الوقت - تتجلى التوترات السياسية والاجتماعية في الكيان الإسرائيلي بشكل واضح من خلال ردود فعل المستوطنين العاديين على الأحداث الأخيرة، وخاصة بعد استهداف أحد منازل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تعكس ردود الأفعال عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي وتظهر مشاعر الكراهية المتزايدة تجاه القيادة الحالية، وفي هذا السياق، نتناول الآثار المترتبة على هذا الحادث، والردود المتنوعة من الجمهور مع تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالديمقراطية والحقوق الفلسطينية، ما يبرز التحديات التي تواجه المجتمع الإسرائيلي في ظل الأزمات المستمرة.
يُعتبر استهداف أحد منازل رئيس الوزراء الإسرائيلي في مدينة قيساريا الساحلية إنجازًا استراتيجيًا للمقاومة، التي وجهت طائرة مسيّرة نحو هذا المنزل.
يُذكر أن الرجل وعائلته يمتلكون منزلًا في شارع غزّة بالقدس المحتلة وآخر في شارع بلفور، الذي يُعد الديوان الرسمي لرئيس وزراء الكيان.
في هذا التقرير، سنركز على ردود فعل الإسرائيليين العاديين، بدلاً من التحليلات النخبوية والرسمية، وسنستعرض تعليقاتهم ومعتقداتهم كما ظهرت على موقع صحيفة (هآرتس) العبرية، ردًا على استهداف المقاومة لمنزله عبر مسيّرة، هذه التعليقات تعكس عمق الانقسام في المجتمع الصهيوني، وتظهر مدى كراهية الأغلبية الساحقة لنتنياهو، الذي وُصف باللص وخائن الأمانة والمخادع، بينما نُعتت زوجته بالغول.
كما طالت الانتقادات نجله الأكبر يائير، المقيم في ميامي بالولايات المتحدة، والذي يتلقى حماية مشددة من جهاز الأمن العام (شاباك) دون مبرر مقنع، على حساب دافعي الضرائب الإسرائيليين، أما الابن الآخر، أفنير، فيعيش في المملكة المتحدة، ولم ينضم الاثنان إلى جيش الاحتياط، كما ينص عليه قانون الكيان.
قبل أن نبدأ في استعراض الردود، نرى من الضروري توضيح أن "الديمقراطية" الإسرائيلية تقتصر على الصهاينة فقط، حيث تقوم الأجهزة الأمنية في الكيان بملاحقة فلسطينيي الداخل، أي أصحاب الأرض الأصليين، وتمنعهم من التعبير عن آرائهم أو التضامن مع معاناة شعبهم، وأي شخص يجرؤ على الخروج عن هذه القاعدة يجد نفسه معتقلاً ومهانًا، وقد تصاعدت هذه السياسة القمعية ضد العرب في الداخل منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث أصبح العربي الفلسطيني متهمًا حتى يثبت براءته، وليس العكس.
في صحيفة (هآرتس)، حصل الخبر على 315 تعليقًا، كتب أحدهم: "نتنياهو، أنت وقح، من أين لك الحق بالشكوى، بينما قُتل وجُرح العشرات من الإسرائيليين هذا الأسبوع، الذين لا يملكون مثلك سيارات مصفحة وحراسة دائمة؟ أنت تعاني من جنون العظمة، فاسد وقبيح، وكل كلمة تخرج من فمك تؤكد أنك صفر وليس قائدًا".
أما نوريت من حيفا، فقد علقت قائلة: "لا يوجد لدينا أدنى شك بأن العدو قد تطور واستطاع ضرب منزل نتنياهو دون أن يشعروا بذلك، أين هو 'النصر المطلق' الذي تتحدث عنه؟"
وتحت عنوان: "لماذا نحن بحاجة لمسيّرة أخرى؟"، قال قارئ: "يجب على رئيس الموساد والشاباك وقائد الجيش اقتحام بيت نتنياهو واعتقاله بتهمة خيانة دولة إسرائيل في وقت الحرب، وتحضير ثلاثة قضاة خارج بيته لتنفيذ الحكم بعد محاكمة سريعة".
بينما كان القارئ (رون) أكثر حدّة، حيث كتب موجهًا حديثه لنتنياهو: "يا ابن الكلب، تزعم أنهم حاولوا اغتيالك، بينما يُقتل الأطفال في الحرب وأنت تبكي على مصيرك. اذهب إلى الجحيم مع ستين ألف شيطان، أنت وزوجتك المختلة".
وأكد قارئ آخر أن التصفية الوحيدة التي تحدث هي تصفية "إسرائيل"، وليس من حركة (حماس) بل من نتنياهو وزوجته.
وشدد آخر على أنها خسارة أن المسيّرة أصابت المنزل، لكن نتنياهو لم يكن موجودًا، متمنيًا له التوفيق في المستقبل.
وقد أعرب العديد من القراء عن استغرابهم من عدم تفعيل صفارات الإنذار في قيساريا رغم وجود المسيّرات.
واصل القراء السخرية من نتنياهو وعائلته، حيث قال أحدهم: "أعتقد أن المكان الأكثر أمانًا لنتنياهو هو أنفاق (حماس) في غزة، فليذهب إلى الأنفاق"، بينما أوضح آخر أن "نتنياهو وزوجته المختلين سيطالبان الآن ببناء ملجأ نووي لهما في قيساريا وغزة".
وأشار قارئ إلى أن "الدفاعات الإسرائيلية مخترقة، ولا توجد صفارات إنذار في العديد من المستوطنات، ومسيّرات العدو علمتنا درسًا لن ننساه، وثمن الطائرة دون طيار لا يتجاوز المئة دولار".
وكان التعليق الأبرز: "حقيقة، ولكن حقيقة، أن نتنياهو لم يكن موجودًا في قيساريا ولم يُقتل بالمسيّرة التي أصابت بيته، لو قُتل، لكان قدّم خدمة لدولة إسرائيل".
وفي سياق الأزمات المتزايدة التي تعاني منها "إسرائيل"، جاءت تصريحات اللواء السابق إسحاق بريك لتسلط الضوء على حالة الفوضى والانقسام التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي، حيث تتوافق رؤيته مع ردود فعل المستوطنين التي تم تناولها سابقا، والتي تعكس استياءً عميقًا من الحكومة الحالية وقيادتها.
يؤكد بريك أن الحكومة الإسرائيلية، التي يعتبرها فاشلة، تقود "إسرائيل" نحو خطر يهدد وجودها، وهو ما يتجلى في الكراهية المتزايدة والاستقطاب الحاد بين مختلف القطاعات، هذه الأجواء المليئة بالتوتر والقلق تتوازى مع مشاعر الفلسطينيين في الداخل، الذين يتعرضون للقمع والملاحقة، كما أشرنا في السابق.
كما يبرز بريك تنامي الحديث عن تمرّد مدني وتقسيم المجتمع، وهو ما يتوافق مع مشاعر السخط التي عبر عنها القراء تجاه نتنياهو، حيث وصفوه بأنه سبب رئيسي في تفاقم الأزمات، وإن الاستنزاف الذي يعاني منه الجيش الإسرائيلي، والذي أشار إليه بريك، يعكس أيضًا حالة الضعف والفشل التي تتجلى في ردود فعل الجمهور، حيث يعبر الكثيرون عن عدم ثقتهم في القيادة العسكرية والسياسية.
في النهاية، يشير بريك إلى أن الأهداف التي وضعتها الحكومة، مثل القضاء على حماس وإخضاع حزب الله، ليست سوى أوهاما غير واقعية، ما يزيد من تعقيد الوضع السياسي ويعزز حالة الانقسام، هذه الأبعاد تعكس بشكل واضح التحديات التي تواجه المجتمع الإسرائيلي.