الوقت - قامت القوات السعودیة خلال العامین الماضیین ولعدة مرات بقمع المواطنین الشیعة فی المنطقة الشرقیة من البلاد باستخدام الرصاص الحی لمنعهم من المطالبة بحقوقهم المشروعة ما ادی الی استشهاد العدید منهم وجرح آخرین .
ویعانی سکان هذه المنطقة التی تضم مدن القطیف والعوامیة والاحساء والتی تعد الموطن الاصلی للشیعة فی الجزیرة العربیة من القمع والحرمان الشدیدین من قبل السلطات علی مدی القرن الماضی والذی تجلی بصورة واضحة بالتضییق علی حقوقهم ومنعهم من ابسط الامکانات رغم سکناهم فی منطقة تعد من اکثر المناطق وفرة بالمنابع الطبیعیة لاسیما مصادر الطاقة .
ورغم أن الشیعة یمثلون اهم الاقلیات ذات التأثیر الکبیر فی السعودیة سواء علی الصعید الداخلی أو الاقلیمی لما لهم من دور فعال فی رسم مستقبل المنطقة من الناحیة الجیوبولوتیکیة بسبب تواجدهم فی المناطق الغنیة بمصادر الطاقة ذات الاهمیة الاستراتیجیة والتی یمکن أن تلعب دوراً محوریا فی رسم السیاسات الاقتصادیة فی عموم المنطقة لاسیما فی الدول المجاورة، الا ان النظام الحاکم فی البلاد وبانتهاجه سیاسة عقیمة مع هذه المنطقة الحساسة والمهمة لم یسمح لساکنیها بأی قدر من المشارکة بصناعة القرار السیاسی ، ولم یسمح لهم کذلک حتی بالتعبیر عن هویتهم الدینیة وذلک فی اطار مساعیه الرامیة الی دثر العمق التاریخی لهذه المنطقة . وهذا الأمر یدلل علی ان النظام السعودی یعانی من عقدة اللامشروعیة الی جانب ازماته الکثیرة المتمثلة فی کیفیة توزیع الثروة النفطیة وتحدید حجم المشارکة السیاسیة لمختلف الشرائح الاجتماعیة فی ادارة البلاد وغیرها، ولهذا اتخذ هذا النظام عدة خطوات لمواجهة هذه الازمات من بینها السماح لمواطنی الدول الاخری بالهجرة الی السعودیة بغیة تغییر الهیکلیة الدیموغرافیة للبلاد علی حساب سکانها الاصلیین بالاستفادة من مختلف الطرق والاسالیب غیر المشروعة وفی مقدمتها الاستعانة بالقوات العسکریة والامنیة والاسلحة الغربیة فی قمع الشعب لا سیما الشیعة لتحقیق هذا الغرض .
ولابد لشیعة المنطقة الشرقیة فی السعودیة وخصوصا فی مدن الاحساء والقطیف والعوامیة والذین یواجهون قمعا شدیداً من قبل السلطات من التمسک بالحقائق التالیة للحصول علی حقوقهم المشروعة :
اولا: کونهم یمثلون الهویة الاصیلة للمنطقة الشرقیة وباقی مناطق شبه الجزیرة العربیة وهذا الأمر ثابت تاریخیا ولا یمکن المساس بصحته علی عکس العائلة الحاکمة التی لا تتمتع بأی اصالة ویعد وجودها طارئا ودخیلا علی تاریخ البلد .
ثانیا : هم وباعتبارهم یمثلون مکوناً اساسیاً من المجتمع یمتلکون کامل الحق فی المشارکة الفاعلة بإدراة شؤون البلد سیاسیا واجتماعیا وینبغی لهم عدم الاکتفاء بالحد الادنی من هذه المشارکة ولابد لهم من الاستمرار بالمطالبة بجدیة وثبات لنیل حقوقهم المشروعة.
ثالثا: مناطقهم الغنیة بالنفط وباقی مصادر الطاقة والمؤثرة استراتیجیا قادرة علی توفیر فرص عمل لما بین 40 الی 60 بالمائة من القوی البشریة العاملة فی قطاع الصناعات النفطیة فی السعودیة إذ من المعروف ان اراضی هذه المناطق تضم فی داخلها اکثر من 60 ملیار برمیل من الاحیاطی النفطی السعودی لا سیما فی منطقة القطیف .
رابعا: 90 الی 95 بالمائة من الواردات النفطیة التی تجنیها السعودیة من النفط تجبی من المناطق الشیعیة الا ان سکان هذه المناطق لا یحظون بأی قدر من هذه الثروة لتحسین اوضاعهم الاجتماعیة والمعیشیة.
خامسا : اکثر من 15 بالمائة من وارادات النفط فی العالم یتم تأمینها من المناطق التی یسکنها الشیعة فی السعودیة .
سادسا : هناک بون شاسع فی مستوی الرفاه الاجتماعی والمعیشی بین شیعة السعودیة وشیعة الدول المجاورة رغم امتلاکهم للمصادر الغنیة بالطاقة .
سابعا: یتمتع شیعة السعودیة بعمق تاریخی واصالة دینیة واجتماعیة وذلک یؤهلهم بجدارة للعب دور مؤثر وفعال فی رسم مستقبل البلاد والمنطقة برمتها لاسیما فی الدول المجاورة .
ثامنا : یعتقد المراقبون ان المنطقة الشرقیة فی السعودیة والتی یقطنها الشیعة کان بامکانها أن تکون الاغنی والاثری فی عموم منطقة الخلیج الفارسی لولا سیطرة آل سعود علی مقالید الامور فی المملکة وحرمان ساکنی هذه المنطقة من التمتع بثرواتها والاستفادة من امکانتها الهائلة .
وتجدر الاشارة الی انه ورغم تمکن شیعة السعودیة من الحفاظ علی هویتهم الدینیة واصالتهم التاریخیة الا انهم ما یزالون یعانون من شظف العیش وشحة الامکانیات بسبب سیاسة آل سعود التی حرمتهم من أبسط الفرص لتحقیق التقدم والتطور لابقاء سیطرتهم وهیمنتهم علی المناطق التی یسکنوها وبالذات فی المنطقة الشرقیة .
وفی الختام لابد من التأکید علی ضرورة أن یأخذ شیعة السعودیة زمام المبادرة لرفع مستوی قدراتهم وطاقاتهم للمشارکة الفعالة فی ادارة شؤون البلاد بالاستفادة من موقعهم الجغرافی والثروات الهائلة التی یمتلکونها، کما ینبغی للعائلة الحاکمة اتاحة الفرصة للشیعة لیأخذوا دورهم فی بناء ورسم مستقبل البلاد مع بقیة شرائح المجتمع والکف عن انتهاج سیاسات عنصریة وطائفیة تجاههم باعتبارهم الشریحة الاهم التی تحظی بعمق تاریخی واصالة دینیة لا ینکرها علیهم أحد .