الوقت- تتصاعد التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة، مع استمرار كيان الاحتلال الإسرائيلي في سياسة الحصار والتجويع كأداة للضغط السياسي والعسكري، في خطوة غير مسبوقة، دعا مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الغذاء إلى فرض عقوبات على الكيان الغاصب، مؤكدًا أنها تستخدم التجويع كسلاح حرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، يأتي ذلك في وقت تشهد فيه غزة ارتفاعًا جنونيًا في أسعار الغذاء والدواء، وسط شحّ حاد في الموارد الأساسية بسبب الحصار المطبق، هذه التطورات تثير تساؤلات جدية حول مستقبل القطاع المحاصر، ومدى قدرة المجتمع الدولي على كبح جماح السياسات الإسرائيلية التي ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية.
وفي هذا السياق أوقفت قوات الاحتلال الإسرائيلي إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بعد ساعات من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ما تسبب بانتقادات دولية واسعة لتل أبيب.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن تل أبيب تعتزم البدء خلال أسبوع في تنفيذ خطة تصعيدية ضد غزة، تشمل قطع الكهرباء والمياه وتنفيذ عمليات اغتيال وإعادة تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه واستئناف القتال.
دعوات أممية لفرض عقوبات على الكيان الغاصب
دعا مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الغذاء إلى فرض عقوبات على الكيان الصهيوني ردًا على منعه دخول المساعدات الإنسانية.
وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، قد صرح بأن الكيان الصهيوني مستمر في انتهاك القوانين الدولية، ويستخدم التجويع كأداة حرب، وذلك بعد إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وأضاف: "يجب فرض عقوبات على كيان الاحتلال الإسرائيلي ما دامت لم توقف سياسة تجويع الشعب الفلسطيني."
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أوقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وأغلق المعابر المؤدية إليه، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق وفي ظل أزمة المفاوضات بشأن استمراره.
من جانبه، أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق: "تم وقف إدخال جميع البضائع والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة."
وفي تبريره لهذا الإجراء، أرجع نتنياهو القرار إلى رفض حركة حماس لمقترح "ستيف ويتكاف"، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى المنطقة، بشأن تمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.
كما صرّح مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الغذاء بأن الكيان الصهيوني يرتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، مشددًا على ضرورة حظر تسليم الأسلحة له.
من جهتها، ذكرت وكالة أسوشيتد برس في تقرير لها أن منع الكيان الصهيوني لدخول الغذاء والوقود والأدوية والمساعدات الأخرى إلى غزة أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار داخل القطاع.
البرلمان العربي تحرك!
في خطوة غير معتادة طالب البرلمان العربي، المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن والأمم المتحدة، بتحمل مسؤولياتهم والتحرك العاجل لإلزام الاحتلال الإسرائيلي بإدخال المساعدات بشكل فوري إلى قطاع غزة، محذرًا من استمرار حرب التجويع ضد الأبرياء.
وأدان البرلمان العربي، في بيان له، قرار كيان الاحتلال الإسرائيلي بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واعتبره جريمة حرب جديدة وجريمة ضد الإنسانية تضاف إلى سجل جرائم كيان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد البرلمان العربي، أن هذا القرار يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وخرقًا صريحًا للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تضمن تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في أوقات النزاعات.
وطالب البرلمان العربي، المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن والأمم المتحدة، بتحمل مسؤولياتهم والتحرك العاجل لإلزام كيان الاحتلال الإسرائيلي بإدخال المساعدات بشكل فوري وغير مشروط وضمان الوصول المستدام لها، محذرًا من تعريض حياة الأبرياء للخطر من خلال استخدام كيان الاحتلال سلاح التجويع ضد الشعب الفلسطيني وخاصة بالتزامن مع شهر رمضان المبارك.
الأونروا تحذر
في سياق متصل، حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن قرار "إسرائيل" وقف المساعدات عن غزة يهدد أرواح المدنيين الذين أنهكتهم الحرب على مدار 16 شهرا، في حين وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) القيود الأخيرة على إدخال المساعدات إلى القطاع بـ"المدمرة للغاي".
وأشار مفوض الوكالة الأممية -في بيان على منصة إكس- إلى أن الغالبية العظمى من الناس في غزة تعتمد على المساعدات من أجل بقائهم على قيد الحياة.
وتابع إن المياه تعد المنقذة للحياة والمستشفيات والمراكز الصحية والكهرباء ضرورية، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية الأساسية.
وشدد لازاريني على أن المساعدات والخدمات الأساسية "غير قابلة للتفاوض، ولا يجب أبدا استخدامها كسلاح في الحرب".
وقالت الأونروا: إن الاحتياجات في قطاع غزة هائلة، وهناك حاجة إلى مساعدة مستمرة، وحثت الوكالة على استمرار التكاتف العالمي، حتى يتمكن سكان غزة من الحصول على الدعم الذي يحتاجون إليه لإعادة بناء حياتهم، وأضافت الوكالة إن الوقت قد حان لتجديد المجتمع الدولي التزامه بإيجاد حل سياسي عادل، لأنه السبيل الوحيد لتحقيق السلام.
الخطة الإسرائيلية للسيطرة على المساعدات
في خطوة أثارت انتقادات واسعة، أعلنت "إسرائيل" عن خطة جديدة للسيطرة على جميع المساعدات الإنسانية الداخلة إلى قطاع غزة، متذرعة باعتبارات أمنية وتنظيمية، ووفقاً لمصادر أممية ومسؤولين في منظمات إغاثية، فإن الخطة تفرض رقابة صارمة على عمليات التوزيع، ما يزيد من تعقيد المشهد الإنساني في القطاع المحاصر، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».
حسب التقارير، ستقتصر نقاط دخول المساعدات إلى غزة على معبر كرم أبو سالم، حيث ستخضع جميع الشحنات لعمليات فحص مشددة قبل نقلها إلى مراكز لوجيستية تشرف عليها "إسرائيل"، كما سيُفرض نظام تتبع صارم على جميع عمليات التوزيع، وسط توقعات بإلزام العاملين في المجال الإنساني بالخضوع لتدقيق أمني وفقاً للمعايير الإسرائيلية.
وأوضحت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة (COGAT) تفاصيل هذه الخطة خلال اجتماعات مع وكالات الإغاثة، ما أثار مخاوف من أن تصبح المساعدات أداة ضغط سياسي وأمني على سكان غزة، الذين يعتمدون عليها بشكل أساسي للبقاء على قيد الحياة.
عواقب وخيمة
يبدو أن وقف إطلاق النار المؤقت يقترب من نهايته، في ظل تعثر المفاوضات بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية حول المرحلة الثانية من الاتفاق، وكانت المرحلة الأولى قد تضمنت تبادل أسرى بين الطرفين، لكن الجمود الحالي يهدد بانهيار الاتفاق واستئناف العمليات العسكرية.
وفي محاولة لتمديد الهدنة، أعلنت الخارجية الأمريكية عن زيارة مرتقبة للمبعوث الخاص ستيف ويتكوف للمنطقة، لكن الخلافات العميقة بين الأطراف المتنازعة تجعل فرص التوصل إلى اتفاق جديد ضئيلة، هنا تبرز أهم العوامل التي يمكن أن تهدد استمرار الهدنة والتي تتمثل في:
تفاقم الأزمة الإنسانية:
مع منع دخول المساعدات، ترتفع معاناة سكان غزة بشكل غير مسبوق، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني نقصًا حادًا في الاحتياجات الأساسية، واستمرار هذا الوضع قد يدفع الفصائل الفلسطينية إلى استئناف العمليات العسكرية كرد فعل على العقاب الجماعي الذي تمارسه "إسرائيل".
التصعيد العسكري المحتمل:
مع تصاعد الضغوط الإنسانية، يزداد احتمال استئناف الأعمال القتالية، وخاصة إذا استمر الاحتلال في استخدام التجويع كوسيلة للضغط السياسي والعسكري، الفصائل المسلحة في غزة قد تعتبر هذه السياسة إعلانًا فعليًا لانتهاء التهدئة، ما قد يدفعها للرد عسكريًا، وهو ما سيؤدي إلى انهيار الهدنة.
الضغط الدولي وحدوده:
على الرغم من إدانات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لسياسة "إسرائيل" في منع دخول المساعدات، فإن هذه الإدانات لم تترجم حتى الآن إلى خطوات عملية لفرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات تلزم الاحتلال بالامتثال للقوانين الدولية، إذا استمر هذا العجز الدولي، فقد لا تجد المقاومة الفلسطينية خيارًا سوى العودة إلى المواجهة المسلحة.
ختام القول
إن استمرار كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب في منع دخول المساعدات إلى غزة لا يشكل فقط انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، بل يمثل أيضًا تهديدًا حقيقيًا لاستمرار التهدئة، إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل فعّال، فإن انهيار الهدنة سيصبح مسألة وقت، ما يعيد قطاع غزة إلى دوامة جديدة من العنف والمعاناة الإنسانية.