الوقت- لا يخفى على أحد الأطماع الصهيونية في بلاد العرب والمسلمين، حيث يبقى الكيان الصهيوني المحتل للعديد من الأراضي الفلسطينية والعربية يطمع في توسيع نفوذه وسط المنطقة، رغم كل المحاولات التي بذلها هذا الكيان لقمع المقاومة، فإن المقاومة الفلسطينية والآخرين قد كسرت شوكته ووقفت له صدًا منيعًا.
في هذا السياق، تأتي الأحداث الأخيرة في سوريا لتؤكد على الهدف الصهيوني من استهداف القدرات الصاروخية والدفاعية السورية، ما حدث في سوريا مؤخرًا من استهداف لقدراتها الصاروخية والدفاعية ليس إلا جزءًا من خطة الكيان الصهيوني لليّ ذراع المقاومة، هذه الهجمات هدفت إلى تقويض قوة سوريا وإنهائها.
التطورات الأخيرة في سوريا، والتي أدت إلى وصول الجماعات المسلحة إلى رأس السلطة، تشير إلى مخطط غربي-صهيوني متكامل، هذه الجماعات المسلحة، التي استولت على السلطة، تلقت دعمًا واضحًا من القوى الغربية والكيان الصهيوني.
التقارير منذ بداية الأزمة في سوريا كشفت أن عناصر هذه الجماعات كانت تتلقى العلاج في المستشفيات الصهيونية، وهو ما أكده العديد من الفيديوهات التي أظهرت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعناصر تلك الجماعات.
الدعم الصهيوني للجماعات المسلحة في سوريا لم يقتصر على تقديم الرعاية الطبية فحسب، بل شمل أيضًا تزويد هذه الجماعات بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، هذا الدعم يأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تفتيت سوريا وإضعافها، ما يسهّل على الكيان الصهيوني تحقيق أهدافه في المنطقة.
مخاوف من هجمات على قوات الاحتلال في الجولان
تحدّثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، الأحد، عن خشية من أن يتم استهداف قوات الجيش الإسرائيلي في سوريا من جهة الجولان السوري المحتل، إذ تلاحظ الاستخبارات الإسرائيلية نية بعض المجموعات الاقتراب من المنطقة من أجل استهداف الجنود.
وفي مقال لمراسل الشؤون السياسية، يوآف زيتون، نقلت الصحيفة عن ضابط من المنطقة الشمالية تحذيره من أنّها “مسألة وقت فقط حتى نتلقى صاروخاً مفاجئاً مضاداً للدروع أو قذيفة هاون على قوتنا هنا، على نحو يؤدي إلى مقتل بعض الجنود".
وأضاف الضابط إنّ “كل شيء سينقلب إلى الأسوأ”، موضحاً أنّ ثمة صعوبةً في شرح “قيمة المهمة في سوريا للجنود”، إذ “لا يوجد عدو هنا ونحن لا نقوم بأي هجمات أو مهمات أو عمليات ذات قيمة، طوال الوقت".
وتابع الضابط مؤكداً أنّ الوجود الإسرائيلي “الصاخب” في سوريا، “مع عبور الدبابات كل يوم تقريباً، يمكن أن يجذب مجموعات مسلحة كتأثير معاكس”، أي إنّها قد تقدم على مهاجمة قوات الاحتلال، التي يصف قادة لها في سوريا الواقع العملياتي بـ”البعيد من الفائدة والأهمية”، حسب الصحيفة.
وفي السياق نفسه، أشارت “يديعوت أحرونوت” إلى حادثتين أطلق فيهما جيش الاحتلال النار على متظاهرين سوريين احتجوا على الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم، محذّرةً من أنّهما “قد لا يكونان الأخيرين”، ومشيرةً إلى زعم الجنود أنّهم “شعروا بالتهديد".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يجمع الكثير من الأسلحة الموجودة في الجولان المحتل، وهي تشمل مئات الأسلحة القديمة، إضافةً إلى أخرى من مواقع الجيش السوري، كما يجمع جيش الاحتلال أسلحةً متبقيةً في المنطقة، “ليس فقط الدبابات السوفيتية القديمة، بل أيضاً صواريخ جديدة مضادة للدبابات، والكثير من الذخيرة ومدافع الهاون".
وذكرت الصحيفة أنّ نطاق نشاط “جيش” الاحتلال في سوريا هو في حدود حجم لواءين نظاميين، مشيرةً إلى “خطة عاجلة لتعزيز السيطرة على جبل الشيخ السوري".
وتقضي الخطة بإنشاء مواقع من قبل شعبة التكنولوجيا واللوجستيات على مستويين، على ارتفاع 2400 م وعلى قمة الجبل على ارتفاع 2800 م، مع بنية تحتية طويلة المدى لمئات المقاتلين الذين سيحتلون القطاع هناك، ومستودعات ووسائل إمداد لفترات الانقطاع بسبب العواصف الثلجية وطرق تُشق من الجانب الإسرائيلي.
النار التي أشعلتها "إسرائيل" هل تحرقها؟
يشهد المشهد السوري تطورات متسارعة، تكشف عن حقيقة الدور الإسرائيلي في الأزمة في سوريا، فبعد سنوات من دعم الجماعات المسلحة وتزويدها بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية، تجد "إسرائيل" نفسها اليوم كما تقول تواجه تهديدًا متزايدًا من تلك الجماعات التي كانت تعتبرها أدوات لتحقيق أهدافها في المنطقة.
لقد راهنت "إسرائيل" على أن الجماعات المسلحة ستكون أداة طيعة في يدها، تستخدمها لتقويض الدولة السورية وإضعاف محور المقاومة، ولكن يبدو أن الحسابات الإسرائيلية قد أخطأت، فبدلاً من أن تكون هذه الجماعات أداة في يدها، هل ستتحول إلى تهديد مباشر لأمنها القومي المزعوم.
إن الدعم الإسرائيلي للجماعات المسلحة لم يكن وليد اللحظة، بل كان جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تغيير الخارطة السياسية في المنطقة، وإضعاف محور المقاومة، وتأمين حدودها الشمالية، وقد نجحت "إسرائيل" في تحقيق بعض أهدافها من خلال هذا الدعم، ولكنها في الوقت نفسه زرعت بذور الخطر في حقلها.
فقد زودت "إسرائيل" هذه الجماعات بالأسلحة المتطورة والمعلومات الاستخباراتية، ما زاد من قدراتها القتالية، فهل تشكل تهديدًا حقيقيًا على أمن ما تسمى بـ"إسرائيل"، كما أن ما يحدث في سوريا اليوم يؤكد أن "إسرائيل" قد وقعت في فخ صنعته بنفسها، فهي تدّعي تحقيق الاستقرار في المنطقة، ولكنها في الوقت نفسه تعمل على زعزعة هذا الاستقرار من خلال دعم الجماعات المسلحة، وهي تحاول حماية ما تسمى "حدودها" المزعومة، ولكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام تهديدات جديدة من داخل سوريا.
إن الدعم الإسرائيلي للجماعات المسلحة في سوريا هو مثال صارخ على سياسة "فرق تسد" التي تتبعها "إسرائيل" في المنطقة، ولكن هذه السياسة أثبتت فشلها.
إن ما يحدث في سوريا اليوم هو بمثابة درس قاسٍ لـ"إسرائيل"، يبين لها أن التدخل في شؤون الدول الأخرى، ودعم الجماعات المسلحة، لا يؤدي إلا إلى نتائج عكسية، فالسحر يعود على الساحر، و"إسرائيل" سوف تدفع الآن ثمن دعمها للجماعات المسلحة في سوريا.
في الختام، تطرح العديد من التساؤلات؛ هل "إسرائيل" بدعمها للجماعات المسلحة في سوريا وقعت في فخ صنعته بنفسها؟، كانت تعتقد أن هذه الجماعات ستكون أدوات طيعة لتحقيق أهدافها في تفتيت سوريا وإضعاف محور المقاومة، فهل هذه الجماعات، التي استفادت من الدعم الإسرائيلي، أصبحت اليوم تشكل تهديداً مباشراً على أمنها القومي المزعوم، وإن ما يحدث في سوريا اليوم هو درس قاسٍ لـ"إسرائيل"، يذكرها بأن السحر قد ینقلب على الساحر.