الوقت- أصدر "معهد عفكرة"، الذي يتخذ من بيروت ونيويورك مقرين له، أول موسوعة شاملة باللغة الإنجليزية تحت عنوان "موسوعة الفكر المغربي المعاصر، في الفلسفة، والدين، والمجتمع، والثقافة".
وأشرف على هذا العمل الأكاديمي محمد حصحاص، الأستاذ بجامعة روما الثانية، ويسلط الضوء على أبرز المفكرين المغاربة مثل محمد عزيز الحبابي، وعبد الله العروي، ومحمد عابد الجابري، وعلي أومليل، وطه عبد الرحمان، وعبد الكبير الخطيبي، وعبد السلام بنعبد العالي، وعلال الفاسي، ومحمد حسن الوزاني، وعبد السلام ياسين، وفريد الأنصاري، وأحمد الريسوني، وأحمد الخمليشي، وفاطمة المرنيسي، وأسماء المرابط، والمهدي المنجرة، وعبد الله حمودي، ومحمد بنيس، وعبد الفتاح كيليطو، وعبد اللطيف اللعبي، وغيرهم كثير.
وصرح حصحاص بأن هذا الإنجاز يمثل حلما قديما تحقق، ويُعد إضافة نوعية تملأ فراغا كبيرا في المصادر المتعلقة بالفكر العربي والإسلامي الحديث والمعاصر في المغرب.
وأضاف أن إعداد مثل هذا العمل الضخم بمفرده كان سيتطلب عصورا، مما جعله يشكر كل المساهمين في إنجاز هذه الموسوعة التي وصفها بـ"كتاب العرفان الفكري النقدي"، والتي تُبرز إسهامات المفكرين المغاربة الناطقين بالعربية بشكل خاص.
وأوضح حصحاص أن اهتمامه بتقديم الفكر المغربي بالإنجليزية يعود إلى أيام دراسته للغة الإنجليزية في وجدة، حيث لاحظ هيمنة المراجع الأجنبية وندرة المصادر الإنجليزية حول الفكر المغربي.
ثم تأكد هذا النقص أثناء دراسته في إيطاليا، حيث وجد أن الاهتمام ينصب أساسًا على الفكر المشرقي، بسبب عدم وجود أعمال شاملة "أنطولوجيات" أو دراسات مفردة "مونوغرافيات" كافية باللغة الإنجليزية عن الفكر المغربي والمغاربي، رغم أن هذا الفكر لا يقتصر على الشأن المحلي، بل يتناول قضايا جهوية وعالمية.
ويرى حصحاص أن البداية الحقيقية للفكر المغربي الحديث والمعاصر تعود إلى كتاب "النبوغ المغربي في الأدب العربي" لعبد الله كنون، الذي كان ردًا على جهل المشرقين بالإنتاج الفكري والأدبي للمغرب والغرب الإسلامي.
وتؤكد الموسوعة أنها لا تطمح إلى الإحاطة بجميع الأسماء، بل تهدف إلى تقديم مدخل أولي لأفكار متنوعة تنتمي إلى مشارب ثقافية ودينية واجتماعية مختلفة.
كما تتناول كيفية قراءة تراث فلاسفة كبار مثل ابن رشد وابن خلدون وابن حزم وابن عربي، الذين ينتمون إلى شمال إفريقيا والأندلس، والذين تمت استعادتهم فكريًا للإجابة عن أسئلة المشروعية والتغيير والقطيعة.
ومن بين المواضيع التي تناقشها الموسوعة قضية "النوع" في المغرب المعاصر، وتصور الطريقة القادرية البودشيشية للسياسة عبر الزمن، والدراسات السوسيولوجية بالمغرب، ودور اليساريين المغاربة اليهود في النضال من أجل الديمقراطية، ودور المجلات الثقافية خلال "سنوات الرصاص"، وإصلاح الحداثة في الفكر الفلسفي المغربي المعاصر.
ويتبع هذا المرجع، الذي ساهم في إعداده أكاديميون من مختلف أنحاء العالم بينهم مغاربة، تطور الديناميات الثقافية والأكاديمية في المغرب منذ خمسينيات القرن العشرين، من خلال المشاريع الفلسفية والدينية والصوفية، ومشاريع العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية.
ووفقا لمحمد حصحاص، فإن هذا العمل يراجع الفكر المغربي المعاصر من خلال استطلاع متعدد التخصصات يتتبع النقاش الثري في مجالات الفلسفة والفكر الديني والمجتمعي والسياسي والثقافي.
ويدعو المرجع، الصادر عن "دار بريل"، إلى فهم هذا التقليد الفكري المغربي في سياقه الوطني، مع التشجيع على إجراء مقارنات بين هذه الرؤى والمشاريع والأفكار متعددة المشارب والتوجهات.