الوقت- ديفيد هيرست، كاتب إنجليزي بارز ومحرر موقع ميدل إيست آي في لندن، كتب في مقال تحليلي تناول فيه خيارات دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب في فلسطين وانعكاس سياساته على الوضع الراهن في غزة و"إسرائيل" والمنطقة بأكملها؛ وقال لم يعد لدى ترامب خيارات أخرى في فلسطين: تدمير فلسطين أو وقف الحرب.
ترامب بذل قصارى جهده لتدمير القضية الفلسطينية
وأضاف ديفيد هيرست: تشير التقييمات إلى أن الولاية الثانية لرئاسة ترامب في الولايات المتحدة ستكون أكثر كارثية على الفلسطينيين من الولاية الأولى؛ لأن ترامب كان أول من اتخذ إجراءات جدية لدفن القضية الفلسطينية.
عندما أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة لأول مرة، كان الصهاينة اليمينيون المتطرفون يحكمون "إسرائيل"، وفي فترة ترامب وصهره جاريد كوشنر، بدأت واشنطن لعبة سياسية لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين، وفي ذلك الوقت كان ديفيد فريدمان السفير الأمريكي في "إسرائيل" (فلسطين المحتلة) يتحدث عن هذه القضية دون حرج.
وجاء في تكملة هذا المقال: اعترف ترامب خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل السفارة الأمريكية إلى هذه المدينة، وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وسمح لـ"إسرائيل" بضم هضبة الجولان إلى الأراضي المحتلة، وأحدث تغييرات كثيرة في السياسات الأمريكية واتخذ إجراءات جدية لتدمير القضية الفلسطينية، وكان ترامب أيضاً هو من انسحب من الاتفاق النووي مع إيران واغتال الجنرال قاسم سليماني، الشخصية العسكرية البارزة في المنطقة.
وأكد هذا الكاتب الإنجليزي: أن كل هذه التصرفات من ترامب كانت تهدف إلى الإضرار الكبير بنضال الفلسطينيين من أجل حقهم في الحرية، وإبرام اتفاقيات التطبيع بين الدول العربية و"إسرائيل" في إطار الجهود الجادة للقضاء على القضية الفلسطينية، بل كانت أحجاره واضحة على قبر القضية الفلسطينية، وبهذا سيتم فتح طريق سريع للتجارة والتعاقدات مع الدول العربية في المنطقة ولن تصبح "إسرائيل" قوة عظمى في المنطقة فحسب، بل ستكون بوابة لدخول أمريكا إلى ثروات دول المنطقة.
كيف ستكون سياسات ترامب المجنونة في ولايته الثانية؟
وحسب رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، قبل هجوم حماس على "إسرائيل" في الـ 7 من أكتوبر 2023، كانت القضية الفلسطينية قد اختفت تقريبًا وكانت على وشك النسيان، وبهذه الطريقة، بدا أن نضال الشعب الفلسطيني وصل من خلال كسل وسلبية القادة العرب إلى طريق مسدود، حتى السعودية كانت على وشك التوقيع على اتفاق تطبيع مع "إسرائيل"، لكن هجوم الـ 7 من أكتوبر غير الوضع.
وفي هذا التقرير يتم التأكيد على أنه بالنظر إلى التصرفات التي قام بها ترامب خلال ولايته الأولى، يمكن القول إن ولايته الثانية ستكون أكثر كارثية على الفلسطينيين، هذه المرة يسيطر الجمهوريون على مجلسي الكونغرس الأمريكي، ولا يوجد شخص عاقل في الكونجرس لكبح جماح سياسات ترامب المجنونة.
ديفيد فريدمان، في كتاب بعنوان "الدولة اليهودية الموحدة؛ الأمل الأخير والطريقة الأفضل لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، يقول إن من واجب أمريكا أن تدعم ضم الضفة الغربية إلى "إسرائيل" وفقا لما جاء في الكتاب المقدس، ويمكن للفلسطينيين أن يعيشوا بحرية عندما يعيشون وفق قوانينهم وليس وفق قوانين "إسرائيل".
وأوضح هيرست: سؤالنا المهم هو هذا؛ هل ستشهد الولاية الثانية لرئاسة ترامب في الولايات المتحدة المزيد من التغيرات الإقليمية مثل ضم المنطقة (ج) من الضفة الغربية إلى "إسرائيل"، والتقسيم الدائم لقطاع غزة، واستيطان المستوطنين الإسرائيليين في شمال غزة، وتطهير المنطقة الحدودية في جنوب لبنان؟ ولا بد أن نقول إنه بلا شك كل هذه الأحداث يمكن أن تحدث في عهد ترامب، لكن يجب أن ننتبه إلى أن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي بدعم ترامب في ولايته الرئاسية الثانية سيقضي على أي فرصة لانتصار "إسرائيل" كحكومة أقلية يهودية تنفذ سياسة الفصل العنصري وتسعى للسيطرة على كامل أرض فلسطين من النهر إلى البحر.
صرح ديفيد هيرست: قبل البدء بالحديث عن تبعات فوز ترامب، لا بد أن ننتبه إلى نقطتين مهمتين؛ النقطة الأولى هي أن السماح لنتنياهو بتحقيق أهدافه الحربية تحت عنوان «النصر الكامل» يدمر أي حل لـ«الدولتين»، وبالتالي يهدم الحلم الصهيوني بإقامة «دولة يهودية ليبرالية علمانية ديمقراطية»، وكانت النسخة الليبرالية من هذه الحكومة أداة لتطوير "إسرائيل"، التي تم تدميرها، وأصبح الإرهابيون مثل إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، رموزها، وكذلك الصهاينة المتطرفون، الذين قوضوا هذا المشروع الصهيوني وركزوا على إقامة حكومة احتلال، وانطلقوا من النهر إلى البحر.
وحسب هذا الكاتب الإنجليزي؛ لكن النقطة الثانية تتعلق بحقيقة أن الجيل الجديد من الفلسطينيين، بعد اتفاقيات أوسلو الفاشلة، توصل إلى نتيجة مفادها بأنه لا يوجد حل سياسي أو مدني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وأن أي اعتراف بـ"إسرائيل" أو التفاوض معها هو أمر غير مقبول، وبلا جدوى، وبالتالي وجد خيار المقاومة المسلحة تأييداً أكبر بين الفلسطينيين.
بعد هجوم الـ 7 من أكتوبر الذي شنته حماس، أصبح من المستحيل نسيان القضية الفلسطينية، وكان الوضع الإنساني لفلسطين في مركز الاهتمام العالمي، لكن جو بايدن لم يتمكن من فهم هذه القضية وسمح لنتنياهو بإذلاله.
وجاء في مقال موقع ميدل إيست آي أن نتنياهو تجاوز كل الخطوط الحمراء التي رسمها بايدن، وطلب بايدن من نتنياهو عدم دخول رفح والسماح للشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن نتنياهو لم يلتفت إلى طلبات بايدن هذه، كما لم يلتفت نتنياهو إلى طلب بايدن لمنع انتشار الحرب في لبنان، وبالتالي أصبح بايدن هو أضعف زعيم لأمريكا.
وحسب هذا المقال فإن إغلاق أي طريق أمام حل الدولتين يؤدي إلى زيادة الدعم لخيار المقاومة والصمود في فلسطين، والفلسطينيون رغم الثمن الباهظ الذي دفعوه في هذه الحرب، لا يفكرون أبدا في الاستسلام، وبالتالي فإن أمام ترامب اثنان من المسارات عندما يعود إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني المقبل، وبافتراض استمرار بايدن في فشله في إرساء وقف لإطلاق النار في غزة، يمكن لترامب أن يواصل الحرب أو يوقفها، لكن في كلتا الحالتين سيمضي ترامب في الفخاخ.
وتابع ديفيد هيرست: إن السماح لنتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف بضم الضفة الغربية سيعني تدمير ثلثي سكانها، الذين سيهجرون إلى الأردن، وسيسمح لنتنياهو بتحقيق أهدافه في الحرب، وهي طرد سكان غزة وتطهير الجنوب من سكانه، وهذا سيؤدي إلى حروب إقليمية، حروب لا يستطيع ترامب إنهاءها، لكن رغم ذلك أثبت العام الماضي أن قرار الحرب ليس في أيدي قادة اليمين المتطرف في "إسرائيل" أو واشنطن؛ بل هي في أيدي شعوب فلسطين والمنطقة، وهذا يبعث الأمل في المستقبل.
وجاء في نهاية هذا المقال: في النهاية، وبمساعدة نتنياهو الكبيرة، سيدمر ترامب حلم الصهيونية الذي دام 76 عامًا في إنشاء "الدولة الصهيونية الليبرالية الديمقراطية" وفي الولاية الثانية من ولايته إذا تولى رئاسة الولايات المتحدة، فإنه لن يفعل شيئا سوى تسريع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.