الوقت- عندما تبرز تحذيرات الفصائل الفلسطينية من تعديات الغزاة الإسرائيليين على مدينة رفح، تنطلق صرخة كبيرة تحذر من كارثة إنسانية وتهديد للأمن القومي لفلسطين ولكل الدول العربية، ويتساءل الكثيرون عن ماهية هذه التحذيرات، وما الأسباب وراءها، وما العواقب المحتملة؟، وتحليلاً لهذا السياق، نجد أن الوضع في غزة، وخاصة في رفح، قد بلغ مرحلة حرجة للغاية، فالهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة تستهدف مناطق سكنية ومدنية، ما يعرض حياة المدنيين الفلسطينيين للخطر المباشر، إلى جانب ذلك، فإن حصار القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية يخلق أزمة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم، ما يفرض حاجة كبيرة لانتفاضة مختلفة.
الانتفاضة ضرورة مُلحّة
التاريخ يشهد على أن الشعوب والجماهير قادرة على تحقيق التغيير والمقاومة، حتى في وجه القوى العظمى والاحتلال، ما شهدناه في السنوات الأخيرة يبرهن على أن الإجراءات التي اعتبرها البعض غير فعّالة، قد تكون في الواقع الحل الحاسم والفعّال، وفي الأراضي المحتلة، شهدنا موجات من الانتفاضات والاحتجاجات التي أثبتت قدرة الشعب الفلسطيني على المقاومة وصموده رغم الظروف الصعبة، كما أظهرت الحركات الشبابية والفعاليات السلمية داخل البلدان الإسلامية والجامعات الغربية قوتها وتأثيرها في تسليط الضوء على قضية فلسطين وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية.
وفي سياق الحرب الحالية على غزة، فإن تكثيف هذه التيارات والانتفاضات قد يكون له تأثير كبير وفعّال، فالضغط الشعبي والدولي قد يجبر الاحتلال الإسرائيلي على وقف العدوان ورفع الحصار عن القطاع، وهو ما يشكل خطوة مهمة نحو المحاسبة وتحقيق السلام والعدالة في المنطقة، ومن المهم أن نفهم أن القوة الحقيقية تكمن في الوحدة والصمود، وهذا ما أظهرته الشعوب والجماهير في الأراضي المحتلة وفي الدول الإسلامية والجامعات الغربية، فالتضامن الدولي والدعم المتبادل بين الشعوب قد يكون لهما دور حاسم في تغيير مسار الأحداث وتحقيق النصر على الظلم والاحتلال.
وبالتالي، يجب على الجميع أن يستمر في دعم القضية الفلسطينية والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال التضامن الشعبي والدولي والضغط على الحكومات والمؤسسات لاتخاذ إجراءات فعّالة لوقف العنف وتحقيق السلام والعدالة في المنطقة، وإن دعوة الفصائل الفلسطينية لانتفاضة كبرى مناهضة للصهيونية تأتي في سياق تصاعد العدوان الإسرائيلي وتصاعد الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة الذي يواجه حالياً تهديدات جديّة لسلامته ووجوده.
وتحت سيطرة الاحتلال العسكري الإسرائيلي، يواجه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي المناطق الأخرى إبادة وتهميشاً وقمعاً متواصلاً، وتتعرض حياتهم ومصادر رزقهم للتهديد المستمر، وفي ظل هذه الظروف القاسية، تعتبر الانتفاضة مناهضة للصهيونية وسيلة مهمة للشعب الفلسطيني للدفاع عن حقوقه وكرامته والمطالبة بالحرية والعدالة، وإن الانتفاضة تعتبر أداة فعّالة للتصدي لسياسات الاحتلال العدوانية والاستيطانية، وللتعبير عن إرادة الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المسلوبة وتحقيق الحرية والكرامة، بالتالي، فإنها تشكل الحل الوحيد الذي قد يعيد الأمل والشرعية للقضية الفلسطينية، وينقذ شعب غزة وفلسطين بأسرها من الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني.
ومن خلال التصعيد الشعبي والمقاومة السلمية والمسلحة، يمكن للانتفاضة أن تجعل أعباء الاحتلال أقل بكثير، وتضغط على المجتمع الدولي للتحرك لوقف الانتهاكات وحماية الشعب الفلسطيني، ومن الجدير بالذكر أن الانتفاضات السابقة في تاريخ فلسطين قد أثبتت فعاليتها في تحقيق الانتصارات وتحرير الأراضي المحتلة، وبالتالي، يجب على الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي دعم وتعزيز هذه الدعوة للانتفاضة كحل وحيد للأزمة الحالية ولإنقاذ الشعب الفلسطيني من المزيد من الإبادة الجماعية والاستيلاء على أرضه وحريته.
ومع تصاعد التوتر في الأراضي المحتلة، كان من المتوقع بداية مرحلة جديدة من المواجهة، والتي قد تصل إلى أعمال عنف وصدام مسلح، وإن تصريحات نتنياهو ورفضه المطالب الدولية بإيقاف الحرب وحملاته على الشعب الفلسطيني تعكس موقفاً صارماً يرفض السلام ويفضل المواجهة العسكرية الدامية، وفي ظل هذه الظروف، فإن الشعب الفلسطيني يتعرض لانتهاكات مستمرة ومتواصلة، ويواجه تهديداً متزايداً لأرضه وحقوقه، وبالتالي، يجد الشعب الفلسطيني نفسه مضطراً للدفاع عن أرضه وحقوقه بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك التصعيد الشعبي والمقاومة المسلحة.
وإن الانتفاضة المتوقعة تعكس إرادة الشعب الفلسطيني وأحرار العالم في مواجهة الاحتلال والدفاع عن كرامته وحقوقه، وبالفعل، فإن الانتفاضة تعتبر الحل الوحيد للشعب الفلسطيني لإظهار قوته وإرادته أمام الاحتلال والمستوطنين الصهاينة، وتصريحات نتنياهو وسياسته العدوانية تجعل من الواضح أن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد السلام ولا يسعى لحلول سياسية، بل يفضل المواجهة واستخدام القوة لتحقيق أهدافه الإرهابية للتغطية على فساده ودمويته.
لذا، يجب على أحرار العالم والقوى الداعمة للسلام والعدالة أن يدعموا الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وحماية حقوقه، وتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، وإن الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الصعبة يعكس التزاماً حقيقياً بقيم العدالة والإنسانية.
الحاجة إلى الدعم العربي ّوالدوليّ
من الواضح أن الهجمات على رفح تأتي في سياق المساعي الإسرائيلية لضرب البنية التحتية الفلسطينية وترويع السكان المدنيين، وربما في إطار أوسع يستهدف تقويض إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته، وعلى الرغم من مرور أكثر من 200 يوم على حرب العدوان الإسرائيلي الأخيرة، إلا أن الوضع لم يتحسن بل على العكس، فالتصعيد العسكري يبدو أنه مستمر وبشكل متصاعد، والدليل أعداد الضحايا والكارثة الإنسانيّة.
ولا شك أنّ المقاومة الفلسطينية تستجيب بالمثل، حيث تصدت لمحاولات الغزو والتمرد على رفح، مؤكدة بذلك استعدادها لحماية الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه، وفي هذا السياق، يبرز دور المجتمع الدولي، وخاصة الدول العربية والإسلامية، في وقف هذه الانتهاكات والضغط على كيان الاحتلال الغاصب لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، ومن الضروري أيضًا استنكار الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي لممارسات الكيان العدوانية، وتقديم الدعم السياسي والمعنوي والمادي للشعب الفلسطيني في مواجهة هذه التحديات.
وفي الوقت الذي يجب على العالم أن يتذكر أن القضية الفلسطينية ليست قضية فلسطين فقط، بل هي قضية عدالة وحقوق إنسانية تتعلق بالجميع، وعلى الجميع أن يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الظلم والاحتلال، تأتي مسؤولية المجتمع الدولي على رأس الأولويات في ظل هذا الوضع المتوتر، حيث ينبغي على الدول والمنظمات الدولية اتخاذ خطوات فعّالة لوقف العنف وإحلال السلام في المنطقة، يجب أن تضغط الدول العربية والإسلامية على الجهات الدولية لاتخاذ إجراءات جادة لحماية الشعب الفلسطيني والحفاظ على أمنه القومي.
ومن جانبها، تلعب الحكومات المعنية دوراً حيوياً في تقديم الدعم السياسي والمادي للشعب الفلسطيني، سواء من خلال تقديم المساعدات الإنسانية أو دعم المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، وفيما يتعلق بالمجتمع الدولي، ينبغي عليه أن يضغط على الاحتلال للالتزام بالقوانين الدولية ووقف انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، وذلك من خلال فرض عقوبات دولية على أغلب المسؤولين الإسرائيليين في انتهاكات القوانين الإنسانية الدولية وارتكاب جرائم إبادة جماعية.
وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تضمن الجهود الدولية تقديم الدعم اللازم لإعادة إعمار البنية التحتية في غزة ورفح، وتوفير فرص العمل والحياة الكريمة للمدنيين الفلسطينيين الذين تأثروا بالحروب والهجمات الإسرائيلية المتكررة، ويتطلب حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حلاً سياسياً شاملاً يضمن حقوق الفلسطينيين ويحقق السلام والاستقرار في المنطقة، وهو الأمر الذي ينبغي على المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والمحلية التعاون في تحقيقه.