الوقت- لم تكن الزيارة الاخيرة لاردوغان الى السعودية الزيارة الوحيدة له الى الرياض اثناء توليه الرئاسة التركية لكن ما يميز هذه الزيارة هو تزامنها مع الاحداث الجارية في العراق وسوريا واليمن، ويعتقد الخبراء ان السياسات الجديدة في سوريا وتحسين علاقات انقرة مع تل ابيب والقاهرة كان محور مباحثات اردوغان في السعودية، ولتسليط الضوء على هذه الزيارة ونتائجها اجرى موقع الوقت التحليلي الاخباري حوارا مع الخبير في الشؤون التركية "علي قائم مقامي" هذا نصه:
الوقت: ما هي اهداف زيارة اردوغان الى الرياض في الوقت الذي تتورط فيه تركيا في سوريا وتتورط السعودية في اليمن؟
قائم مقامي: ان زيارة اردوغان لها ابعاد كثيرة ولايمكن حصرها في شؤون المنطقة ويمكن ان تكون مباحثات اردوغان تناولت الاوضاع في العراق وسوريا واليمن كما ان هناك قضية مصادر الطاقة مثل النفط والغاز لان السعودية لديها مشاريع بـ 613 مليار دولار حتى عام 2020 وان تركيا تريد المشاركة فيها وفي الجانب الامني ايضا هناك قضية الارهاب وتداعياتها بالاضافة الى عقد اتفاقيات التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
ومن القضايا التي حدثت بعد هذه الزيارة يمكن الاشارة الى اعدام آية الله النمر في السعودية وكذلك كلام اردوغان بعد عودته الى تركيا عن حاجة انقرة للعلاقات مع الكيان الاسرائيلي وهكذا يمكننا ان نشاهد في المستقبل بلورة حلف يجمع السعودية وتركيا والكيان الاسرائيلي امام الحلف الذي يجمع ايران والعراق وسوريا وروسيا.
الوقت: هل يدخل موضوع تشكيل المجلس الاستراتيجي الاعلى بين تركيا والسعودية في اطار مواجهة المحور الذي تدعمه ايران؟
قائم مقامي: ان التعاون الاستراتيجي عالي المستوى يعني التعاون الاستراتيجي والامني على مستوى زعيمي البلدين ويمكن ان نشهد خلال العام المقبل عقد لقاءات لرسم سياسات امنية مشتركة بين البلدين وتنفيذها.
الوقت: هل هناك علاقة بين تحرير بعض المناطق في سوريا والعراق من براثن تنظيم داعش الإرهابي وزيارة اردوغان الى الرياض؟
قائم مقامي: السعودية وتركيا لاتهتمان بداعش فقط بل هناك عشرات الجماعات المسلحة التي عقدت مؤخرا اجتماعا في السعودية وان اكثر هذه الجماعات هي جماعات تكفيرية تتخذ من تركيا مقرا لها، ان اجتماع الجماعات التكفيرية بمشاركة تركيا والسعودية وقطر وامريكا هو من اجل مواجهة المحور الروسي الايراني في سوريا والعراق وقد رأينا كيف قامت تركيا بتدريب الجماعات السنية في العراق تحت اسم الحشد الوطني وادخلت قواتها الى مناطق قريبة من الموصل رغم احتجاج الحكومة العراقية.
الوقت: لقد شهدنا اعدام الشيخ نمر باقر النمر مباشرة بعد زيارة اردوغان للرياض رغم معارضة القادة السياسيين في العالم والمؤسسات الحقوقية الدولية فهل هناك علاقة بين عملية الاعدام وزيارة اردوغان؟
قائم مقامي: ان اعدام الشيخ النمر مباشرة بعد زيارة اردوغان يعني ان تركيا تؤيد قمع الشيعة وهذا يدخل في سياق الدعم الذي تقدمه تركيا للتكفيريين في العراق وسوريا وتدريب 6 آلاف عنصر سني تحت اسم الحشد الوطني ومن الواضح ان تركيا تدرب هؤلاء لمنع سيطرة الحكومة العراقية والمسلحين الشيعة على الموصل بعد تحريرها.
وفي اليمن ايضا تتبع تركيا السياسة ذاتها وقد قدمت الدعم اللوجستي للسعودية في بداية العدوان على اليمن لانها تريد اضعاف الشيعة ومعارضي السعودية.
الوقت: هل يمكن اضافة الكيان الاسرائيلي كضلع ثالث الى تركيا والسعودية لاكتمال رسم مثلث انقرة – الرياض – تل ابيب ؟
قائم مقامي: نعم، ان العلاقات الاستراتيجية بين انقرة والرياض لامعنى لها دون وجود وانضمام تل ابيب وقد اشار اردوغان الى الحاجة التركية الاسرائيلية المتقابلة لوجود هذه العلاقات وان الهدف من ذلك هو مواجهة ايران في المنطقة وان الغرب ايضا يؤيد هذه المواجهة.
الوقت: لقد رأينا في الفترة الماضية توترا بين تركيا وروسيا بعد اسقاط الطائرة الروسية فهل يمكن القول ان تركيا اختارت التقارب الاستراتيجي مع السعودية بعد الخلافات مع روسيا؟
قائم مقامي: ان التوتر الاخير بين تركيا وروسيا وفرض عقوبات روسية على تركيا دفعت تركيا نحو البحث عن مصادر بديلة للطاقة مثل السعودية وقطر كما ان هناك حقول الغاز التي اكتشفها الكيان الاسرائيلي في شرق البحر الابيض المتوسط حيث يسعى الاسرائيليون الى تصدير هذا الغاز الى اوروبا عبر تركيا التي ستتجاهل حصة سوريا ولبنان وفلسطين من هذه الحقول اذا تعاونت مع الكيان الاسرائيلي في هذا المجال، وبما ان تركيا ترى ان تحقيق هذه الاهداف يمر عبر القناة السعودية فلذلك قررت تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع الرياض وزيادة دعمها للجماعات المسلحة التكفيرية في العراق وسوريا وان اردوغان يريد تحقيق هذا الهدف الان.
الوقت: نظرا للاوضاع السائدة في المنطقة وهزيمة بعض الجماعات المسلحة التي تدعمها السعودية في سوريا والعراق هل تستطيع تركيا تحقيق اهدافها في هذه المنطقة؟
قائم مقامي: ان تركيا تريد تحقيق اهدافها عبر تعزيز تواجدها العسكري وان بناء قاعدة عسكرية تركية في قطر يأتي ضمن هذا السياق وان انقرة ستعزز مثل هذه العلاقات مع الامارات والسعودية ايضا وفي الحقيقة تحاول تركيا تشكيل "ناتو" عربي بمشاركة تركية لكن من المستبعد ان تؤمن مثل هذه الاحلاف المصالح التركية لأن تجربة الدول العربية في الخليج الفارسي في هذا المجال هي ايضا تجربة فاشلة.