الوقت - أدلى بنيامين نتنياهو، رأس الحكومة الصهيونية، بتصريحات لقناة أسترالية جاء فيها: "رسمنا لأنفسنا في معركتنا مع إيران طائفةً من الأهداف المحددة سلفاً، وقد تجلّت نوايانا بكل وضوح في استهداف المنشآت النووية ومصانع الصواريخ وبعض المواقع الأخرى، وحينما تحققت هذه الغايات، وضعت الحرب أوزارها".
ونفى نتنياهو - بلسان مراوغ - أن تكون واشنطن قد حالت بتدخلها لإقرار هدنة دون إتمام كيانه لمهمته تجاه إيران خلال حرب يونيو التي امتدت اثني عشر يوماً، مضيفاً: "كان بوسعنا شنّ غارة أخرى، فليس صحيحاً أن أحداً أوقف يدنا".
وزعم نتنياهو أيضاً: "أن الإطاحة بالنظام الإيراني لم تكن قط في عداد أهدافنا خلال الحرب الاثني عشرية؛ وإن كانت قد تؤول إلى هذه النتيجة، لكنها لم تندرج ضمن غاياتنا المنشودة"، وأردف قائلاً: “إن مسألة تغيير النظام في إيران منوطة بشعبها، وعليهم وحدهم أن يفصلوا في هذا الشأن".
تفنيد المزاعم الباطلة
تصريحات نتنياهو الأخيرة تجافي الحقيقة من وجوه شتى، وإذا ثبت افتراؤه - وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك - فذلك دليل قاطع على هزيمة ساحقة وإخفاق ذريع دفعه إلى مهاوي الكذب والبهتان.
أولاً: ما فتئ نتنياهو منذ انطلاق المعركة، وعلى نحو متكرر، يحرّض على إثارة الفتنة في إيران وزعزعة أركان الدولة، بينما يقر المحللون، سواء في الكيان الصهيوني أو في الغرب، بأن حماقته في إظهار العداء السافر، أفضت إلى تلاحم استثنائي بين أبناء الشعب الإيراني، في الواقع، كانت زلته الفادحة بمثابة الضربة القاصمة التي قوّضت أركان المعارضة، ونسفت مخططات الإطاحة بالنظام الإيراني.
ثانياً: رغم أن الكيان الصهيوني، مدعوماً بمساندة أمريكية لا محدودة، وجّه ضربات لإيران وألحق بها بعض الخسائر، إلا أنه تلقى في المقابل ضربات استراتيجية غير مسبوقة في صميم مراكزه الأمنية والاستخباراتية والعسكرية ومنشآته التحتية، لن يتعافى من آثارها المدمرة لسنوات طوال (شملت القواعد العسكرية، ومحيط مباني وزارتي الحرب والداخلية، ومقر الموساد والاستخبارات العسكرية، ومبنى البورصة، ومصفاة ومحطة حيفا للطاقة، ومحطة أشدود للكهرباء، ومئات المجمعات السكنية، ومركز وايزمان العلمي البحثي الكبير في تل أبيب)، وتهاوت منظومة الدفاع متعددة الطبقات الإسرائيلية أمام سيل الصواريخ الإيرانية، ما قوّض أسطورة الردع التي طالما تغنى بها الكيان الصهيوني على مدى عقود، كما وضعت هذه الحرب القدرات العسكرية والحربية الإيرانية على محك الواقع، فأثبتت تفوقاً باهراً وارتقاءً استثنائياً.
ثالثاً: في الملف النووي، تقر الأوساط الغربية والعبرية بأن إيران تمتلك القدرة على إعادة بناء منشآتها بسرعة فائقة، وأن مخزونها من اليورانيوم المخصب ظل سليماً لم تمسسه يد العدوان، لكن حماقة فرض الحرب في خضم المفاوضات، حالت دون وصول مفتشي الوكالة الدولية - عيون التجسس الأمريكية والإسرائيلية - إلى المنشآت الإيرانية، فانقلب السحر على الساحر.
رابعاً: لم يكن وقف الحرب نتيجةً لتحقيق أهداف "إسرائيل"، بل على النقيض من حساباتها، فمنذ اليوم الرابع للمعركة بدأت الأرض تضيق ذرعاً بالصهاينة، وأخذت إيران ترفع من دقة ضرباتها وتنوّع هجماتها وتزيد من قوة نيرانها، حتى غدت - مع تقليل عدد الصواريخ المطلقة - تحقق إصابات أدق وتدميراً أعمق وأشمل. فاستنجد نتنياهو بترامب متوسلاً إليه أن يطلب عبر وسطاء وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب مع إيران، وبلغ الأمر حداً دفع ترامب للإقرار: "تلقت إسرائيل ضربةً موجعةً، وخصوصاً في الأيام الأخيرة، يا للهول! لقد سوّت تلك الصواريخ الباليستية العديد من المباني بالأرض".
شهادات من قلب الميدان
انعكاسات العمليات الإيرانية في الأوساط العبرية والغربية آنذاك تنطق بلسان الحال دون حاجة إلى مقال:
القناة 12 الإسرائيلية: "أصابت ضربات موجعة مصادر إمداد الكهرباء في الجنوب جراء إصابة صاروخ إيراني بدقة متناهية".
تسارفاتي، الناشط الإعلامي الصهيوني (في اليوم الثاني عشر): "كان صباحاً مروعاً يفوق الوصف".
يوسي ميلمان، المحلل الصهيوني: “تبددت نشوتنا سريعاً، أكان من الحكمة الدخول في أتون حرب، ولا سيما مع الإيرانيين؟ لقد أشرت إلى استعدادهم للتضحية والفداء، كما برهنوا في ثماني سنوات من حرب الاستنزاف مع صدام، فلنبادر بطلب وقف إطلاق النار قبل أن يدركنا الندم".
صحيفة جيروزاليم بوست: "بعد إصابة صاروخ حيفا، أقر الجيش الإسرائيلي بأن منظومة الرادار أخفقت في رصد الصاروخ الإيراني، ولم يُطلق أي صاروخ اعتراضي".
صحيفة يديعوت أحرونوت: "إيران بعد اثني عشر يوماً من نار الحرب، لا تنوي الانحناء من أجل مشروع ناضلت لأجله أربعة عقود، لا تزال طهران تحتفظ بالجزء الأعظم من ترسانتها الصاروخية، الإيرانيون أساتذة في لعبة الشطرنج، هل يجرؤ الجيش على الجزم بأن الأهداف التي شُنت الحرب لأجلها قد دُمرت أو عُطلت؟ كما كان متوقعاً، لم نظفر بإجابة شافية، وربما لا أحد يملك رداً على هذا السؤال المحير".
القناة 12 العبرية: "خلصت إسرائيل إلى قناعة مفادها أن إيران بدلت استراتيجيتها في الأيام الأخيرة، متحولةً إلى حرب استنزاف طويلة النفس، يقر المسؤولون الإسرائيليون بأن الحرب مع إيران تستغرق وقتاً يفوق ما قدروه في البداية، ولم يعد واضحاً ما هي خطة النجاة من مستنقع الحرب مع إيران".
صحيفة معاريف: "تداعت طبقات الدفاع الإسرائيلية كأوراق الخريف، والأيام المقبلة تنذر بالأسوأ".
يديعوت أحرونوت نقلاً عن ضابط إسرائيلي: "المواقع التي طالتها الصواريخ الإيرانية تحولت إلى ما يشبه ساحات الحرب، الدمار الذي شهدناه في شوارع تل أبيب يفوق التصور ويثير الذهول".
مراسل بي بي سي: "في تل أبيب، كل من تحاورت معه تلمح في عينيه شبح اليأس والاستسلام، مفاجآت إيران لم تنضب بعد، وذخيرة إسرائيل المضادة للطائرات توشك على النفاد، الدفاعات منهكة ومستهلكة، لم تحسب إسرائيل أن تبلغ هجمات إيران هذا المدى من الشمول والاتساع".
مراسل سي إن إن: "الخوف والاضطراب والهلع تعصف بشوارع تل أبيب. الطرقات غارقة في ركام المباني المنهارة، الصواريخ الإيرانية الحديثة أبهرت بدقتها الفائقة وقدرتها على المناورة المعقدة".
صحيفة واشنطن بوست: "الإسرائيليون مشلولون من وابل الصواريخ الإيرانية المتتالية، مع كل إصابة تصيب أهدافها، يفقدون جزءاً من إحساسهم بالأمان الذي طالما تشبثوا به".
شبكة إن بي سي نقلاً عن مسؤول إسرائيلي: "من المرجح أن تواصل إيران إمطار إسرائيل بالصواريخ لمدة قد تصل إلى خمسة أشهر متواصلة".
مجلة ميدل إيست آي البريطانية: “تحطمت أسطورة المناعة الإسرائيلية على صخرة أوهام نتنياهو وغطرسته".
جدعون ليفي، محلل صحيفة هآرتس: “الحياة معطلة بالكامل، الاقتصاد في حالة شلل، لا سبيل للعيش في ظل هذه الظروف القاهرة، أشك في قدرة المجتمع الإسرائيلي على تحمل هذا الوضع المزري لأمد طويل".
جون ميرشايمر: “المطارات الإسرائيلية مغلقة، الموانئ معطلة، صواريخ الدفاع استُنفدت؛ أهذه هي ملامح النصر المزعوم؟!”
أوري جولدبرج، المحلل الصهيوني: "استنزفت إسرائيل مخزونها الاستراتيجي من صواريخ الدفاع، لا أظن أن إسرائيل تملك القدرة على الصمود في حرب استنزاف صاروخية مع إيران، أصاب عدد هائل من الصواريخ أهدافها بدقة متناهية وألحقت خسائر فادحة، نحن نفتقر إلى المقومات الضرورية لمجابهة إيران".
مراسل قناة العربية في تل أبيب: “المنتصر في ميدان النزال، هي الصواريخ الإيرانية التي اخترقت أعتى المنظومات الدفاعية وأذهلت العالم بأسره، الصواريخ الإيرانية تتسم بدقة فائقة وقدرة تدميرية هائلة فاجأت الجميع، هذا الحجم الهائل من الدمار قوّض الدعاية الإسرائيلية حول جدوى الحرب مع إيران حتى في أوساط الإسرائيليين أنفسهم، مشاهد الخراب والدمار التي تشهدها إسرائيل، هي الفصل الختامي لمسرحية الحرب".
اللواء جيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن الإسرائيلي: “اقتضت مصلحتنا العليا إنهاء الحرب والرضوخ لوقف إطلاق النار".
يوسف حداد، مراسل القناة 12 الإسرائيلية: “أخفقنا في إلحاق الهزيمة بإيران وسندفع ثمن هذا الإخفاق في المستقبل المنظور؛ الآن يستشعر العالم العربي نشوة الانتصار من ظفر إيران".
سكوت ريتر، الضابط السابق في البنتاغون: “لقد جثت الدفاعات الإسرائيلية ومنظومة ثاد الأمريكية على ركبتيها أمام سيل الصواريخ الإيرانية".
صحيفة ديلي ميل البريطانية: "رسمت الصواريخ الإيرانية مشاهد أخروية في إسرائيل".
