الوقت ـ اثبت غیاب الدول الخلیجیة الثلاث، السعودیة والامارات والبحرین عن حضور المؤتمر الرابع عشر لبحث قضایا الدیمقراطیة والتنمیة والتجارة الحرة الذی عقد مؤخرا فی الدوحة أن خلافات هذه الدول مع قطر لم تنتهی وسرعان ما ستخرج السنة نیرانها من تحت الرماد بعد ما هدءت الی حد ما اثر محاولات التهدئة التی اتخذتها قطر من جانب واحد.
لم یکن فی یوم من الایام وصل العداء بین الریاض وابوظبی والمنامة من جهة والدوحة من جهة ثانیة الی ما وصل الیه خلال الاشهر الماضیة خاصة بعد أن سحبت هذه العواصم الثلاث سفرائها من قطر إثر تفاقم خلافاتها مع الدوحة بسبب دعم الاخیرة لمشروع الاخوان فی مصر. وجاء غیاب هذه الدول عن حضور مؤتمر الدوحة لیثبت مرة اخری أن جمیع المحاولات التی بذلت عبر وزراء خارجیة «مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی» فی الآونة الاخیرة لحل الخلافات التی نشبت بین دول هذا المجلس، وصلت الی طریق مسدود ولم تتمکن من حل هذه الازمة.
هنالک اسباب عدیدة ادت الی تاجیج نیران الخلافات بین «مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی» ولعل دعم قطر لجماعة الاخوان المسلمین خلال وبعد وصولهم الی الحکم فی هذا البلد، یعتبر ابرز هذه القضایا التی آلت الی ما آلت الیه الاوضاع فی هذه المرحلة بین هذه الدول. وبالرغم من جمیع التسترات التی قامت بها السعودیة والامارات والبحرین لاخفاء غضبهم تجاه وصول الاخوان المسلمین للسلطة فی مصر، من خلال دعم اعلامی وسیاسی قطری، لکن سرعان ما صبت هذه الدول جام غضبها علی جماعة الاخوان بعد ما واجهت هذه الجماعة احتجاجات داخلیة، حتی ادت ضغوطات اعداء هذه الجماعة الی الاطاحة بحکمها.
کما تعتبر طموحات السعودیة لفرض هیمنتها علی سائر اعضاء مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی، أحد ابرز النقاط الاخری التی فجرت الخلافات بین هذه الدول. ومن المعروف أن الریاض حاولت خلال الفترة الماضیة، تغییر مجلس التعاون لکی یصبح «اتحادیة»، یکون رئیسها سعودیا بهدف التحکم بسیاسات سایر الدول المنتمیة لهذه الاتحادیة وفقا لمصالح السعودیة.
وفی هذا السیاق تعتبر سیاسة «قناة الجزیرة» القطریة تجاه السعودیة والامارات والی حد ما تجاه البحرین وتسلیط الاضواء علی انظمة الحکم الاسریة والدکتاتوریة فی هذه البلاد، ادت الی زیادة نسبة قلق هذه الدول حول احتمال نشوب احتجاجات داخلیة واسعة تؤدی الی زعزعة حکم هذه الاسر الثلاث. حیث تعودت هذه الدول الی عدم التطرق الی ممارساتها غیر الدیمراطیة فی الحکم من قبل الاعلام، بل حتی تلمیع الدکتاتوریة وحکم الفرد الواحد من قبل الاعلام لکی یصبح هذا النمط من الحکم بمثابة «الهبة من الله» للشعب!!.
وبالرغم من أن قطر حاولت تهدئة الخطوات التصعیدیة التی واجهتها من قبل الریاض وابوظبی والمنامة بعد ما سحبت هذه العواصم سفرائها من الدوحة، لکن یبدو أن قطر تستعد لمعرکة واسعة مع خصومها فی «مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی» من خلال تعزیز علاقاتها مع روسیا وایران وجماعة الاخوان المسلمین، ما سیؤدی ذلک الصراع الی انهیار «مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی»، الذی لم یکن فی یوم من الایام فکّر فی مصالح شعوب الدول المنتمیة الیه وکان همّه الوحید حفظ کرسی حکم الملوک علی حساب حقوق الشعب وحریاته.