الوقت- في الأيام الأخيرة، جرت تقييمات وتحليلات بشأن احتمال حدوث عدم استقرار داخلي في مصر وسقوط حكومة السيسي، وهو ما أدى إلى اهتمام وتركيز الصهاينة على التطورات الداخلية في هذا البلد، وفي الأشهر الأخيرة، أشارت الأخبار والتحليلات المقدمة إلى أن المجتمع المصري جاهز لحراك ثوري ومناهض للحكومة في هذا البلد بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة وغير المقبولة والقضايا المتعلقة بالفساد وأخذ نواة الاحتجاج والبدء المظاهرات المطالبة بإسقاط حكومة السيسي مرتفعة للغاية.
وقد اتخذت هذه القضية منحنى أكثر جدية في الأسابيع الأخيرة، في نفس الوقت الذي وصلت فيه الجماعات الإرهابية السورية التركية إلى السلطة في سوريا، وقد اتخذ احتمال مثل هذا الحدث شكلاً أكثر خطورة بكثير، وهي مسألة مهمة للغاية بالنسبة للعديد من دول المنطقة، بما في ذلك قادة الكيان الصهيوني.
وحسب خبراء ومحللين صهاينة، فإن هناك تخوفًا هذه الأيام من تزايد نفوذ عناصر المعارضة في مصر وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، ما قد يؤدي إلى انقلاب داخلي، ووفقا للصهاينة، إذا تحقق هذا السيناريو، فهناك حقيقة أن الوضع في مصر سوف يتدهور بسرعة ويؤدي إلى عدم الاستقرار الإقليمي، في تحليل وتقييم الخبراء والمحللين الصهاينة، ينبغي النظر في عدة سيناريوهات بشأن الوضع في مصر، بما في ذلك احتمال حدوث أعمال شغب واضطراب في الوضع الداخلي للبلاد:
1. استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة – وهو السيناريو الذي يمكن أن يغير التوازن السياسي والأمني في المنطقة ويضعف التعاون القائم بين الكيان الصهيوني ومصر.
2. تصعيد الصراعات الحدودية - سيناريو محتمل للصراعات العنيفة مع الدول المجاورة، بما في ذلك الكيان الصهيوني، وخاصة إذا حاولت بعض العناصر المناهضة لـ"إسرائيل" في هذا البلد استغلال عدم الاستقرار لمصلحتها.
3. الأضرار التي تلحق بالاقتصاد المصري والإقليمي - قد يتسبب الصراع الداخلي وأعمال العنف في مصر في انهيار البنية التحتية الاقتصادية، ما قد يؤثر أيضًا على العلاقات التجارية مع الدول الأخرى.
ومن وجهة نظر الصهاينة فإن التطورات في مصر يجب أن تتم متابعتها عن كثب والاستعداد لمختلف السيناريوهات سواء على المستوى الأمني أو السياسي، لأن نفوذ مصر في المنطقة مهم جداً وهذا الموضوع مهم جداً على المستوى الإقليمي.
وتجدر الإشارة إلى أنه مما لا شك فيه أن تعطيل الأوضاع الداخلية للدول الإسلامية وإضعاف قوة الردع لديها هي قضية يسعى إليها الكيان الصهيوني من أجل توسيع مصالحه، تماماً كما ينتهج في سوريا حتى الآن، وهو التطوير، والحدود البرية في ظل عدم الاستقرار الداخلي للدول، وتجدر الإشارة إلى أن مصر، باعتبارها دولة قوية وجارة لفلسطين المحتلة، ليست معفاة من هذه القضية.
وحسب تقييم ومعلومات الأجهزة الصهيونية، فإن مصر استثمرت في السنوات الأخيرة مبالغ ضخمة وغير مسبوقة لتحديث وزيادة قوة الجيش، وفي التدريب العسكري للجيش المصري، فهو العدو المفترض للصهيونية، كما قال ديفيد جوبرين، سفير "إسرائيل" السابق لدى مصر، في مقابلة مع موقع واي نت الإخباري: "لا شك أن مصر انتهكت الاتفاق العسكري في معاهدة السلام، لأن هذا البلد أرسل المزيد من قواته إلى صحراء سيناء، بما يتجاوز ما وافقت عليه "إسرائيل".
وعلى الرغم من أن الحكومة الحالية في مصر تعتبر حليفة للنظام الصهيوني، إلا أن قادة الكيان يسعون إلى هدفين هما الاستيلاء على أراضي جيرانهم، بما في ذلك لبنان والأردن وسوريا ومصر، فضلا عن تدمير المؤسسة العسكرية، وقوة الدول المحيطة بهم تشكل تهديداً محتملاً لهذا النظام، وهم يجهزون أنفسهم لسيناريو تدمير البنية التحتية العسكرية لمصر في ظروف الأزمة والتمرد الداخلي، على غرار ما حدث في سوريا في الأسابيع الأخيرة، وعلى الرغم من أن الإرهابيين السوريين بقيادة الجولاني لم ولن يشكلوا تهديدا لهذا الكيان، إلا أن الصهاينة دمروا المنشآت العسكرية السورية.
لم يكن الاشتباك بين القوات المصرية والجنود الإسرائيليين الذين يحتلون معبر رفح من الجانب الفلسطيني إلا بداية التصعيد المتوقع، فإطلاق النار هذه المرة لم يقم به جندي بمبادرة فردية مثل سليمان خاطر وأيمن حسن ومحمد صلاح، وإنما معركة محدودة بين الجيشين، بعد تكرار الاستفزازات من الإسرائيليين الذين يحتلون المعبر والشريط الحدودي، استشهد فيها جندي مصري، حسب بيان القوات المسلحة المصرية.
كان متوقعا حدوث التصعيد بسبب حالة الجنون وفقدان العقل التي تسيطر على قيادة الاحتلال بعد الهزائم المتواصلة أمام المقاومة الفلسطينية في شمال ووسط القطاع، فنتنياهو المنفلت والمحاصر دوليا يريد السيطرة على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وتدمير رفح، وفرض حصار محكم علي قطاع غزة بالقوة المسلحة، دون أي احترام لاتفاقيات السلام الموقعة مع مصر.
بعد طوفان الأقصى رفضت مصر تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، ورغم أن الأمة كانت تنتظر أكثر من ذلك، لكن هذا الموقف أفشل كل الخطط الإسرائيلية لتفريغ غزة من أهلها، ووضع الاحتلال في موقف مرتبك، فلا هو قادر على هزيمة حماس ولا هو قادر على التخلص من كل الفلسطينيين رغم أطنان القنابل التي ألقاها فوق الشمال والوسط، فتسبب التدمير الواسع والقتل بالجملة في تحول الرأي العام الدولي ضد ما يجري من إبادة جماعية، وانقلبت كل الحسابات.
لقد أثارت الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في غزة موجة غضب عارمة في الشارع المصري، وكان تقييم كل العقلاء أن سيطرة غلاة المتطرفين من أحزاب الصهيونية الدينية على الحكومة الإسرائيلية مع نتنياهو سينفجر في النهاية ضد مصر، رغم كل ما جرى من تطبيع وتقارب وتحالف سياسي، لذا كان واضحا من التحركات الميدانية والتدريبات والتصريحات أن الجيش المصري يستعد لمواجهة خطر قادم، بغض النظر عن الموقف السياسي الذي تقيده اعتبارات الوساطة والمفاوضات من أجل الهدنة ووقف الحرب
في ظل الانتصارات التي تحققها حماس، وخاصة في جباليا التي تحولت إلى مقبرة للجيش الإسرائيلي وبداية عمليات أسر الجنود وسحلهم في الأنفاق؛ قد تفكر عصابة مصاصي الدماء الإسرائيلية تحت ضغط الفشل في تحقيق أي إنجاز في غزة بالبحث عن مغامرة خارجها، ولو بالانتحار، وتطبيق نظرية شمشون “علي وعلى أعدائي” بارتكاب حماقة ضد مصر، لكن إن قرر الإسرائيليون ذلك فسيجدون ما لم يتوقعوه، وسيكون الدرس قاسيا.