الداخلية اللبنانية لسنوات عبر استعداء سوريا والمقاومة اوصل لبنان الى وضع يطمع فيه التكفيريون والارهابيون الآتون من سوريا باشعال حرب طائفية في هذا البلد بسهولة تامة وهم قد اعلنوا ذلك، كما ان ايصال سمير جعجع للرئاسة وهو أمر بعيد المنال يعطي فرصة كبيرة للعدو الصهيوني لتنفيذ مآربه لأن جعجع عميل قديم للصهاينة وكانت لديه علاقات وثيقة بهم في السابق.
ويبقى على النواب اللبنانيين من مختلف الطوائف والاحزاب والتيارات والفرق ان يدققوا النظر في الظروف الحالية المحيطة ببلدهم لان الوضع بالغ الحساسية والخطورة وما من شيء يفيد اللبنانيين في الوضع الحالي الا اتباع الحكمة وتغليب المصلحة الوطنية على الاملاءات والاوامر الخارجية.