الوقت – رغم فداحة الخسائر البشرية للحروب التي تجري حاليا في بعض البلدان الاسلامية ستتسلط الاضواء بعد اسكات المدافع في هذه البلدان على البنى التحتية المدمرة لانها تؤثر على كيفية حكم تلك البلدان وستسعى حكومات تلك البلدان الى الحصول على مساعدات خارجية لبناء ما دمرته الحرب، لكن يمكن الحصول على هذه المساعدات دون ان تكون سياسات الدول المنكوبة مرهونة بسياسات الدول الداعمة؟
الهدف من تدمير البنى التحتية في الدول الاسلامية في العمليات العسكرية
تعتبر البنى التحتية شريانا رئيسيا للحياة في الدول وان تدمير اي منها يصيب البلد بالشلل ويمنعه من الاستمرار في الحياة بشكل طبيعي ولذلك فإن الحرب العشوائية تؤدي الى قطع هذه الشرايين وبالتالي خفض مستوى الرفاه الاجتماعي وصولا الى سلب المشروعية عن النظام الحاكم في ذلك البلد.
واذا نظرنا الى الدول الاسلامية التي تدمر بناها التحتية من قبل القوى العالمية والاقليمية مثل سوريا نرى ان هؤلاء يستهدفون المنشآت النفطية السورية الواقعة تحت سيطرة داعش بذريعة اضعاف داعش في حين لاتستهدقف هذه القوى صهاريج النفط التي تدخل الى تركيا، وفي ليبيا يقوم الناتو بمثل هذا الفعل بطريقة اخرى، اما في اليمن تقوم دولة يقال عنها "اسلامية" بتدمير كافة البنى التحتية لدولة اسلامية أخرى، ويمكن تلخيص اهداف تدمير هذه البنى التحتية في تلك البلدان في القضايا التالية :
اضعاف الدول الاسلامية
ان تدمير البنى التحتية يضعف حكومات الدول المستهدفة التي تصبح مجبرة على بذل قصارى جهدها لكسب رضا مواطنيها وهذا ما سيستفيد منه الغرب لفرض تنمية على مقاييسها ونمطها على تلك الدول المنكوبة.
ايجاد علاقات هادفة والاستفادة الاقتصادية وفرض التبعية
ان الدول الغربية ستعلن بعد انتهاء هذه الحروب استعدادها لدفع مبالغ مالية والمساهمة في اعادة اعمار البنى التحتية وان الاتفاقيات التي تبرم في هذا المجال تفتح المجال امام تغلغل الدول الغربية في البلدان المنكوبة وعلى سبيل المثال فإن سوريا التي كانت تعتبر بلدا سياحيا تكون مجبرة على تلزيم الشركات الغربية بترميم الآثار التاريخية المدمرة وهذا سيحدث نوعا من "التبعية"، والامر نفسه سيحدث بالنسبة للبنى التحتية الليبية في مجال المياه وقد رأينا كيف تحدثت "فيدريكا موغريني" عن مساعدة بقيمة مئة مليون يورو لليبيا في حال تشكيل حكومة وحدة وطنية والمعروف ان تلقي هذه المساعدة رهن بأن تنسق ليبيا بعد الآن سياساتها مع سياسات الغربيين واذا لم يكن الامر كذلك هل ستحصل ليبيا على مثل هذه المساعدة؟
السعي لتغيير سلوك البلدان المنكوبة عبر فرض التبعية عليها
الى جانب جني الارباح الاقتصادية في الدول الاسلامية تفكر الدول الغربية ايضا باستخدام الدول الاسلامية التي ضربتها الازمات في معادلاتها الاقليمية فالدول المنكوبة مجبرة على مد جسور العلاقات مع باقي اللاعبين الدوليين لتلبية حاجات مواطنيها وهذا سيؤدي الى تبعية اقتصادية وتقنية واعمارية وصناعية وخدمية وفي النهاية تصبح هناك شيء من المرونة والليونية امام المطالب السياسية للدول الداعمة وهذا ما يريده الغربيون بالذات.
تدمير البنى التحتية في ليبيا واليمن وسوريا
ان ليبيا واليمن وسوريا قد عانوا من ازمة امنية وحروب داخلية في السنوات الاخيرة وقد تم تدمير البنى التحتية في هذه البلدان، والآن نشیر الى حالة كل واحدة من هذه البلدان :
ليبيا
تؤكد القوانين الدولية ان مهاجمة البنى التحتية المدنية وخاصة مصادر المياه تعتبر جريمة حرب لكن هذا ما يفعله الناتو في ليبيا حيث تفيد التقاري الكثيرة الواردة ان أزمة المياه تنتشر بشكل واسع في ليبيا والسبب ان النظام الدقيق والمعقد لتوزيع المياه في ليبيا والتي بني طيلة عقود بكل صعوبة قد دمرها الناتو.
ان نظام توزيع المياه في ليبيا كان ينقل المياه الجوفية من جنوب ليبيا الى 70 بالمئة من المواطنين الليبيين لكن الناتو دمر مصانع انابيب نقل المياه في البريقة وسرت بذريعة وجود عناصر تابعة للقذافي في تلك المعامل لكن الناتو لم يقدم بعد ذلك اي اثبات على هذا.
وفيما يتعلق بالنفط ايضا يقول مدير مركز مشاريع ابحاث العولمة في مدينة مونتريال الكندية ان هجوم الناتو على ليبيا الذي جرى تحت واجهة انسانية كان تماما كما حصل في العراق في عام 2003 وان الهدف الرئيسي كان فقط الاستحواذ على الثروة النفطية في هذا البلد ولذلك ليس مستغربا ان الناتو لم يقصف ابدا المنشآت النفطية الليبية في حين تتم قصف منشآت المياه.
الجزء الاول