الوقت ـ یستمر النظام البحرینی بسیاسة معاقبة شعبه الاعزل تارة من خلال قمعه عسکریا والزج به فی السجون و تارة اخری من خلال حرمانه من ابسط حقوقه من ضمنها فرص العمل والتعلیم. حتی وصل الامر بهذا النظام ان یبقی عشرات الآلاف من الشباب عاطلین عن العمل والمجیئ باعداد هائلة من المعلمین والاطباء من مصر وباکستان.
هذا وقد اعلنت الحکومة البحرینیة أنها بصدد منح الآلاف من الاطباء والمعلمین المصریین والباکستانیین فرص عمل داخل البحرین فی ظل ظروف یعانی فیها عشرات الآلاف من الشباب البحرینیون من البطالة وفقده فرص العمل رغم انهائهم الدراسات العلیا وتخرجهم من الجامعات الداخلیة و الاجنبیة.
لاشک أن النظام البحرینی یسعی من خلال التضیق علی شعبه فی شتی النواحی خاصة فی مجال عدم منح الشباب فرص العمل التی تعتبر ضمن حقوقه الاولیة، واضعاف معارضته وتغییر الترکیبة السکانیة لهذا البلد الذی یشکل الشیعة معظم سکانه. لکن مثل هذه السیاسات التی تتعارض مع مبادئ حقوق الانسان والقانون الدولی لیس فقط لم یکن بوسعها اضعاف ارادة الشعب البحرینی لمواصلة مطالبته بحقوقه التی حرم منها لعدة عقود ـ ان لم نقل لعدة قرون ـ بل ستکون هذه المعاملة السیئة من قبل النظام، عنصرا اساسی لزیادة الغضب الشعبی فی البحرین تجاه الاسرة المالکة التی تعوّدت رسم مصیر الشعب وفقا لمصالحها والاملاءات التی تفرض علیها من قبل دول اخری کالسعودیة والولایات المتحدة.
وتشیر التقاریر الواردة أن النظام الخلیفی سرّح العدید من الشباب البحرینین بعد اندلاع الثورة البحرینیة فی الـ 14 من فبرایر عام 2011 ضد العائلة المالکة التی استفردت بحکم البلاد لمایزید علی 250 عاملا دون مراعاة مبادئ الحریة وحقوق الانسان. وللاسف باستثناء الاحتجاجات الخجولة التی صدرت عن بعض المنظمات الدولیة إزاء معاقبة الشباب من قبل النظام البحرینی بسبب رفضهم الدکتاتوریة فی البلاد، فان هذه التصرفات غیر القانونیة من قبل الاسرة المالکة لم تواجه رادع قوی من قبل المنظمات الدولیة کالامم المتحدة ومجلس حقوق الانسان. فلهذا السبب تمادی النظام البحرینی بمخالفته القوانین الدولیة من خلال قمعه المستمر لمطالب الشعب الذی لایرید شیئاً سوی نیل حقوقه وفقا للقانون والاعراف الدولیة.
وتشیر تقاریر واردة اخری أن النظام البحرینی یهدف من خلال منحه فرص عمل لاطباء باکستانیین الاستفادة منهم کعملاء له ضد المعارضة البحرینیة حتی یمتنعوا من معالجة الجرحی الذین یسقطون اثر قمع الآلة العسکریة البحرینیة والسعودیة للاحتجاجات الشعبیة فی البحرین بکل شراسة. ومن الملفت ان هذه الانتهاکات الصارخة فی مجال حقوق الانسان التی حدثت علی ید النظام البحرینی خلال الاعوام الثلاث الماضیة لم تواجه ای موقف مناهض من قبل واشنطن التی تعتبر البحرین احد حلفائها الاستراتیجیین فی المنطقة.
ویری العدید من المتابعین لثورة البحرین ان مایقوم به النظام البحرینی فی الآونة الاخیرة لمواجهة المعارضة الشعبیة السلمیة من ضمنها حرمان الشباب من فرص العمل والدراسة والعلاج فی المشافی ما هی إلاّ بمثابة الانفاس الاخیرة لهذا النظام، الذی طالما امتنع عن الاصغاء لمطالب شعبه والکف عن ممارسة التمیز العنصری ضد طائفة معینة بالرغم من أنها تشکل النسبة الساحقة لسکان البلاد. ومن الواضح ان النظام البحرینی کان یعوّل کثیرا علی دعم السعودیة لافشال الثورة الشعبیة التی تشهدها البلاد، لکن ثبت عدم جدوی هذا الدعم لاخماد نیران الثورة البحرینیة، ولذلک اصیبت الاسرة المالکة فی البحرین بالیأس والخیبة حتی اصبحت تظن ان ادخال المعلمین والاطباء من الخارج یمکن أن یساهم فی استمرار حیاة الدکتاتوریة فی هذا البلد.