الوقت - استجابة لضغوط ومطالبات سياسية شعبية في الجزائر إلى اتخاذ السلطات قراراً يقضي بتأجيل جميع المهرجانات الفنية تضامناً مع غزة.
ووفقا لبيان أصدرته وزارة الثقافة الجزائرية فقد تم تأجيل جميع المهرجانات الفنية الكبرى المبرمجة في الصيف، بالتزامن مع تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأكدت الوزارة أنّ "القرار يأتي انطلاقاً من موقف الجزائر الريادي والثابت المناصر والداعم للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وانسجاماً مع جهود الدولة الجزائرية، وفي مقدمتها الرئيس عبد المجيد تبون، لنصرة الشعب الفلسطيني المضطهد في أرضه".
وقالت الوزارة في بيان أصدرته، الجمعة: إن القرار جاء "انسجاما مع جهود الدولة الجزائرية لنصرة الشعب الفلسطيني المضطهد في أرضه".
وأكدت الوزارة أن مبادرتها ترجع إلى "تصاعد فظاعة المجازر التي ترتكبها قوات الإجرام الصهيوني، وحرب الإبادة المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني المحاصر".
وإلى جانب تأجيل المهرجانات الفنية الكبرى، فإنه سيتمّ تكييف النشاطات الثقافية والفكرية الأخرى مع الموقف التضامني المناصر للقضية الفلسطينية، حسب البيان الصادر عن وزارة الثقافة.
بدوره أشاد ممثل حركة حماس في الجزائر، يوسف حمدان، بما وصفه بـ"الموقف الأصيل الذي ينسجم مع الخط العام للدولة الجزائرية وكذلك الموقف الشعبي والحزبي المساند للحق الفلسطيني والداعم لشعبنا ومقاومته الباسلة في مواجهة إجرام الجيش الصهيوني الذي يسفك دمنا ليل نهار"، مضيفاً، في بيان، "جرحنا لا يزال ينزف ونتوقع من أمتنا المحافظة على البوصلة مشدودة تجاه القضية والإبقاء على جذوة التفاعل والتضامن متقدة حيَّة".
وكانت حملة مقاطعة شعبية واسعة نهاية الأسبوع الماضي قد نجحت في إفشال تنظيم حفل فني في مدينة ورقلة جنوب الجزائر، حيث خلا المدرج بشكل كامل من الحضور والجمهور، رفضاً لإقامة الحفل في ظل الحرب الإسرائيلية المدمرة والمستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من تسعة أشهر.
وقبل ذلك، نشطت دعوات سياسية وشعبية منذ الإعلان عن إقامة مهرجان الرقص، لوقف إقامة هذا المهرجان وباقي الفعاليات الفنية والمهرجانات الصيفية، تضامناً مع فلسطين وقطاع غزة.
وهذه هي المرة الثانية التي تقرر فيها السلطات الجزائرية وقف المهرجانات والفعاليات الثقافية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي مقابل إلغاء المهرجانات الفنية، دعت وزارة الثقافة الجزائرية إلى "تكثيف النشاطات الثقافية والفكرية الأخرى مع الموقف التضامني المناصر للقضية الفلسطينية، وتعزيز التظاهرات الثقافية الرامية إلى ترسيخ الثقافات الشعبية المحلية ومقومات الهوية الوطنية".
يشار إلى أن وزارة الثقافة الجزائرية درجت على تنظيم مهرجانات فنية كبرى كل صيف، بمشاركة كبار المغنيين داخل الجزائر ومن الوطن العربي على غرار مهرجان "تيمقاد" بمحافظة باتنة (شرق)، و"الكازيف" بالعاصمة الجزائر.
وفي أيار الماضي، وزّعت الجزائر على أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يطالب بـ"وقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن كل الرهائن".
وبالعودة للتاريخ الدبلوماسي للجزائر فإنها لم تحد عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية منذ تبوأت مقعدها في مجلس الأمن جاعلة من فلسطين عنواناً لكلّ تحـرّكاتها.
إذ قبل أن يمر شهر واحد على عضويتها، وفي جلسة علنية عقدت بطلب منها، نجحت الجزائر في حثّ مجلس الأمن على تبني موقف بالإجماع رافض لكل مشروع يتضمّن التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، أصدر في بيان صحفي باسم كل أعضاء المجلس يوم ال 13 من كانون الثاني.
ثم، عادت الجزائر في ال 20 من شباط أي بعد شهر ونيف من مبادرتها الأولى، إلى اقتراح مشروع قرار هذه المرة طالب بـ"وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية ورفض التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين".
ورغم أنّ مشروعها أجهض بفيتو أمريكي، إلا أن الجزائر أصرّت على عقد جلسة رسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة في 04 آذار 2024 خصّصت لمناقشة هذا النقض الجائر وفسح المجال أمام أعضاء الجمعية لمحاسبته "أخلاقياً".
ولم يمنع فيتو الولايات المتحدة الجزائر من استكمال النضال في سبيل استصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة، ولم تبرح سعيها باسم كتلة الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي (E10) في سبيل مبتغاها إلى أن كلّل بصدور القرار رقم 2728 القاضي بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى سكانه وإطلاق سراح الرهائن.
بالتزامن مع هذا، دعت الجزائر مع الأردن إلى عقد جلسة لمجلس الأمن نوقشت فيها التحديات التي تواجهها "وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" (الأونروا) في ال 18 من نيسان الماضي أعلنت خلالها الجزائر تقديم مساهمة مالية استثنائية لهذه الوكالة قدرها 15 مليون دولار.
يذكر أن قوات الاحتلال “الإسرائيلي تشن ” منذ ال 7 من تشرين الثاني الماضي حربًا مدمرة على قطاع غزة، أسفرت عن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين إلى جانب تهجير مليوني نسمة وتدمير واسع جدًا في المنازل والبنى التحتية طال أكثر من 70 % من المباني، مع حصار مشدد وأزمة إنسانية خانقة ومجاعة غير مسبوقة وخاصة في غزة وشمالها.
ولليوم 281 على التوالي يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد 38 ألفا و345 شهيدا، وإصابة 88 ألفا و295 آخرين، إلى نزوح نحو 1.9 مليون شخص من سكان القطاع، حسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.
ويواصل كيان الاحتلال الإسرائيلي هذه الحرب متجاهلا قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.