الوقت - أعلنت القيادة المركزية للولايات المتحدة (سنتکوم) مؤخراً أنها قامت ببناء رصيف عائم بتكلفة 320 مليون دولار لإرسال المساعدات إلى غزة، وقد بدأ تشغيل هذا الرصيف.
في الوقت نفسه، انتقدت جماعات الإغاثة بناء هذا الرصيف باعتباره إجراءً مكلفًا وغير فعال، مشددة على الطريق البري باعتباره الطريقة الأكثر كفاءةً والأفضل لمساعدة غزة.
كيف يعمل الميناء البحري الأمريكي؟
يتكون المشروع من جزأين، ميناء بحري عائم سيكون نقطة الدخول الأولى لتوصيل المساعدات، ورصيف بحري بطول 550 مترًا (1800 قدم) يرسو قبالة الشاطئ.
سيتم جمع المساعدات وتفتيشها في قبرص بحضور القوات الصهيونية، ثم يتم نقلها إلى الرصيف بواسطة سفينة شحن، وتصل هذه المساعدات إلى الميناء البحري بعد رحلة بحرية تستغرق 15 ساعة، ويتم تفريغها في الرصيف العائم.
وسيتم بعد ذلك نقل المساعدات على متن شاحنات بواسطة سفن شحن إلى ساحل غزة، وحسب مصادر أمريكية، فمن المتوقع أن تدخل إلى غزة يومياً بعد انتهاء هذه العملية 150 شاحنة.
تحديات الرصيف البحري الأمريكي
حسب مقال الكلية الحربية البحرية الأمريكية، تتوقف الأرصفة البحرية عن العمل في أيام الطقس السيئ، لأن البحار الهائجة تبطئ حرکة السفن، أو أن سرعة الرياح التي تزيد على 24 كم/ساعة (15 ميلاً في الساعة)، تجعل من المستحيل استخدام الرصيف.
وحتى في وقت سابق من هذا الشهر، اضطرت القيادة المركزية إلى إيقاف تجميع الرصيف بسبب الرياح العاتية وأمواج البحر العالية، ويتطلب المشروع أيضًا خدمات لوجستية وأمنية معقدة مع أجزاء وتفاصيل متحركة، لم يتم الانتهاء منها بعد.
وقالت سارة شيفلينج، نائبة رئيس معهد في مجال الخدمات اللوجستية الإنسانية وإدارة سلسلة التوريد في فنلندا، لقناة الجزيرة: إن تكلفة ومخاطر طريقة المساعدة هذه مرتفعة للغاية، كما أنه من غير الواضح من سيكون مسؤولاً عن توزيع المساعدات، ومن سيضمن سلامة عمال الإغاثة وتوزيع المساعدات.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية يوم الخميس الماضي: إن الأمم المتحدة ستتلقى المساعدات وتنسق توزيعها في غزة، إلا أن القيادة المركزية لم تحدد ما إذا كانت هذه الطريقة ستكون في كل أنحاء غزة أم لا.
وفي الماضي، هاجم الصهاينة قوات الإغاثة في عدة حالات، والآن ليس من الواضح ما إذا كان سيتم ضمان عمل منظمات الإغاثة في غزة أم لا، ومنذ بداية الحرب على غزة، هاجم الجيش الإسرائيلي قوافل وأماكن عمال الإغاثة في غزة ثماني مرات على الأقل، وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن أياً من منظمات الإغاثة لم تتلق تحذيراً قبل هذه الهجمات.
وفي الشهر الماضي، هاجم الکيان الإسرائيلي قافلةً تابعةً لمنظمة المطبخ المركزي العالمي، كانت توزع الغذاء في غزة، وقتلت سبعة من عمال الإغاثة.
لماذا يعتبر المشروع مثيراً للجدل؟
كانت هناك انتقادات عديدة لإجراء أمريكا بناء رصيف بحري لتقديم المساعدات لقطاع غزة:
حرف الرأي العام عن الحصار المفروض على قطاع غزة: انتقد الكثيرون بناء أمريكا رصيفاً بحرياً باعتباره بديلاً مكلفًا للمساعدات البرية، حتى إن بعض نشطاء حقوق الإنسان قالوا إن الولايات المتحدة ومن خلال إنشاء هذا الرصيف البحري، تحاول صرف الانتباه عن الحل الأكثر ملاءمةً والأبسط بكثير، وهو الإغاثة عن طريق البر.
هذا على الرغم من أن الكثيرين طالبوا بالضغط الأمريكي على الکيان الإسرائيلي لرفع الحصار عن غزة، وربما يمكن بشكل ما تسمية إطلاق هذا الرصيف البحري كشكل من أشكال إضفاء الشرعية على الحصار المفروض على غزة.
واتهمت محكمة العدل الدولية تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، في إطار قضية رفعتها جنوب أفريقيا ضد الکيان الإسرائيلي، وطالبت بإعادة فتح المزيد من المعابر البرية في غزة.
إجراء سياسي لبايدن: من ناحية أخرى، وصف البعض بناء هذا الرصيف بأنه خطوة سياسية من قبل البيت الأبيض، ففي أمريكا، هناك انتقادات كثيرة حول دعم البيت الأبيض للکيان الإسرائيلي في جرائم الحرب في غزة، ويبدو أن جو بايدن قد وضع بناء هذا الرصيف على جدول الأعمال من أجل تخفيف الضغط والعبء النفسي عليه.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب ألقاه في مارس/آذار: إن الرصيف "سيستقبل شحنات كبيرة من الغذاء والماء والأدوية والمأوى المؤقت لغزة التي مزقتها الحرب"؛ وهو إجراء يتم تقييمه بالأساس على أنه محاولة لكسب رضا الرأي العام في أمريكا، من القاعدة الشعبية للحزب الديمقراطي للانتخابات المقبلة في هذا البلد.
هذا في حين أن واشنطن قدّمت للصهاينة مساعدات بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى أسلحة عسكرية للحرب ضد غزة، وبناء رصيف لغزة في الوقت نفسه الذي يتم فيه إرسال أسلحة للحرب ضد غزة، ليس له ما يبرره.
رفض الفلسطينيين للإجراء الأمريكي: من ناحية أخرى، في المنطقة، وخاصةً في صفوف قوى المقاومة الفلسطينية، هناك نظرة سلبية لأداء أمريكا باعتبارها الداعم المالي والتسليحي الرئيسي للکيان الإسرائيلي في الحرب ضد غزة.
لقد طالب الفلسطينيون بطرد جميع القوات الأجنبية من غزة، ومن غير المرجح أن يرحب أي شخص في غزة بوصول القوات التابعة للولايات المتحدة لتقديم الإغاثة.
وكان الهجوم العسكري الإسرائيلي الغاشم على غزة، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 35 ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى منع وصول المساعدات الإنسانية منذ بدء الحرب في أكتوبر من العام الماضي، قد حوّل الوضع في قطاع غزة إلى كارثة إنسانية.
حتى أن بعض فصائل المقاومة تحدثت عن إمكانية استهداف المصالح الأمريكية في الرصيف البحري، وبالتالي يبدو أن الفصائل الفلسطينية لا تتقبل السلوك المزدوج للولايات المتحدة التي تدعي مساعدة فلسطين.