الوقت - في كشف جديد يسلط الضوء على إخفاقات جيش الاحتلال الإسرائيلي، أزاحت القناة 12 الإسرائيلية النقاب عن تفاصيل عملية عسكرية سرية نُفذت في غزة قبل عام، انتهت بفشل استخباراتي كبير وسقوط عدد من الجنود في كمين محكم لكتائب عز الدين القسام.
الرقابة العسكرية الإسرائيلية منعت نشر تفاصيل العملية طوال العام الماضي، في محاولة لاحتواء الفضيحة، إلا أن تسريبات جديدة أشعلت المشهد السياسي في "إسرائيل".
العملية، التي استهدفت تحرير الأسيرة نوعا أرغماني، اعتمدت على معلومات خاطئة أدت إلى اقتحام موقع لا تحتجز فيه، حيث كان الأسير ساعر باروخ في المبنى بدلاً منها، وفقًا للتقارير، فور دخول الجنود المبنى تعرضوا لوابل كثيف من النيران أوقع إصابات خطيرة في صفوفهم، ما أجبرهم على تحويل العملية من تحرير الأسيرة إلى إجلاء الجرحى.
وحسب القناة 12، فقد فوجئ الجنود أثناء تنفيذ المهمة بكمين محكم أعدته كتائب القسام، حيث فشل جيش الاحتلال في التعامل مع الهجوم ما أدى إلى انسحاب قواته بعد ساعات طويلة من الاشتباك، تاركين خلفهم معدات عسكرية حساسة.
كتائب القسام عرضت مشاهد مصورة تُظهر جثة باروخ وأسلحة إسرائيلية مدمرة، مؤكدة أن الجيش استخدم سيارة تابعة لمنظمة دولية، يُعتقد أنها الصليب الأحمر، للوصول إلى الموقع، في انتهاك للقوانين الدولية.
النتائج المباشرة للعملية شملت مقتل ساعر باروخ بنيران لم يتضح مصدرها، حيث أُثيرت شكوك حول إصابته بطريق الخطأ من رصاص الجنود الإسرائيليين، و إصابة عدد من الجنود الإسرائيليين بجروح خطيرة، ما كشف عن خلل استخباراتي كبير في منظومة الجيش الإسرائيلي.
من جانبها، أكدت كتائب القسام أن مقتل باروخ جاء بنيران إسرائيلية، مشيرة إلى أن العملية تؤكد تراجع قدرة الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عمليات دقيقة، كما حمّلت حماس الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية مقتل العديد من الأسرى خلال الأشهر الماضية نتيجة القصف المستمر على غزة.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن من بين الجثث الست التي عثر عليها في غزة جثة الإسرائيلي الأمريكي هيرش غولدبرغ بولين، معبرا عن حزنه وغضبه لوفاته.
وكانت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة "حماس"- نشرت في أبريل/نيسان الماضي تسجيلا مصورا للأسير بولين هاجم فيه حكومة بنيامين نتنياهو واتهمه بالإهمال والتقاعس في العمل على الإفراج عنه وعن بقية المحتجزين.
وقبل العثور على الجثث الست كانت "إسرائيل" تقول إنه ما زال هناك 107 أسرى في غزة، بينهم عدد من القتلى.
وقالت حماس في بيانات سابقة: إن عشرات الأسرى قتلوا جراء القصف الإسرائيلي في أنحاء القطاع خلال الحرب المستمرة منذ 11 شهرا.
احتجاجات عائلات الأسرى في "إسرائيل"
إعلان التفاصيل المروعة عن العملية فاقم من غضب عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، طالبت هيئة عائلات المختطفين بتحقيق شفاف وإجراءات جادة لاستعادة الأسرى المتبقين.
وعبّرت عائلة باروخ عن قلقها من أن العمليات العسكرية المتكررة تعرض حياة الأسرى للخطر، مطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية.
ونظمت عائلات الأسرى مظاهرات واسعة أغلقت خلالها تقاطعات رئيسية، بما في ذلك تقاطع معهد وايزمان قرب تل أبيب، داعية إلى شل الاقتصاد الإسرائيلي كوسيلة ضغط على الحكومة.
تداعيات العملية لم تتوقف عند المستوى العسكري، بل امتدت لتشعل أزمة سياسية داخل حكومة بنيامين نتنياهو، تسريبات وتقارير إعلامية كشفت محاولات الحكومة لتزييف الحقائق حول فشل العملية.
التسريبات المثيرة
سرقت وثيقة سرية من شعبة الاستخبارات العسكرية ونُشرت في صحيفة ألمانية لتدعيم رواية نتنياهو.
أثارت الوثيقة موجة غضب شعبي وسياسي، وخاصة بعد ثبوت زيفها، ما أدى إلى اتهامات مباشرة لنتنياهو بالكذب والتلاعب بالمعلومات.
وانتقد وزير الدفاع يوآف غالانت استمرار الحكومة في اتخاذ قرارات تعرّض حياة الأسرى للخطر، محذرًا من أن الوقت ينفد لإنقاذهم.
زعيم معسكر الدولة بيني غانتس دعا إلى استبدال حكومة نتنياهو، واصفًا إياها بـ"حكومة الفشل المطلق".
زعيم المعارضة يائير لبيد اتهم الحكومة بإهمال قضية الأسرى لتحقيق مكاسب سياسية، مطالبًا بإغلاق كامل للاقتصاد الإسرائيلي كوسيلة ضغط.
الاحتجاجات لم تتوقف عند عائلات الأسرى، بل امتدت لتشمل قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي. تقارير إعلامية أكدت أن النقابات والمؤسسات المختلفة دعت إلى الإضراب العام، وسط اتهامات بأن نتنياهو يضع مصالحه السياسية فوق حياة المختطفين.
في المقابل، حاول نتنياهو تهدئة الأوضاع بتأكيده على أن الجهود مستمرة لتحرير الأسرى، لكن تصريحاته لم تنجح في تخفيف حدة الانتقادات، وخاصة بعد الكشف عن عمليات عسكرية متكررة باءت بالفشل.
الأزمة الإسرائيلية امتدت إلى المستوى الدولي، وخاصة بعد إعلان مقتل هيرش غولدبرغ بولين، الأسير الأمريكي الإسرائيلي، الذي كان من بين الجثث المستعادة من غزة، الرئيس الأمريكي جو بايدن أعرب عن حزنه وغضبه، مؤكدًا أن حكومته ستضغط على "إسرائيل" لضمان حماية الأسرى.
في المقابل، حماس شددت على أن الاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن مقتل بولين وباقي الأسرى، نتيجة القصف العشوائي على القطاع.
في الختام، يكشف هذا الحادث عن حالة من الفشل الاستخباراتي الكبير في الجيش الإسرائيلي، إلى جانب تسريب وثائق حساسة لتعزيز رواية الحكومة الإسرائيلية، كما أسهمت هذه الواقعة في تصاعد الغضب داخل المجتمع الإسرائيلي، وخصوصًا في صفوف عائلات الأسرى التي عبرت عن قلقها المتزايد حول مصير أبنائهم. وتستمر الضغوط السياسية على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بسبب هذا الفشل العسكري والاستخباراتي، ما يهدد استقرار حكومته في ظل موجة الاحتجاجات المتزايدة.